فوق السفوح الغربية لجبال الأورال الفاصلة بين آسيا وأوروبا و حول نهر فولجا الشهير الذى ينبع من مرتفعات فالداى ويصب فى بحر قزوين تقع جمهورية تترستان وتحتضن عاصمتها التاريخية “ كازان “ هذه المدينة التى تبعد عن العاصمة الروسية موسكو بحوالى 888 كم يمكن ان تقطعها بالطائرة فى ساعتين وبالقطار السريع أربع ساعات اما بقطار النوم الهادئ والذى يفضله البعض –وانا منهم – ليقطع المسافة فى حوالى 12 ساعة من الراحة والبهجة والمتعة ، كنت قد وصلت إلى موسكو وأمضيت فيها ليلة كنت أبحث فيها عن اجابات لأسئلة كثيرة راودتنى وانا فى مطار القاهرة، ما مدى تأثر روسيا الدولة بالحرب الاوكرانية ؟ ما هو تأثير الحرب على حياة الناس ومعايشهم ومعنوياتهم ؟ هل هناك حالة توافق واتفاق جمعى على ضرورة واهمية الحرب ؟ ماذا عن شعبية الرئيس بوتين وهل تأثرت بقرارات الحرب ومساراتها حتى الآن ؟ ولماذا اختار بوتين جمهورية تترستان وعاصمتها قازان لاستضافة قمة مجموعة بريكس بمشاركة واسعة وربما غير مسبوقة ؟ الحقيقة لم أجد أثرا للحرب لا على المكان ولا ساكنيها فالحياة طبيعية جدا، المسارح مفتوحة والفن يفرض نفسه على الشارع الروسى دون عوائق، فرغم المقاطعة غير المسبوقة إلا ان روسيا تبقى دولة كبيرة قادرة على ان تعيش وتنمو بمواردها الطبيعية الهائلة فالمياه والبترول والغاز سر الحياة والتاريخ لا يمكن هزيمته بأى حال من الأحوال، أما سر اختيار كازان عاصمة تتر ستان لاستضافة قمة بريكس، فربما لا يعرف الكثيرون عن تترستان إلا بعض المعلومات المشوهة تاريخيا، لكن الحقيقة ان التتر هم أحفاد بلغار الفولجا وكانت بداية إنشاء وتكوين هذه المنطقة التى يطلق عليها تترستان يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، حيث قامت على انقاض دولة البلغار، ثم جاء المغول ليحتلوا تلك البلاد ويسيطروا عليها تماما ويحدث التزاوج والمصاهرة بين المغول والتتر وتذوب القوميات والإثنيات داخل المجتمع إلى ان دخل الإسلام فى نفس العام الذى زارها الرحالة والعالم الشهير “ أحمد بن فضلون “ بأمر من الخليفة العباسى المقتدر بالله، وقع الغزو المغولى للتتر فى عام 1237 واستمر إلى ان تفككت الإمبراطورية المغولية فى النصف الثانى من القرن الخامس عشر وانقسمت إلى أربع قبائل كانت أهمها القبيلة القازانية نسبة إلى منطقة “ قازان “ ومع بدايات القرن السادس عشر تمكن القيصر الروسى الشهير “ إيفان الرهيب “ من حصار المنطقة وإسقاط حكم “ القبيلة القازانية “ وقام بضم اقليم تترستان إلى الاتحاد السوفيتى وبعد تفككه استمرت جمهورية داخل الاتحاد الروسى وفقا لاتفاقية وقعت بين موسكو وكازان، اليوم يقع اختيار الزعيم الروسى بوتين لتلك العاصمة لاحتضان واستضافة تجمع بريكس وقمته المهمة فى رسالة واضحة ان التنوع العرقى والثقافى والحضارى يمكن مزجه فى وعاء صحى حتى يستفيد الجميع ونكمل غدا .