رغم قناعتى الشخصية أن السياسة الأمريكية الخارجية لا تتغير بتغير الاشخاص وانها دولة مؤسسات.. وقد ينجح مرشح.. ويأتى بمن يشاء من افراد حكومته.. إلا أنه لا يستطيع ان يغير وجهة السياسة الامريكية.. مثل كثير من الدول التى يمكن ان تتغير سياستها 360 درجة بتغير الاشخاص.. ويوم ان فاز باراك اوباما كأول اسود من اصول افريقية يتولى الرئاسة الامريكية وهلل له كثيرون.. ثم جاء إلى جامعة القاهرة.. والقى خطبته العصماء وضمنتها بعض الآيات والاحاديث وزار مسجد السلطان حسن واحتفى به كثيرون ايما احتفاء.. كتبت فى ذات المكان مقالاً تحت عنوان «كلهم بوش».. محذراً من التفاؤل غير الدقيق وغير المحسوب بقدوم ابن الاصول الافريقية للبيت الابيض.. والذى لا يملك ان يحرك بوصلة السياسة الامريكية نحو افريقيا والشرق الاوسط قيد أنملة.. لأن السياسة الامريكية اشبه بقطار يمضى فى طريقه لا يملك اى قادم للبيت الابيض، ان يغير وجهته من الشمال مثلاً إلى الجنوب.. وانما يمكنه فقط ان يستقل القطار فى اى عربة ويختار من يركب معه ويشاركه رحلته دون تغيير مسارها.. فلم نر يوماً من جاء إلى البيت الأبيض وتخلى عن سياسة الكيل بمكيالين نحو قضايا الشرق الاوسط ومحاباة اسرائيل على حساب جيرانها العرب.. لذلك يصبح من قبيل العبث التعويل على اى قادم للبيت الابيض.
>>>
ورغم كل ذلك.. لو كنت من الحزب الديمقراطى الامريكى لرشحت على الفور «كامالا هاريس» نائبة المرشح الديمقراطى والرئيس الحالى للولايات المتحدة لفترة رئاسية جديدة.. لأسباب عديدة يأتى فى مقدمتها.. عامل السن وحالة الخرف التى وصلها جو بايدن.. والاداء الأسوأ فى المناظرة الاخيرة التى جمعته ومرشح الحزب الجمهورى والرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب.. والذى تشير الارهاصات السابقة للانتخابات على النسبة الاعلى فى خظوظ عودته للبيت الابيض.. بينما لو كانت منافسته «هاريس» النائبة الواعية الواعدة لربما اكتسحته.. ولربما حازت على ثقة الناخب الامريكى خاصة طائفة الشباب الذين كشفت المظاهرات الحاشدة فى الجامعات والميادين المعارضة للمذابح الاسرائيلية للشعب الفلسطينى وادانة انحياز إدارة بايدن لحرب الابادة غير الإنسانية.. عدم رضا الشباب عن سياسة بايدن المنحازة بلا عقل لسياسة نتنياهو.. مما يجعل عددا كبيراً من اصوات الناخبين لا تصب فى صالح بايدن.. وبدلاً من الهزيمة المتوقعة للديمقراطيين حال استمرار بايدن فى سباق الرئاسة.. يسارعون بسحب ترشيحه وترشيح نائبته «هاريس».. لتكون اول سيدة تدير البيت الابيض وهى جديرة بان تسحب البساط من تحت اقدام ترامب الذى تحاصره اتهامات الكذب وشراء سكوت الممثلة الاباحية.. ورفض شريحة كبيرة من المجتمع الامريكى له.
>>>
ورغم يقينى بأن السياسة الامريكية لا تتغير بتغير الاشخاص.. ويخطيء الف مرة من يعول على اسم بعينه او يتفاءل بقدومه.. لكن ما حدث خلال حرب الابادة.. يمكن ان يغير ايديولوجية الفكر الامريكى فى دعم ومحاباة تل ابيب بعد جرائم الحرب اللاإنسانية ضد شعب اعزل وضد اطفال ونساء فى معسكرات ايواء.. واستخدام قوات الاحتلال ابشع انواع الاسلحة والغارات والقذف العشوائى لمدمر لكل ما هو على سطح الارض فى قطاع غزة وفى رفح الفلسطينية طوال عشرة اشهر.. دمرت مئات الآلاف من العقارات والمبانى وآلاف القتلى والمصابين.. ولم تحقق شيئا يذكر من اهداف حربها سوى الخراب والدمار.. لكن لم تحرر اسراها.. ولم تقض على حماس.. ولم تحقق لها الامن.. بل كل يوم يسقط قتلى بين صفوف قوات الاحتلال ويعيش فى ذعر دائم كل مستوطن غاصب لمنزل وارض فلسطيني.. وعلى مدار 75 عاماً ويزيد منذ نكبة 48 فعلت قوات الاحتلال الاسرائيلى فوق كل تصور من تدمير وقتل وابادة لكنها لم تحقق امناً ولا استقراراً.. ولن تحقق.. إلا باقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى اقامة دولته المستقلة.. وارساء دعائم سلام حقيقى وعادل وشامل.. وعلى الادارة الامريكية فى مرحلة يقظة شبابها ان تدرك ان مصالحها الاستراتيجية فى الشرق الاوسط يحققها السلام العادل وليس العدوان الغاشم.
>>>
هل يمكن ان تحول احداث غزة والعدوان الاسرائيلى غير الانسانى بوصلة السياسة الامريكية وانحيازها السافر لدولة الابادة.. وهل يستطيع الديمقراطيون تصحيح المسار واختيار «هاريس» للرئاسة الامريكية.. ام تكون الحلول غيرمتوقعة وتفرضها حرب عالمية ثالثةلا يعرف مداها إلا الله.