طرحت وزارة الأوقاف في برنامجها أمام الحكومة عددا من القضايا التي تعمل علي تفكيكها باعتبارها تمثل عائقا أمام الاستقرار الفكري المجتمعى.. وجاء أبرز تلك القضايا قضية التطرف اللاديني بما يحمله من عدوان علي الأخلاق والأعراف التي تربي عليها المصريون وتحمل مبادئ التعايش السلمي والتسامح والتعاون المشترك.
علماء الدين أكدوا أن المجتمع يواجه مخطط هدم الهوية والمبادئ.. معلنين ضرورة انطلاق الأوقاف وأن يكون لديها برنامج لمواجهة هذه الظاهرة.. مطالبين بإعادة هيكلة فكرية للدعاة وخطباء المساجد حتي يتمكنوا من مواجهة التطرف اللاديني والحد من تراجع القيم والأخلاق.
أوضح د.هاني بهاء الدين رئيس قسم علم الاجتماع ووكيل كلية الآداب بجامعة السويس أن مبادئ تحلل المجتمعات وذوبان هويتها يبدأ من التفكك الأخلاقي بحيث تنتشر مفاسد الرشوة والخداع والتزوير والغش، مما يؤكد أن مجتمعنا يواجه حالة تحدٍ مقصودة تم الإعداد لها من أجندات خارجية تهدف تفكيك البناء الأخلاقي حتي تصل إلي مرحلة تفكيك روابط المجتمع بما يساعد في السيطرة علي مفاتيح عقول شبابه بالمخدرات العقلية والبصرية، وزرع ألغام الطائفية والعنصرية والكراهية للوطن، وهذا بمثابة تفخيخ مجتمعي يستلزم تفكيكه قبل أن ينفجر في وجوه حاضر الوطن ومستقبله، ولهذا يجب أن تقوم الأكاديميات المتخصصة في الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء بإعادة «برمجة» فكرية وتأهيل شامل للأئمة علي مفردات الخطاب العصري بما يتناسب والتوجهات الفكرية لدي الشباب في الوقت الحالى، وتعزيز نموذج «القدوة الحسنة» بإعتباره من ركائز التربية الأخلاقية؛ وإحياء فريضة البحث والتحليل والتفكير النقدي لدي الدعاة، وغرس القيم والسلوك الأخلاقي وإدخال مادة علم الأخلاق في مناهج المراحل الابتدائية، ومادة أخلاق المهنة في مناهج ما بعد المرحلة الابتدائية حتي نهاية التعليم العالي أسوة بمناهج اليابان التعليمية التي تولي دراسة الأخلاق أهمية كبرى، فالاهتمام بتنمية القيم الأخلاقية في المجتمع يعد عاملًا أساسيًا ومهمًا لبناء الأمم والمجتمعات.
فيما أكد د.إبراهيم محمد علي الأستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر أن القيم تعد من أهم القواعد المؤسسة للمنظومة الأخلاقية المتكاملة داخل المجتمع مشيرا إلي أن وجود أي خلل يصيب منظومة الأخلاق داخل المجتمع يشكل تحديًا كبيرًا يؤثر علي تماسكه واستقراره، مبينا أن هذا الخلل يمكن ظهوره في سلوكيات الإلحاد، والإدمان، والانتحار، والتنمر، والتحرش، والتفكك الأسرى، وانعدام الثقة، وانتشار الفساد، وتراجع المسؤولية الاجتماعية،مضيفا أن المجتمع المسلم يحتاج حالة توعية تساعد علي حفظ هويته، ومراعاة مقدساته، وحماية مبادئه، وعاداته وتقاليده وأخلاقه، وتَحَّمل أعبائه ومسئولياته؛ وتضافر جهود الفئات والمؤسسات التعليمية والفكرية والدينية في مواجهة التطرف اللاديني والحد من تراجع القيم والأخلاق ونشر الوعي بأخلاق الإسلام وصحيح أحكامه بعيدًا عن التأويلات المتطرفة والمغلوطة والتركيز علي قضايا الشباب، والتحذير من أخطار تراجع الأخلاق وتعميق مفهوم القدوة الحسنة في المجتمع، كما يتعين علي الدعاة تبني سلوكيات تعكس هذه الأخلاق في حياتهم اليومية، ملتزمين منهجية القدوة الحسنة في تعاملاتهم مع الآخرين مما يعزز مصداقيتهم ويؤثر إيجابًا علي مستمعيهم، كما يمكن للدعاة والخطباء تنظيم برامج توعوية وحملات تثقيفية تهدف إلي معالجة أسباب الانحراف القيمي والأخلاقي وتقديم الحلول التي تساهم في بناء مجتمع أكثر انسجامًا وأخلاقية.
فيما أوضح د. محمد عبد ربه من علماء وزارة الأوقاف أن المؤسسات الدينية يجب أن يكون لها دور كبير في تفكيك التطرف اللاديني وإحياء فريضة الأخلاق التي تكاد تضيع ومع المؤثرات والمتغيرات التي تحيط بالمجتمع نتيجة الهجوم التتاري من منافذ متشعبة تهدف إدخال المبادئ والأخلاق في الأنفاق المظلمة حتي يضل المجتمع السبيل ويفقد المناعة التي تحميه من هجوم الفيروسات.
فيما أشار د. ربيع الغفير الأستاذ بجامعة الأزهر أن التطرف اللاديني الذي كشفت عن وزارة الأوقاف في منهجية عملها التي طرحتها أمام البرلمان باعتبارها أجندة عمل ضمن عدد المهام التي ستقوم بتنفيذها مستقبلا يعيدنا إلي الحديث عن أهمية أن يكون العمل مدعوما بخطة محسوبة وفق منهجية علمية وليست كلاما مرسلا تم ترديده كثيرا في برامج عمل لم ينفذ منها سوي القشور بينما أصل المشكلة وصُلب القضية تم الابتعاد عنها حتي وصلنا إلي مرحلة التطرف اللاديني التي تحدثت عنها وزارة الأوقاف، مضيفا أن الحكومة الجديدة جزء مهم من دورها محاصرة التطرف الذي ترك مساحة التدين وبدأ يتسلل بخبث شديد إلي التربية والأخلاق حتي تصل درجة فقدان الأفراد القيمة الأخلاقية وبعدها يصبح من السهل تجنيدهم في التطرف الديني أمراً سهلاً ميسوراً.