دباغة الجلود من الصناعات التى اشتهرت بها مصر القديمة حتى الآن وحققت شهرة واسعة وطفرة عالية فى الاستخدام المحلى ونقلة كبيرة فى التصدير، حيث تحتل المرتبة الخامسة بين القطاعات الصناعية المؤثرة فى الناتج المحلى ليتصدر شعار «صُنع فى مصر» دولاً عديدة تصلها منتجات الجلود المصرية لتنافس وبقوة شديدة صناعات أخرى..تقدر الثروة الحيوانية فى مصر بأكثر من 19 مليون رأس ويصل الإنتاج من الجلود إلى 125 مليون قدم مربع ويعمل بها أكثر من 25 ألف عامل فى 250 مدبغة ووحدة إنتاجية.
من أجل النهوض بصناعة دباغة الجلود حرصت الدولة على إقامة وإنشاء مدينة متخصصة فى تلك الصناعة فى الروبيكى على مساحة 506 أفدنة وتصميمها على أحدث المعايير والنظم العالمية بهدف توطين وتطوير صناعة دباغة الجلود وجعل مصر مركزاً إستراتيجياً على المستويين المحلى والعالمى لزيادة القيمة المضافة للمنتج المصرى من الجلود الخام بما يحقق المنافسة فى الأسواق العالمية وزيادة الصادرات المصرية.
عملت الهيئة العامة للتنمية الصناعية ممثلة فى شركة القاهرة للاستثمار والتطوير على أن تتكامل كافة المراحل لتشمل أنشطة الدباغة والمعالجات الأولية للجلود الخام مروراً بالصناعات المغذية والمكملة للمنتج مثل الغراء والجلاتين واللوجستيات انتهاءً بتصنيع منتج تام الصُنع قادر على النفاذ لكبرى الأسواق العالمية والصناعات المكملة والاكسسوارات الخاصة به ليضمن المستثمر توافر كافة مدخلات الإنتاج الخاصة به.
وإذا منحت الفرصة لصغار الصُناع للعمل والإنتاج لسوف تحقق صناعة دباغة الجلود ما يقارب من 10 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث القادمة ويرتفع شأن تلك الصناعة بما يتيح عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة للشباب.
ورغم الجهود المتواصلة التى تبذلها الدولة للنهوض والاهتمام بمدينة الروبيكى إلا أن هناك بعض التحديات والمعوقات التى تواجه صغار الصناع من أصحاب المدابغ التى التقت بهم «الجمهورية» للتعرف على هذه التحديات والمعوقات.. فى البداية قال محمود أبو عرب من صغار صناع المدابغ إنه يواجه معاناة كبيرة فى عدم توافر العمالة الفنية المدربة حيث إن مركز التكنولوجيا فى المدينة لا يعمل ويسيطر عليه الكبار وهو شبه مغلق تماماً رغم أن به العديد من المعدات والماكينات التى تمثل قيمة كبيرة ولكنها لم تعمل ولا يستفيد منها صغار الصناع لأن الكبار من أصحاب القرار فى المدينة لا يرغبون فى تصعيد جيل من الصغار حتى يضمنوا سيطرتهم على سوق دباغة الجلود وحدهم وإغلاقه عليهم.
وأضاف أن ارتفاع سعر الكيماويات أثر على أسعار تكلفة الجلود حيث يتحكم التجار فى الأسعار.. مشيراً إلى أن أصناف الكيماويات التى تستخدم فى الدباغة عديدة ومتنوعة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الخدمات.. كما أن تصدير الجلود يسيطر عليه الكبار فى المدينة ولم يعطوا فرصة واحدة لصغار الصناع وهو ما يجعلنا نعانى من مشاكل فى السوق المحلى بالبيع بالآجل لفترات طويلة مما يؤثر على حجم المعروض.
طالب بضرورة إتاحة الفرص التصديرية لصغار صناع المدابغ حيث لا يعملون إلا بنسبة 10 ٪ وأن إنتاجهم محدود بسبب المعوقات.. وقال إن أعباء تكاليف الإنتاج مرتفعة جداً ونواجه معاناة بسبب زيادة أجور العمالة وارتفاع أسعار الكيماويات.
يقول أحمد جاد فكرى «من صغار صناع المدابغ»: إن مدينة الروبيكى تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والرعاية وأن تكون هناك رقابة صارمة وانضباط لكل شيء حيث يسيطر على مدينة الروبيكى الكبار من أصحاب المدابغ الذين لا يبحثون إلا عن مصالحهم فقط ويقومون بتعجيز صغار الصناع الضعفاء والمفترض أن يتم إعطاؤهم فرصة ووضعهم على الطريق الصحيح.. مشيراً إلى أن الذين يعملون بالتصدير هم الكبار فقط ويمثلون من 15 إلى 20 ٪ أما الباقى من الصناع فيعملون فى السوق المحلى.
