تلقيت دعوة كريمة من إدارة الصحافة والإعلام بحلف الناتو لحضور اجتماعات الحلف فى واشنطن بمناسبة مرور 75 سنة على إنشائه وتأسيسه، وصلت إلى واشنطن العاصمة الأمريكية فى جو خانق شديد الحرارة شديد الرطوبة والجميع يتحدث عن التغيرات المناخية وتأثيرها على العالم بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية، وصلت إلى الأوتيل الذى سأقيم فيه خلال فترة بقائى فى الولايات المتحدة وتقابلت مع مجموعة من الكتاب والباحثين وكان محور النقاش يدور حول درجات الحرارة المرتفعة والتغيرات الحادة التى اصابت الكرة الأرضية، لم يلفت نظرى من هذه النقاشات إلا ما بدا لى وكأنه مزاح تافه من أحد الحمقى وهو يقول يبدو ان المناخ هو من صعد باليمين المتطرف إلى سدة الحكم فى عموم أوروبا وهو من ساهم فى هزيمة حزب المحافظين وسيتسبب فى عودة ترامب إلى البيت الأبيض، للوهلة الأولى ضحكت كما ضحك الحضور، وعندما انصرف كل إلى غرفته جلست مسترجعا ومتأملا حديث الرجل الذى ربط مازحا بين ارتفاع درجات الحرارة القياسى وبين الصعود القياسى لليمين المتطرف، اكتشفت أن الحماقة هى عدم البحث بشكل علمى بين التغيرات المناخية وتغيرات الأمزجة السياسية للشعوب، أعود إلى اجتماعات الناتو والتى تنعقد وسط ظروف عالمية شديدة التعقيد، فحرب روسيا وأكرانيا والصمود الروسى التاريخى فى مواجهة الظاهرة الاوكرانية يمثل التحدى الأعظم، فدول الغرب يعلمون ان روسيا لن تنهزم أبدا، ويعلمون كذلك ان بوتين لا يمزح حينما يهدد باستخدام السلاح النووي، كما يعلم هؤلاء المجتمعون فى واشنطن ان أوكرانيا استنزفت الاقتصادات الغربية وساهمت فى احداث أزمات اقتصادية إضافية على تلك الدول مما كان له نصيب فى أسباب سقوط بعض الحكومات الليبرالية لحساب الحكومات اليمينية والشعبوية، كذلك تأتى حرب غزة على حدود أولويات الناتو وان كانت القضية سيتم عرضها واستعراضها على أساس غير جاد، هنا تبرز القضية الأكثر إلحاحا وهى مستقبل حلف الناتو الذى تأسس منذ 75 عاما ليكون حائط صد امام الحروب العالمية ويكون وعاء حاميا وحافظا للسلام، الآن يجد الحلف نفسه مضطرا لاختيارات صعبة، فسبب وجوده يختلف عن سبب بقائه، وربما يعلم الكثيرون من قادة دول الناتو ان وصول ترامب للحكم مجددا سيطيح بحالة الدفء المزيف داخل اروقة الحلف، بيد ان حلف الناتو وصل إلى سن الشيخوخة ويحتاج الى عمليات تجميل وتغيير شاملة حتى يعود إلى حالة الشباب والحيوية وان كنت أظن ان الأمر اكبر واخطر من ذلك.