استنباط تقاوى وسلالات جديدة للمزارعين
حلم تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح يمكن أن يحدث ويتحقق فى ضوء هذا الكم من التوسعات الضخمة والكبيرة التى تقوم بها الدولة فى استصلاح وزراعة مساحات كبيرة من آلاف الأفدنة بالقمح خلال السنوات الماضية للحد من الاعتماد على الاستيراد فى تلبية احتياجاتنا، التى تصل إلى كميات فلكية تكلف خزانة الدولة مبالغ طائلة من النقد الأجنبي.
الرئيس عبدالفتاح السيسى حرص منذ أن تولى المسئولية على ضرورة التوسع فى زراعات محصول القمح وفى الأراضى المستصلحة خلال الفترة الماضية وحتى الآن، وأعطى توجيهاته إلى وزارة الزراعة للاهتمام بزراعة القمح على أكبر مساحات وتحقيق أعلى معدلات الإنتاجية واستنباط تقاوى وسلالات جديدة للمزارعين ودعمهم ومسانداتهم لتشجيعيهم وتحفيزهم على زراعة هذا المحصول المهم.. حيث رفع لهم قيمة سعر الأردب إلى 2200 جنيه وهو سعر أعلى من ثمن المستورد، وهناك جهود كبيرة قامت بها وزارة الزراعة خلال الفترة الماضية للعمل على النهوض بمحصول القمح، وكان أهمها التوسع الأفقى وزيادة المساحة المزروعة، وكذلك الزيادة الرأسية، ورفع معدل إنتاج الفدان وتقليل الفاقد من القمح خلال كل مراحل الإنتاج والتداول، إضافة إلى تفعيل دور المرشد الزراعى الداعم الرئيسى ومستشار الفلاح.
وقد شاهدنا وتابعنا الرئيس الأسبوع الماضى وهو يفتتح موسم الحصاد فى الضبعة، حيث أعلن عن استصلاح 800 ألف فدان جديدة ستتم زراعتها بمحصول القمح الموسم القادم، وهو ما يبشر بالأمل والتفاؤل والسعادة فى إمكانية تحقيقنا الاكتفاء الذاتى من القمح خلال السنوات القليلة القادمة، خاصة فى ظل استمرار سياسة التوسع فى زراعة واستصلاح الأراضى بالقمح.
ولتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، يتطلب عودة الدور المفقود للجمعيات الزراعية بقوة لدعم الفلاحين فى توفير مستلزمات الانتاج الزراعى والحيوانى حتى لا يحجموا عن زراعة القمح لصعوبة حصولهم على هذه المستلزمات من السوق الحر لارتفاع أسعارها وعدم توافر السيولة المطلوبة معهم لشراء هذه المستلزمات، فدور هذه الجمعيات توفير هذه المستلزمات بالاجل للفلاحين لحين جنى المحاصيل، ليقوم بعدها الفلاح بسداد قيمتها على مراحل، كما أن الحل الأمثل أيضا التوسع فى نظام الزراعات التعاقدية لمحصول القمح بالشكل الصحيح، الذى مازال محدوداً، ما سيسهم فى تحفيز وتشجيع الفلاحين فى زراعته، حيث يبدأ التعاقد مع الفلاحين من قبل زراعة المحصول والإشراف على مراحل الزراعة حتى الحصاد والاكتفاء الذاتى من القمح بنسبة 100٪ ليس مستحيلاً، خاصة أن حجم إنتاجنا من القمح لا يتجاوز 8 ملايين طن واستهلاكنا يتخطى الـ 18 مليون طن والعجز يتم تعويضه بالاستيراد ويصل إلى 10 ملايين طن.
لذا فإن الفجوة كبيرة وضخمة بين الانتاج والاستهلاك، ويتطلب سرعة العمل على تقليلها ولو تدريجياً على مدى 3 سنوات على الأكثر، خاصة فى ظل الاضطرابات التى تشهدها أسواق القمح فى العالم سواء إن كانت بسبب الحرب الروسية- الاوكرانية والحرب على غزة، بالإضافة إلى احتمالات حدوث الكوارث الطبيعية من حرائق وفيضانات وزلازل وغيرها بسبب التغيرات المناخية، وهو ما يجعل مصير قوت الشعوب على «كف عفريت» ويعرض أكبر الدول المستهلكة لمخاطر عديدة وكبيرة، فالأمر جد خطير ويتطلب سرعة الاستمرار فى التوسع فى زراعات القمح خلال المرحلة القادمة واتباع النظم الحديثة فى الري، خاصة أن مصر مصنفة بأنها بلد زراعى فى المقام الأول وهى مهنة آبائنا وأجدادنا.
هناك العديد من الدول نجحت فى تحقيق الاكتفاء الذاتى وسبقتنا بسنوات واستطاعت أن تصدر الفائض منها، فلا يمكن إنكار جهود الحكومة فى استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان خلال السنوات الماضية وفقاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتوسع فى زراعات القمح باعتباره الأمن الغذائى للمصريين.
السياسات الزراعية تحتاج تطويراً وتحديثاً باستمرار واتباع أفضل الأساليب لتحقيق معدلات إنتاجية كبيرة تلبى احتياجات الاستهلاك، فملف الأمن الغذائى يحظى باهتمام الرئيس، لأنه يعد من أهم الملفات التى تقع على عاتق وزارة الزراعة خلال المرحلة الحالية والقادمة.