عندما يتحدث الانسان.. إن لم يكن فعله وواقعه.. مطابقا لما يقول.. فلا قيمة ولا أثر.. ولا إقناع.. بما يقول.. لذلك كان عمر بن الخطاب عندما يرسل الولاة.. لتولى مسئولية ولاياتهم.. يقول لهم «ادعو إلى الله وانتم صامتون».. فتعجب البعض كيف ذلك.. وقبل أن تعلو الدهشة على وجوه الحاضرين.. قال اجعلوا عملكم وفعلكم يسبق قولكم لا تتحدث ولكن دع الناس ترى عملك.. اجعلوا عملكم هو لسانكم وهو عنوانكم ورسالتكم للناس.. لذلك لم يعد أحد يثق فى كل شعارات النظام العالمى الجديد الذى تقوده الولايات المتحدة الامريكية.. عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.. ورغم ان أحداث التاريخ عديدة وشاهدة على ذلك على مر العصور.. إلا أن آخر ورقة توت كان النظام العالمى يستر بها عوراته ومعاييره المزدوجة قد سقطت تماما مع حرب اسرائيل على غزة.. ومع جرائم الحرب الواقعة التى يرتكبها الاحتلال الصهيونى ضد الشعب الفلسطيني.. ومع العقاب الجماعى والابادة غير المسبوقة ضد الابرياء من سكان قطاع غزة.. بل ان نفرا من حكومة نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى المتطرف واطول متشدد تولى رئاسة الحكومة الاسرائيلية منذ بن جوريون مؤسس دولة الاحتلال اليهودية.. خارج الوزير المتطرف ليعلن للعالم أنه يمكن أن يمسح غزة من الوجود بقنبلة نووية.. ويكشف بغطرسة غريبة لأول مرة بكل صراحة عن امتلاك اسرائيل للسلاح النووي.. وحتى ان كانت التسريبات تقول ان لديها أكثر من 200 رأس نووية على أسنة الصواريخ الجاهزة للاطلاق.. إلا انها كانت مجرد تكهنات أو معلومات غير موثقة حتى خرج الوزير الاسرائيلى ليعلن انه يمكن ابادة غزة بالنووي.. دون ان يعلق أحد من أى منظمة دولية لا مجلس أمن ولا أمم متحدة عن هذا التطرف والغطرسة غير المسبوقة.
ولم يعد مقنعاً على الاطلاق أى حديث غربى عن حقوق إنسان.. ولا قانون دولى ولا إنسانى بعد المشاهد التى يتوارى التاريخ الإنسانى خجلاً أمامها.. لأجساد الأطفال والأجنة والأمهات.. والأجساد الممزقة الملقاة فى كل مكان جراء حرب الإبادة الغاشمة التى تقودها حكومة نتنياهو المتطرفة ضد الشعب الفلسطينى بأسلحة أمريكية وفيتو أمريكى يأبى حتى إدانة هذه الجرائم غير الإنسانية وغير المسبوقة حتى جرائم أمريكا ضد هيروشيما ونجازاكى اليابانيتين إبان الحرب العالمية الثانية لم تكن بهذه البشاعة.. وتلك الغطرسة.. بينما يقف المجتمع الدولى عاجزاً عن إلزام إسرائيل بتنفيذ أى قرارات أممية بوقف النار فى غزة.. والحق يقال إن موقف الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش كان مسانداً للشعب الفلسطينى كاشفاً حقيقة المأساة الإنسانية والكارثية فى قطاع غزة.. وناشد المنظمات الدولية والدول الكبرى المعنية بهذا الأمر ضرورة التحرك الفورى لوقف نزيف الدم والمجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.. فى الوقت الذى تتناقض فيه المواقف الأمريكية تماماً فى هذا الصدد.. تحدث عن ضرورة وقف النار.. وتوبخ خلال تصريحاتها تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي.. بينما تواصل مده بالمال والسلاح والعدة والعتاد.. بل إن الفيتو الأمريكى ذاته هو الذى يحول دون قرار لوقف النار وإدانة المجازر غير الإنسانية التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى ضد شعب أعزل لا حول له ولا قوة.. وليس مذابح فقط.. بل أن دولة الاحتلال ترفض حتى إنفاذ المساعدات الإنسانية الإغاثية بصورة تكفى لإعاثة أكثر من 2.5 مليون إنسان يعيشون فى قطاع غزة.. منه من تزهق روحه تحت الانقاض أو برصاص القناصة أو الموت جوعاً وعطشاً فى العراء تحت الأمطار والثلوج.
أما الغريب والعجيب حقاً.. فهم أبناء هيرتزل وبن جوريون.. الذين فعلوا المستحيل من المجازر والدمار والاغتيالات من نكبة 48 ومروراً بمذابح قانا وصبراً وشاتيلا وجنين والخليل واغتيال الآلاف من رموز المقاومة وحتى مجازر غزة غير المسبوقة.. وسقوط أكثر من 40 ألف شهيد و100 ألف جريح.. فهل تحقق لهم الأمن والأمان.. هل شعروا يوماً باستقرار.. هل حققوا هدفهم.. أبداً ولن يتحقق لهم الأمن إلا بحل الدولتين.. والدولة المستقلة للشعب الفلسطينى على حدود 4 يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.