أصل المسلسلات انها موجهة للبيوت، هكذا بدأت حتى فى أمريكا، ثم وصلت إلينا، مع دخول التليفزيون عام 1960 إلى بلادنا، وكان اللجوء إلى الإذاعة والمسرح ضرورة لابد منها، لأن السينما لها «سكة مختلفة»، والناس تذهب إليها بكامل إرادتها واختيارها وتدفع، ولكن المسلسل حتة من البيت، وفى ظل الأمية الموجودة عرف الجمهور كبار الأدباء عندما تحولت أعمالهم المكتوبة إلى فيلم ومسلسل ومسرحية وإذاعة يستطيع الكل أن يسمع ويرى بمنتهى البساطة.
وفى هذا العام وبعد 64 عاماً، تعلن الدراما الاجتماعية العاطفية انها حاضرة ومطلوبة، وما أكثر مشاكل البيوت والقلوب سواء عند سكان الكومبوند أو المساكن الشعبية، لأن المشاعر الانسانية لا خلاف فيها بين هؤلاء وهؤلاء، ويجب أن نعترف بأن كل المسلسلات مهما اختلفت فى حكاياتها فيها جوانبها الاجتماعية والعاطفية، لكنها عندما تكون فى أجواء من الكراهية والعنف الزائد تفقد قيمتها وتتراجع، لأن الصراعات تأخذ العين أكثر من هموم القلب والمواجع العاطفية، وهى تشغل حياتنا بين الآباء والأمهات والأبناء والوالدين، وبين العائلات بعضها البعض، وتظل هذه النوعية من المسلسلات هى الأقرب إلى المزاج العام سواء تمت معالجتها فى إطار كوميدى »أشغال شقة، عقبال عندكو، الكابتن، شهادة معاملة أطفال، عايشة الدور.
تقابل حبيب
قالت لى كاتبة أدبية كبيرة أحترم رأيها إن الأماكن التى تم تصوير مسلسل »تقابل حبيب« تبدو غريبة على غالبيةالمجتمع المصري، وقد جنت بشكل أو بآخر على اهتمام الغالبية به وهو عمل اجتماعى فيه موضوع مهم تمت معالجته بشياكة واحترافية بتوقيع الكاتب الموهوب عمرو محمود ياسين، وأهم ما فيه هذا التوازن بين الأخين، كلاهما على طرف النقيض من أخيه، مما أعطى للموضوع سخونة بعيداً عن الشكل المعتاد، وأفضل ما فيه أنه مضى بإيقاع هادئ باستثناء أداء نيكول سابا المبالغ فيه، ولو أن الدور يناسبها على عكس من ذلك كانت الأدوار الرئيسية فى محلها، أنوشكا، صلاح عبدالله، خالد سليم، ياسمين عبدالعزيز، كريم فهمي،والمؤكد أن والدراما المصرية قوية وراسخة فى الخبرة.
إقبال غالبية الجمهور على المسلسل، خاصة السيدات والبنات، يعكس رغبة المتفرج فى عمل يخاطب مشاعره، والقلوب هى القلوب بصرف النظر عن طبقات ومناصب أصحابها.
استردت ياسمين الكثير مما فقدته مع العوضى واللعب مع »وحش الكون«، فهذه الجملة قد تصنع التريند، لكنها أبداً لا تتقدم بالممثل ولا تعيش معه لأنها مجرد نكتة تغطى عليها نكتة أحدث، وهو ما يلعب عليه للأسف أغلب أبطال مسلسلات العضلات والجبروت والفرعنة الكذابة.
يأتى أداء كريم فهمى وتكون شخصيته كما رسمها المؤلف لكى تأخذ المسلسل إلى منطقة جاذبة للجمهور، وعمرو ياسين له إمارات وإشارات فى سوابقه الدرامية، أهمها »نصيبى وقسمتك«، ولعل هذا النجاح الذى حققه هذا المسلسل يؤكد ما نقوله مراراً وتكراراً، ابحثوا عن المؤلف الجيد، يتحقق لكم نصف النجاح الذى يكتمل بنجوم العمل ومخرجه »محمد الخبيري« وعناصره الفنية وأبرزها موسيقى عادل حقى وصوت إليسا فى المقدمة، وقد حاول الثنائى بدرية طلبة وإيمان السيد إضافة لمحة كوميدية وراجع ذلك لأن المسلسل 30 حلقة والمؤلف يحتاج إلى الاحتفاظ بأوراقه المهمة المشوقة إلى اللحظات الأخيرة ويريد أن يعوضها بخط إضافي.
