منذ فترة نشرت الهيئة العامة للاستعلامات احصائية أعدها اتحاد المصريين بالخارج عن عدد علماء مصر فى دول العالم وأنهم يبلغون 86 ألف عالم منهم 3 آلاف فى أمريكا وحدها.. وان كانت هناك تقديرات أخرى تفوق هذا العدد بكثير.. المهم ان بينهم رؤساء جامعات ومدراء مراكز بحثية وأساتذة يعملون فى مختلف المجالات والتخصصات.. صحيح انه فى السنوات الأخيرة بدأ الاهتمام بهم ودعوتهم لمؤتمرات وإلقاء محاضرات.. ولكن مازلنا لم نتحرك جديا للاستفادة من ابحاثهم وخبراتهم ونتاج أفكارهم ونترجمها إلى مبتكرات ومخترعات أو إلى حلول للعديد من المشاكل التى تواجهنا فى مختلف القطاعات.
نخشى ان يضيع الوقت فى مؤتمرات وحوارات ثم نتحسر عليهم بعد رحيلهم كما حدث مع الدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل فى الكيمياء والذى ظل يحلم بتحويل مشروعه العلمى إلى حقيقة حتى قضى عليه المرض الذى ربما أصابه من عدم تحمله للروتين والنزاعات والمهاترات التى عطلت المشروع سنوات أضاعت على مصر الكثير خاصة وانه تعهد باحضار علماء من الحاصلين على نوبل من أصدقائه لإعطاء خبراتهم لشباب الباحثين فى الاكاديمية التكنولوجية التى كان يريدها.. كما لم نعرف إلى الآن كيف نستفيد من الدكتور فاروق الباز الذى اصبح له «كويكب» باسمه فى الفضاء تكريما له و لإنجازاته العلمية.. بينما فى بلده نكتفى بدعوته لإلقاء محاضرات أو حضور مؤتمرات وندوات.. مع ان الأهم ان ندعوه هو وأمثاله من العلماء للمشاركة فى برامج ومشروعات بحثية ونُنشئ لهم المعامل والمختبرات ونوفر لهم الإمكانيات لتطبيق أفكارهم وابداعاتهم لتتحول إلى مخترعات وصناعات وابتكار طرق جديدة للزراعة والرى وعلاج الأمراض واكتشاف نظريات فى الاقتصاد وعلم الاجتماع وغيرها.
كان لدينا علماء أمثال الدكاترة ابراهيم سمك مصمم القبة الزجاجية للبرلمان الألمانى.. وهانى عازر بانى اكبر محطة سكة حديد فى أوروبا.. والدكتور أبو بكر الصديق عالم الرياضيات.. والدكتور مصطفى السيد الحاصل على أعلى وسام علمى فى أمريكا لأبحاثه فى النانوتكنولوجى.. ومثله الدكتور محمد النشائى الذى كان يحلم هو ايضا بعمل أكاديمية علمية فى مصر ولا ندرى ماذا حدث لمشروعه؟!
لا يقتصر الأمر على العلماء الرجال فقط.. لكن لدينا من السيدات من تفوقن أمثال الدكتورة هدى المراغى التى وصلت لأن تكون أول امرأة تتولى عمادة كلية هندسة فى كندا.. وغيرها الكثيرات فهناك الآف العلماء من الجنسين خرجوا من مصر بحثاً عن العلم ووجدوا المناخ المناسب فتفوقوا واجتهدوا ولم يكن طريقهم مفروشاً بالورود وانما اصبحوا بمجهودهم وعرقهم من خيرة الخبراء فى مجالاتهم وبعد أعوام من الغُربة أرادوا ان يردوا الجميل.. عرفنا بعضهم.. وسمعنا عن آخرين منهم.. ولم نشعر بأغلبهم إلا عندما نفاجأ بتكريمهم من هيئات دولية أو من الدول والجامعات التى يعملون بها فننتبه إليهم حيث لا يوجد لدينا حتى الآن احصائية شاملة بهم جميعاً وهو ما كانت تحاول انجازه وزيرة الهجرة السابقة.. ولا ندرى هل هذا الأمر مستمر أم رحل معها.. خاصة وان العديد من هؤلاء العلماء فقدناهم مؤخراً ورحلوا دون ان نسستفيد من علمهم؟!
