لا أدرى هل رأى من خططوا للتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين وهم يعودون إلى مواقعهم المفقودة وبيوتهم المدمرة واراضيهم المحروقة واملاكهم المنهوبة فى شمال غزة فى طابور واحد مهيب هو اقرب إلى مشهد مصغر من يوم القيامة.. ألم يسأل هؤلاء أنفسهم : مالذى يفعله هؤلاء البؤساء المنكوبين الذين فقدوا كل شيء تقريبا خلال حرب طاحنة استمرت اكثر من عام.. لماذا يعود الفلسطينيون إلى مواقعهم السابقة وقد تحولت إلى ركام وسراب وهراء.. ماسر تمسكهم بالارض والتى خسروا من اجلها ما يقرب من خمسين الف شهيد وضعفهم تقريبا من الجرحى والمفقودين.. ولماذا لم يفكر هؤلاء اثناء اشتداد وطيس الحرب وتحويل حياتهم إلى جحيم مستعر بالقنابل والصواريخ العنقودية المحرمة دوليا فى اللجوء إلى سيناء أو الاردن أو أى أرض بديلة وقد كانوا قادرين على ذلك وساعتها لن تستطيع مصر والاردن صدهم بل ستفتح كل الأبواب أمامهم لانقاذهم من الموت المحقق.. اسئلة كثيرة تراودنا جميعا منذ الإعلان عن الفكرة المجنونة بنقل سكان غزة إلى أرض بديلة ووطن بديل فى الاردن ومصر وهى الفكرة التى اثارت جدلا واسعا ورفضا قاطعا من الشعوب قبل الحكومات.. وربما تكون النقطة المضيئة الوحيدة هذه الدعوة العبثية انها وحدت المصريين والفلسطينيين والعرب بل والعالم كله ضد تهجير الفلسطينيين ونقلهم قسرا إلى أى مكان آخر.. حتى العديد من الحكومات الغربية رفضت المبدأ من الاساس ووصفت الدعوة لتهجير الفلسطينيين بانها ظلم بين وعدوان على حقوقهم المشروعة وفقا لقرارات الامم المتحدة ومجلس الامن ذات الاختصاص.
وفى مصر انتفض الشعب عن بكرة أبيه والتف الجميع «معارضة وموالاة» حول القيادة المصرية دعما لمواقفها الوطنية والقومية الرافضة لفكرة التهجير القسري.. وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر حذرت منذ بداية الأزمة فى غزة من أن الهدف هو تهجير الفلسطينيين وإنهاء الحياة فى القطاع، مؤكدًا أن هذا التهجير يمثل ظلمًا تاريخيًا لا يمكن لمصر أن تشارك فيه أو تتنازل عنه.
ووصف الرئيس السيسى ما حدث فى غزة بأنه ليس عنفًا متبادلًا بين الأطراف، بل كان هدفه الرئيسى هو منع الحياة على أرض القطاع، مؤكداً: «إذا طُلب من الشعب المصرى تهجير الفلسطينيين لمصر، فإنه سيرفض ذلك تمامًا» وأضاف أن الترحيل والتهجير يمثل أن ظلمًا لا يمكن تحمله، ولا يمكن لمصر أن تتنازل عن موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
وتحدث الرئيس السيسى عن الحقوق التاريخية للاشقاء مؤكدا أن هناك حقوقًا تاريخية للفلسطينيين لا يمكن تجاوزها.
موقف مصر شعبا وحكومة لم يختلف كثيرا عن مواقف الشعب الفلسطينى بتياراته وفصائله المتعددة حيث قالت حركة حماس إن شعبنا الفلسطينى الذى وقف صامداً أمام ممارسات الجيش الإسرائيلى فى غزة، ورفض الاستسلام للتهجير القسرى خصوصاً فى شمال قطاع غزة؛ يرفض بشكل قطعى أى مخططات لترحيله وتهجيره عن أرضه»، ودعت حماس الإدارة الأمريكية إلى التوقف عن هذه الأطروحات التى تتماشى مع المخططات الإسرائيلية، وتتصادم مع حقوق شعبنا وإرادته الحرة، وأن تعمل بدلا من ذلك على تمكين شعبنا الفلسطينى من نيل حريته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وتوجيه الضغط على إسرائيل لتسريع آليات إعمار ما دمّرته خلال الحرب على قطاع غزة، وإعادة الحياة فيه إلى طبيعتها.
وأكدت حماس تضامنها مع الموقفين المصرى والاردنى وناشدت الدولتين إلى التأكيد على مواقفهم الثابتة برفض التهجير والترحيل، وتقديم كل سبل الدعم والإسناد لشعبنا، وتعزيز صموده وثباته على أرضه، والعمل على تقديم كل ما يلزم لإزالة آثار العدوان الذى تعرّض له قطاع غزة».
وقالت حنان عشرواى السياسية الفلسطينية ومفاوضة السلام السابقة إنهم « الفلسطينيون» ليسوا بيادق فى لعبة الشطرنج. وتطهيرهم عرقيا ليس عملا غير إنسانى وجريمة حرب فحسب، بل يشكل أيضا تهديدا خطيرا لاستقرار المنطقة بأكملها وسيادة الدول المجاورة».
وختاما لو دعا الرئيس السيسى الشعب المصرى للتظاهر والحشد غدا سينتفض الملايين فى الميادين والشوارع تأييدا للموقف المصرى الحاسم ورفضا لتهجير الفلسطينيين قسرا إلى أى مكان اخر والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطينى التاريخية واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. فهل فهم من يروجون للتهجير الرسالة المصرية؟