يأتى الإنسان ذاته فى مقدمة العناصر التى تشكل حضارته وتدفعها إلى آفاق جديدة على اعتبار ان الاساس لسائر العناصر الاخرى من نظام واخلاق وعلم وفن لانه هو مبدع مناهجه وساليبه من قواعد وقوانين وعادات تحكم حياته الفردية والاجتماعية وتصوغ اطارها.. وعلى ذلك فبقدر ما يبذل المواطن لوطنه ومجتمعه من جهد خلاق وعمل مخلص بقدر ما يتطور الوطن ويخطو خطوات واسعة إلى الامام.. ومن هنا يبرز دور المرأة الخطير والجميل معا فى صنع مستقبل اسرتها ومجتمعها ووطنها.
إن التاريخ عرف الرجل لفترة طويلة بطلا للنشاط الانسانى والحضاري.. لكن المرأة كانت وستكون دائما هى صانعة الرجال والابطال.. ومن ثم التاريخ كل ما فى الامر ينبغى البحث عن دورها ولن يكون ذلك مطلبا عسيرا.. ما دمنا نعرف ان المرأة هى ام الرجل واخته وابنته وزميلته.. بل انها هى محور العواطف الانسانية وليس كما وصفها بعض الرجال المتحاملين بأنها متقلبة لا أمان لها.
يغريها البريق واكثر دموعها من البصل المهم انه مادامت العواطف تلعب فى حياة الانسان والمجتمع ابلغ الادوار فان توظيفها يكون عامل دفع لتقدم المجتمع واستقراره وسعادته.. وان كان ذلك يستلزم بالضرورة جهدا مضاعفا من العلماء والباحثين فى معرفة دقائق هذه العواطف الانسانية وتصنيفها ثم تحديد مسار لها بما يخدم العمل والانتاج ويعود على المجتمع بأجمل الفوائد المعنوية.. ثم ان ذلك يتطلب فى الوقت نفسه ما يمكن ان نسميه عملية برمجة لهذه العواطف بمعنى حصرها وتحديد صلاحيتها فى اطار العلاقات الاجتماعية المتصلة بسلوك الفرد.
فإذا كانت المرأة محور العواطف الانسانية فالأم هى مصنع العواطف وهى الاختيار الربانى فالعطاء والعواطف والحنان هى العطاء التى عرفها الانسان من المرأة هى المصدر الاول لها فهى الاساس الذى تقوم عليه نهضة المجتمع وبنظرة فاحصة نجد الام صورة لكيفية ادارة العواطف.. الام تحب ابناءها صحيح وهى مسيرة نحو دورها كراعية للحياة من خلال الابناء ولكن هل يعنى هذا ان جميع الامهات متساويات بلا فارق بين ام وأخرى.
الواقع انهن لسن كذلك لآن نتائج ادوارهن تختلف من ام لأم الحب واحدة والرعاية واحدة.. لكن النتيجة تختلف من ام لاخرى فلا ينشأ الاولاد على نمط واحد من حيث حسن التربية وقوة الاخلاق وانضباط السلوك.
والمسئولية بوجه عام غير مسئولة عن الام فقط بل بجوارها الاب والمجتمع مشاركين فى هذه المسئولية ولا نغفل استعدادات الابن وتقبلاته والنتائج تتحدد بقدر وعى الام ومهارتها وعواطفها وقدرتها على المنح والمنع حسب الصواب والخطأ فى سلوك؛ الابناء بما يقوم ويفيد وهذا ما جعلنا فى المجتمع نجد ابناء يتولون رعاية الام والاب عند الكبر بشكل أكثر من جيد.. وابناء وبنات آخرين يطردون الام من البيت الذين تربوا فيه بل نجد أيضا ابناء يقتلون الام بلا مبرر سوى الحصول على نقود ومن اجل فتاة أخرى تزوجها ويريد تكوين بيت حتى ولو كان ليس فى مقدرة الام.
الام الواعية هى مديرة لأخطر مواقع الانتاج والاستثمار المتمثلة فى الانسان والتى بها نبنى المجتمعات وتزدهر الحضارات.