مع عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، يبدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مشواراً جديداً محملاً بوعود انتخابية وطموحات كبرى على الساحة الداخلية، لكنه يواجه فى الوقت ذاته عالماً أكثر تعقيداً وخطورة.
أولى هذه التحديات تتمثل فى الحرب المستمرة فى أوكرانيا، التى باتت اختباراً رئيسياً لقيادة ترامب الوضع فى ساحة المعركة متوتراً، والقوات الأوكرانية تبدو منهكة مع تراجع الدعم الأمريكى بين أوساط الجمهوريين تحديداً. ورغم وعود ترامب الانتخابية بأنه قادر على إنهاء الحرب فى يوم واحد، يرى المحللون أن الواقع أكثر تعقيداً.
وفى الشرق الأوسط، يبرز مشهد أكثر تقلباً. إسرائيل أصبحت أكثر قوة عسكرية كبيرة لكنها تواجه انتقادات دولية، فى حين أن إيران تمر بحالة ضعف نسبى ولكنها لا تزال تمثل تهديداً محتملاً. اختيار ترامب لسفير موال لإسرائيل مثل مايك ها كابى يُعد مؤشراً على دعم قوى لحكومة بنيامين نتنياهو، ولكن يبقى السؤال حول مدى انفتاح ترامب على التفاوض مع إيران أو تبنيه لنهج أكثر تشدداً فى سوريا، المشهد مفتوح على احتمالات واسعة فى ظل غياب بشار الأسد عن المشهد السياسي، ما يزيد تعقيد إعادة الاستقرار للمنطقة.
الصين أيضاً تمثل تحدياً متزايداً بفضل طموحاتها العسكرية والاقتصادية المتزايدة، دخلت بكين فى صدام مباشر مع الولايات المتحدة. تصريحات ترامب خلال حملته حول فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية تشير إلى نواياه بتصعيد الضغط الاقتصادي، بينما يستعد لملء إدارته بمسئولين معروفين بعدائهم للصين. هذا الاتجاه التصعيدى ينذر بمزيد من التوترات التجارية والعسكرية فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
على الصعيد الداخلي، يركز ترامب على تنفيذ أجندة طموح تشمل ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، وتقليل الإنفاق الحكومي. لكن هذه السياسات قد تصطدم بعقبات داخلية نتيجة الانقسام السياسى المتزايد، مما قد يعيق تنفيذه لوعوده.
فى الوقت ذاته، يواجه حلفاء الولايات المتحدة التقليديون مشاكل داخلية. من انهيار الحكومة الائتلافية فى ألمانيا، إلى التوترات السياسية فى فرنسا وكوريا الجنوبية، يبدو أن ترامب سيواجه صعوبة فى الاعتماد على تحالفات قوية كما فعل فى السابق.
الولاية الثانية لترامب لن تكون مجرد امتداد لسياسته السابقة، بل ستكون ساحة اختبار حقيقية لقدرته على تحقيق توازن بين التحديات الداخلية والخارجية.