يقول محمود صفوت «صاحب مصنع غراء»: إنه يواجه معاناة ومشاكل بمدينة الروبيكى حيث إنه لم يتسلم وحدته ومصنعه منذ سبع سنوات وحتى الآن ويقوم بتأجير مكان آخر فى مدينة أبو زعبل مشيراً إلِى أن المركز التكنولوجى لصناعة دباغة الجلود مغلق منذ عدة سنوات بالرغم أنه تم إنشاؤه بغرض التدريب والتطوير من أجل التحديث.
قال إن مصانع الجيلاتين أو الغراء تواجه مشاكل عديدة حيث إنها تحقق خسارة فى السوق المحلى وتحتاج إلى فرص تصديرية كبيرة وهذا لا يتحقق إلا من خلال قيام وزارة الإنتاج الحربى بإنشاء خطوط إنتاج فى مدينة الروبيكى حيث إن تكلفة خط الإنتاج الواحد تصل إلى أكثر 120 مليون جنيه.. لافتاً إلى ضرورة أن يتم تعظيم الاستفادة من مركز تكنولوجيا تطوير دباغة الجلود وعدم تركه للكبار من أصحاب المدابغ الذين يسيطرون على كل شيء فى المدينة ويعملون على عدم إتاحة الفرصة لصغار الصناع للاستفادة من مركز تكنولوجيا دباغة الجلود فى عملية التدريب والتأهيل لذا يجب أن يتم منع سيطرتهم على المركز وأن تتولى الدولة إدارته والإشراف عليه حتى يمكن تعظيم الاستفادة منه ولا يترك للكبار من أعضاء مجلس الأمناء حتى لا يقوموا بتأجيره لحسابهم.
طالب إبراهيم عبدالعزيز «من صغار الصناع» بضرورة إدراج صناعة دباغة الجلود ضمن برنامج دعم الصادرات لأنها من الصناعات الأولى بالدعم حيث إنها تواجه منافسة شرسة بأسواق التصدير خاصة من جانب دول تركيا والصين وإيطاليا والتى تقوم بدعم منتجاتها من صناعة دباغة الجلود بنسب كبيرة تصل إلى أكثر من 15 ٪.
مشيراً إلى ضرورة أن تحظى مدينة الروبيكى بمزيد من الاهتمام والمتابعة لأن ما يتم على أرض الواقع خلاف ما يحدث حالياً من عدم الانضباط والتخطيط والتضارب فى الكلام وأن هناك معاناة ومشاكل عديدة تتطلب إيجاد حلول إيجابية لها حتى لا تتفاقم وأهمها مركز تكنولوجيا تطوير دباغة الجلود الذى تم تدميره وأصبح مغلقاً تماماً وباقى الخدمات بالمدينة سيئة ومعطلة تماماً ولابد من المتابعة المستمرة وإشراف هيئة التنمية الصناعية على مركز تكنولوجيا تطوير دباغة الجلود لضمان تشغيله بالشكل الصحيح بعيداً عن سيطرة مجلس الأمناء من أجل تعظيم الاستفادة.
غرفة الدباغة تطالب:
إستراتيجية قوية للحفاظ على الصناعة والنهوض بها
أكد مصطفى حسين نائب رئيس غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات ونائب رئيس مجلس الأمناء أن مدينة الروبيكى تمثل إحدى القلاع الصناعية المتخصصة والمتكاملة لصناعة دباغة الجلود فى مصر حيث تم تصميمها على أحدث النظم التكنولوجية المتطورة من بنية تحتية وطرق ومنشآت ومعدات حديثة نستطيع من خلالها تحقيق نقلة ونهضة غير مسبوقة فى دفع عجلة الصادرات للأسواق الخارجية خلال المرحلة القادمة.
وقال إن جهود الدولة متواصلة للارتقاء والنهوض بمدينة الروبيكى وتحظى باهتمام الفريق كامل الوزير وزير الصناعة والنقل الذى يحرص على متابعة المدينة من خلال زياراته المتكررة لها ويتصدى لكافة المشاكل والمعوقات ويعمل على حلها مما سيساهم فى تحفيز الصُناع من أصحاب المدابغ على زيادة إنتاجهم والتصدير للأسواق الخارجية.
وأضاف نائب رئيس غرفة صناعة دباغة الجلود باتحاد الصناعات ونائب رئيس اتحاد مجلس الأمناء أنه يتوقع أن تشهد مدينة الروبيكى إقبالاً كبيراً من المستثمرين الأجانب خاصة من إيطاليا للاستثمار فى صناعة دباغة الجلود خلال المرحلة القادمة مما سيؤدى إلى زيادة المنافسة ويرفع من معدلات التصدير.