قلبى ومفتاحه
الثنائى مى عزالدين وآسر ياسين، يمكن أن يعطيا للمتفرج الثقة فى مسلسل جيد عنوانه يدل على نوعيته ويكمل المثلث بوجود مخرج يعرف قيمة النص وقد يتدخل فيه حتى تكتمل رؤيته للعمل وهو ما يعنى عدم ثقته بسهولة فى أغلب الموجودين وبما لا يناسب قدراته كمخرج اسمه فى طليعة أبناء جيله بسوابق أعماله، وقد جاء غيابه فى الفترة السابقة لصالحها، فقد اشتاق الجمهور إليها وهو أيضا ما نحذر منه، الوجود أمام الناس 24 ساعة مثل اجزاخانة الاسعاف، فهو ما يرفع الرصيد المادى لكنه يهبط بالرصيد الفنى ويساوى بين فلان وعلان، ونلاحظ ذلك فى البطولات الجماعية بعد أن انتهى عصر النجم الكفيل وحده ببطولة العمل.
ميزة تامر أنه لا يقدم فى هذا المسلسل قصة الحب فى إطارها العاطفي، بل يأخذها فى أجواء غريبة، حيث تتشابك العلاقات وهو يجيد رسم الشخصيات بعناية وهو ما فعله مع الكاتبة مها الوزير التى شاركته فى التأليف وأدهشنا محمود عزب وأشرف عبدالباقي، والعلة الوحيدة التى وقفت فى وجه المسلسل لكى يحصد النجاح أكثر أن فكرة المحلل سبق وأن قتلتها السينما المصرية بحثاً مع أنور وجدى وإن كان أشهرها مع عادل إمام وفؤاد المهندس »زوج تحت الطلب«، وإن كانت المعالجة مختلفة بما يتفق مع اختلاف الفيلم عن المسلسل والزمن عن الزمن.
حسبة عمري
لا يمكن تصنيف هذا المسلسل على أنه كوميدى أو اجتماعي، لكنه يحمل هذه وتلك، والمواقف فيه مختلفة وعادت به روجينا إلى الدراما العائلية، ويؤدى عمرو عبدالجليل دوره ببراعة، فهو لا يتعمد الإضحاك، ووجود محمد رضوان بجواره وهو فنان قدير أعطى مساحات لكوميديا سهلة من وحى المواقف، لكن اختيار زينة منصور فى دور المحامية لم يكن فى محله وقد ارتبطت بدور اللعوب حتى التصق بها، وكانت النقلة واسعة، رغم انها محامية »لبط« ويأتى اسم المخرجة مى ممدوح لكى تعلن عن نفسها بقوة وقد عملت كمساعدة فى أكثر من عمل أبرزها سجن النساء مع كاملة أبوذكرى وهى مدرسة ومرحباً بها مع طابور مخرجات الدراما.
الأميرة
لم أفهم أن يكون عنوان المسلسل »الأميرة« ثم أسفله عنوان آخر »ضل حيطة« الأمر الذى يعكس عدم الثقة فى كل عنوان على حدة، وهو ما ينعكس على انطباع القارئ أو المشاهد، فإذا قلنا الأميرة فهم فى ذلك يمضون فى الموضة السائدة بأن ينعكس اسم المسلسل على بطلته، وهى بدعة عادل إمام »الأستاذ، رئيس القسم، العراف، صاحب السعادة، الزعيم«.
ومشكلة ياسمين صبرى انها تهتم بمظهرها على حساب الشخصية التى تلعبها فعندما تكون أمها ست بسيطة »وفاء عامر« نراها هى شكلاً وموضوعاً فى مستوى آخر أعلى مما تعيشه، وقد نقبل هذا عندما ترتبط بالمحامى الثرى »نقولا معوض« ويجب على ياسمين صبرى أن تكون خادمة للشخصية التى تلعبها لكن طوال المسلسل بمكياج لا يتغير 24 ساعة، هذه نوعية قد نراها فى عروض الأزياء وليس فى الدراما أو مسابقات ملكات الجمال، ومع ذلك هى ممثلة لطيفة والعمل به مواقف درامية وشخصيات متنوعة فى نص الكاتب محمد سيد بشير، لكن القاعدة فيها أن خدمة ياسمين أولاً وثانياً وثالثاً ثم خدمة القصة بعد ذلك.