لن أتحدث كثيرا عن عمق العلاقات المصرية الكويتية ولا عن التفاصيل التاريخية التى جمعت شعبى البلدين فى الملمات والمسرات، فهذا كله مدون ومسجل فى كتب التاريخ ومحفور فى ذاكرة الناس، لكننى سأقف قليلا امام تلك السطور المضيئة التى مازالت تجعل مصر والكويت معا على الطريق ،لمحة خاطفة عن التلاحم وقت الأزمات ففى يوم 28 مايو 1967، وقف الشيخ سعد العبدالله الصباح وزير الدفاع الكويتى آنذاك ليقول بأعلى صوته «انتهى وقت الكلام وحان وقت العمل».
>>>
فصدر الأمر الأميرى بتعيين الزعيم صالح الصباح نائب رئيس هيئة الأركان العامة قائداً للواء اليرموك الذى تم تشكيله للمشاركة مع مصر فى حربها ضد اسرائيل وكان حجم وتسليح هذا اللواء يمثل ثلث الجيش الكويتى حينئذ، قسم القادة المصريون جبهة سيناء عشية حرب يونيو 1967م إلى المحاور الثلاثة الشمالى والأوسط والجنوبي، حيث تم وضع القوات الكويتية فى مدينة رفح، وطلبت القيادة المصرية تحريك القوات الكويتية بأسرع وقت ممكن إلى منطقة رفح فى قطاع غزة وتم تشكيل فريق استطلاع بالهيلوكبتر.
>>>
تحرك فى يوم 4 يونيو 1967م للجبهة وكان مشكلاً من العميد صالح الصباح والمقدم سعدى مطلق والمقدم محمد البدر، وكانت رفح هى نقطة حشد القوات الكويتية وقد أعدت القوات المصرية قطارا لنقل الأفراد إلى مدينة رفح حيث غادر إلى الخطوط الأمامية مساء 4 يونيو، حيث صدرت الأوامر لكتيبة بقيادة العقيد عبدالله الغانم ومعه الرائد عمر زعيتر بالتحرك بذلك القطار. وبعد مغادرة القطار الأول بدأ تجهيز القطار الثانى وهو قطار بضائع لحمل المعدات الثقيلة المكونة من مدافع كومبات بالإضافة إلى آليات سحب روسية لسحب المدافع الكويتية.
>>>
استمرت مشاركات الكويت فى حرب الاستنزاف ثم حرب اكتوبر واختلط الدم المصرى بالدم الكويتى فى ساحات النضال، وكانت مصر اول دولة تسعى وتدعم استقلال الكويت وتعترف بها وتساهم فى انضمامها إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة، الوقوف ضد احتلال العراق للكويت والمسارعة فى نقل قواتها المسلحة الى الخليج لتحرير الكويت، إذن نحن امام تاريخ حافل بالنضال والكفاح والتعاون لا يمكن ان يتجاهله إلا جاهل او مغرض، لذلك تأتى الظروف الإقليمية الراهنة كاشفة لمعادن الدول والأمم والشعوب.
>>>
وكانت مصر ومعها شقيقتها الكويت فى طليعة الدول الواعية بمخططات إسقاط المنطقة فى حروب وصراعات وإعادة تشكيل المنطقة وفق أهواء ورغبات القوى الاستعمارية الجديدة، لذلك جاءت زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل العام الماضى إلى القاهرة بمثابة اعادة رسم خريطة العلاقات بين البلدين الشقيقين وتأتى زيارة الرئيس السيسى إلى الكويت هذا الأسبوع فى نفس السياق والإطار الاستراتيجى لإعادة فاعلية وحيوية العلاقات العربية- العربية.
>>>
فلا يمكن ان تختزل العلاقات بين الدول فى زاوية واحدة ويتم تجاهل باقى الزوايا، كما لايمكن تقييم العلاقات الحالية بمعزل عن التاريخ وأحداثه الثرية بحكايات لا يعرفها كثير من الناس، وهنا اعترف ان هناك قصورا إعلاميا فى تسليط الضوء على ما خفى من احداث وتفاصيل تجمع ولا تفرق، تبنى ولا تهدم، تمد جسور العلاقات ولا تقطعها، الملفت ان هناك من يحاول اختلاق احداث فردية تحدث فى كل مكان وزمان وحتى داخل البيت الواحد لتعكير صفو العلاقات بين الدول.
>>>
ويكون هناك حالة استقطاب عبر وسائل التواصل الاجتماعى وينبرى الغوغائية وتتمترس خلف شاشات الهواتف واجهزة الحاسوب جحافل الاخوان ومن على شاكلتهم محاولين احداث فتن واثارة نزعات عنصرية، لكن الواجب ان ننتبه جميعا ونفوت الفرصة على كل المتآمرين فالدول لا تدار علاقاتها عبر السوشيال ميديا ولا يجب ان تكون، تحية من القلب للكويت الشقيق ذلك البلد الحبيب الذى اختلطت دماء قواته المسلحة بتراب مصر الغالى لتحرير سيناء كما اختلطت دماء المصريين لتحرير تراب الكويت.