هل سمعتم عن الدكتور الراحل «عبدالحليم عمر» احد أهم المهندسين فى العالم وفى كندا وقد جاء إلى مصر لحضور مؤتمر «مصر تستطيع» منذ أربعة أعوام وأجريت معه حوارا مهما وكان عنده آمال كبيرة وافكار متعددة يريد تطبيقها ولم يمهله العمر.. أو هل جاء أمامكم ذكر الدكتور هيثم شعبان ذلك العالم المصرى الذى كان حديث العالم منذ فترة بعد نجاحه فى عمل ميكروسكوب دقيق يُمكنه رؤية الـ»DNA» داخل الخلية البشرية مما يساهم فى تشخيص الأمراض الجينية وفى كيفية تحول الخلايا السليمة الى سرطانية.. ويعتبر الدكتور هيثم من أهم علماء المعهد السويسرى للتكنولوجيا بمدينة لوزان وله العديد من الابحاث باستخدام النانومتر.. والمهم ان المركز القومى للبحوث بدأ فى التواصل معه وهى خطوة تدعو للتفاؤل بالاستفادة من علمائنا فى الخارج.
.. وللأسف بينما يعرف شبابنا كل شىء عن لاعبى الكرة من أول يوم ميلادهم وحتى آخر هدف سجلوه.. وكما تعرف ربات البيوت تاريخ حياة الفنانين والفنانات.. فان أغلبهم لا يعلمون شيئاً عن اختيار مهندس مصرى ضمن أفضل علماء العالم.. حيث اختارت جامعة ستانفورد الأمريكية الدكتور يسرى حسن يسرى، الأستاذ فى كلية الهندسة فى جامعة مصر للمعلوماتية ، ضمن أفضل علماء العالم للعام الثانى على التوالى.. وجاء اسمه ضمن القائمة التى تضم أسماء أفضل 2٪ من العلماء الأكاديميين فى مختلف التخصصات لعام 2023.. وتضم القائمة أكثر من 160 ألف باحث من بين أكثر من 8 ملايين أكاديمى نشط فى جميع أنحاء العالم.. والمعروف أن جامعة مصر للمعلوماتية تأسست بالتعاون بين وزارتى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات و التعليم العالى والبحث العلمى .
.. ولدينا أيضاً علماء من الشباب مثل الدكتور عمر عثمان الذى حصل على الدكتوراة فى الهندسة التبادلية فى العشرين من عمره من جامعة فرنسية اختارته ليدرس بها ضمن أفضل 10 طلاب فى العالم.. واستطاع 3 شبان اختراع سيارة «برمائية» وقاموا بإنتاجها بمكونات محلية لتسير على الأرض وفى البحر وتحدثت عنهم وكالات الأنباء العالمية.. وقال كرم أمين «وهو أحد الثلاثة» إنهم يخططون لتصديرها إلى الخارج.. فهل قامت جهة بتبنى اختراعهم.. وفاز الشاب الدمياطى عمر البحيرى بالمركز الرابع عالمياً فى معرض للعلوم بأمريكا عن اختراعه لجهاز يراقب جودة المياه ويُعيد تكريرها.. فهل اتصل به رجل أعمال ليساعده فى إنتاج الجهاز وبيعه فى الأسواق خاصة أنه جهاز يعالج مشكلة هدر المياه التى أصبحنا فى أشد الحاجة لكل نقطة منها؟!
كما اختارت منظمة اليونسكو الدكتورة أمل قصرى العالمة المصرية لتتولى رئاسة قسم الابتكار وبناء القدرات فى العلوم الهندسية بمقرها فى باريس لتكون مسئولة عن وضع السياسات والإستراتيجيات للقيادة الفكرية وتقديم المشورة فى كيفية حشد العلوم والهندسة لمواجهة التحديات العالمية.. وهى متخصصة فى النانو تكنولوجى.. فكم برنامج إذاعى أو تلفزيونى استضافها؟!