قال إنه بالنسبة لمشكلة تعطل المركز التكنولوجى بالمدينة فقد تم إغلاقه منذ عامين وحتى الآن للحفاظ عليه بعد أن تعطلت معداته لعدم الصيانة الدورية لها حيث كان قد تم إسناده فى البداية إلى إدارة المراكز التكنولوجية بوزارة الصناعة ثم أسند بعدها إلى وزارة الإنتاج الحربى.. وتم حالياً تسليمه إلى الجانب الإيطالى الذى أشرف على إنشائه فى البداية فى إطار المنحة الإيطالية للنهوض بصناعة دباغة الجلود لإعادة تشغيله وصيانته من خلال شركة تم إنشاؤها من أعضاء مجلس الأمناء تتولى الإشراف عليه ليستعيد دوره من جديد فى تدريب وتأهيل ومساعدة صغار الصناع ومنح شهادات الجودة حيث إنه يضم أقساماً متعددة من المعامل المعتمدة والمتخصصة وغيرها.
وبالنسبة لمشكلة النقل والمواصلات من وإلى المدينة قال نائب رئيس غرفة دباغة الجلود إنه تم التغلب عليها بعد تدخل الفريق كامل الوزير وزير الصناعة والنقل من خلال عمل تخفيضات للعمال بنظام الاشتراكات بالقطار الكهربى بنسبة كبيرة بالإضافة إلى مد خطوط أتوبيسات من هيئة النقل العام من مدينة بدر إلى مدينة الروبيكى ومنها إلى وسط القاهرة بحيث لا تتخطى الأجرة 45 جنيهاً فى اليوم الواحد.
وأوضح نائب رئيس غرفه دباغة الجلود أن أهم التحديات التى تواجه المدابغ فى مدينة الروبيكى حالياً هى أزمة نقص الجلود الخام وسوء مستوى سلخها وتشطيبها والذى انعكس على إنتاج الجلد.
رئيس التنمية الصناعية:
مدينة صناعية متخصصة
طرح 43 مصنعًا بتيسيرات ومزايا للمستثمرين بأسعار تنافسية
الدكتورة ناهد يوسف رئيسة هيئة التنمية الصناعية قالت إن الروبيكى مدينة صناعية متخصصة متكاملة فى صناعة دباغة الجلود من بنية تحتية وخدمات.. تتوافر فيها كافة مدخلات الإنتاج والعمالة.
أضافت أن المدينة تم إنشاؤها وفق أعلى المعايير العالمية والدولة حرصت على جعل الروبيكى نموذجًا يحتذى به للمدن الصديقة للبيئة الأكثر كفاءة وفعالية فى استخدام الموارد ولتحسين الآداء البيئى والاقتصادى وتشجيعها على إعادة التدوير للمخلفات والإنتاج الأنظف تحقيقًا للتنمية المستدامة.
أشارت إلى أن الدولة تستهدف الارتقاء بقطاع صناعة ودباغة الجلود وتطويره لزيادة القيمة المضافة للمنتج المصرى من الجلود وبما يحقق المنافسة فى الأسواق العالمية وزيادة الصادرات.
أضافت أن المدينة تتمتع بموقع فريد ومميز لقربها من الموانئ المختلفة مثل ميناء السويس البحرى من ميناى بورفؤاد البحرى وميناء القاهرة الجوى وميناء العاصمة الإدارية الجوى وتتمتع بشبكة طرق داخلية عالية الكفاءة كما يجرى تطوير خط سكة حديد لربط المدينة بباقى الموانيء وتتضمن ثلاث مراحل المرحلة الأولى قائمة على المعالجة الأولية لخام الجلود والدباغة كما تشتمل المرحلة الثانية على الصناعات المغذية مثل الغراء والجيلاتين مما يضمن لمصنعى المنتج النهائى للجلود المرحلة الثالثة توافر سلاسل الإمداد والتوريد محليًا وعلى بعد خطوات من مصنعه.
أوضحت يوسف أن شركة القاهرة للاستثمار والتطوير والتى تدير الروبيكى طرحت خلال الأيام الماضية 43 مصنعًا كامل التجهيزات للمنتجات الجلدية بالمرحلة الثالثـة للمســتثمرين بمســـاحات مختلفــة تم طرح 20 مصنعًا بمســاحة 2000م2 و6 مصانع بمســاحة 1000م2 و17 مصنعًا صغيرًا بمساحة 121م2 والمصانع صممت خصيصًا لصناعة المنتجات الجلدية والصناعات المكملة وتوفر فرصًا استثمارية كبيرة لا سيما مع تمتعها بكافة المرافق والخدمات.
أشارت إلى أن طرح هذه المصانع تم بتيسيرات مالية غير مسبوقة للمستثمرين وبأسعار تنافسية كما يتميز هذا الطرح بأنه أتاح للمستثمر إمكانية التقدم للحصول على أكثر من مصنع وذلك لاستيعاب حجم المشروع الخاص به.
أكدت وجود المزايا التصديرية الفريدة التى تتمتع بها المدينة حيث تضمن حصول المشروعات القائمة داخل الروبيكى على 50 ٪ إضافية من قيمة رد أعباء الصادرات للمنتجات المصدرة.