المنطقة أصبحت على حافة الهاوية وعلى شفا حرب إقليمية شاملة فى ظل الإصرار على التصعيد، وتنفيذ مخطط التهجير، وما يحدث فى قطاع غزة ربما سيكون القنبلة التى ستنفجر فى وجه المنطقة، لأن ما يحدث يفوق خيال البشر، ويهدم مبادىء ومعايير الإنسانية، وينذر بكارثة ليست إقليمية فحسب ولكن عالمية، فما يحدث فى الشرق الأوسط، له تداعياته على جميع دول العالم، وربما تكون شرارة الحرب العالمية الثالثة، فى ظل الصراع المحموم بين القوى الكبرى فى إطار لعبة المصالح والنفوذ والهيمنة.
دولة الاحتلال تلعب بالنار، وتشعل المنطقة ولا تريد التوقف عن المقامرة بأمن واستقرار المنطقة، عادت للعدوان أكثر إجرامًا، تحرق الأخضر واليابس، وتحاصر الشعب الفلسطينى بالقصف والتجويع، وضرب المستشفيات وعمليات برية لدفع الفلسطينيين إلى الحدود المصرية، وتستطيع ان تدرك حجم الإجرام فى تصريحات المتطرف ايتمار بن غفير الذى يطالب بتدمير مخازن المساعدات والمستشفيات والتمادى فى القتل والإبادة، والدعم الأمريكى والتأييد لهذا الإجرام لا يتوقف، فهناك تابوهات أمريكية جاهزة للدفاع وتبرير اجرام رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتنياهو واعتبره مجرد مقاول لتنفيذ المخطط الذى تتبناه وترعاه بعض الدول ويحقق من خلاله أوهام المتطرفين الصهاينة فى إسرائيل الكبرى، ويحمى نفسه سياسيًا وقانونيًا، فهو يطيح كالثور الهائج بكل من يعارضه من رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وآخرهم رونين بار رئيس الشاباك، ورئيسة اللجنة القضائية، يريد ان يبعد نفسه عن الحساب والعقاب على الفشل والفساد وجبهات تفتح، من جديد فى غزة ولبنان واليمن، وربما إيران قريبًا فى ظل الإصرار الأمريكى على تنفيذ رغبات الكيان الصهيونى المدلل فى التخلص من برنامج طهران النووى وليس فقط قطع رقبة اذرعها، وما يحدث فى المنطقة يتطلب وقفة إقليمية وعربية موحدة، لأن الطوفان «الصهيو ــ أمريكى» سيغرق الجميع، والتحالف مع قوى الشر تحالفات مؤقتة بمجرد سقوط الأهداف الرئيسية، سوف يفترس المخطط «الصهيو ــ أمريكى» ما تبقى من دول المنطقة لذلك فإن اسقاط القوى الفاعلة فى المنطقة لا يخدم المنطقة، بل يعرضها للخطر وتمكين التحالف «الصهيو ــ أمريكى» من تحقيق المخطط بالكامل من تقسيم وإعادة صياغة ورسم جديد للمنطقة من خلال دويلات ضعيفة ومستأنسة، لذلك فإن دول الشرق الأوسط مطالبة بالتوحد لكن السؤال المهم فى ظل هذه المتغيرات والتصعيد الخطير والاصرار على تنفيذ مخطط التهجير، هل المنطقة مقدمة على حرب؟ والسؤال الأهم هل مصر على شفا الحرب فى ظل التمادى «الصهيو ــ أمريكى» على حرب الإبادة فى غزة والضغط على الفلسطينيين بكافة السبل لمغادرة القطاع والتوجه إلى الحدود المصرية؟، وفى ظل الانتهاكات الإسرائيلية، وهل اتفاقية السلام فى خطر؟ وماذا عن التحرشات والاستفزازات والأكاذيب والتهديدات الأمريكية؟ فهل المواجهة اقتربت أكثر من أى وقت؟
الإجابة على كل هذه التساؤلات تأخذنا إلى أهمية القراءة فى الموقف المصرى ومعايير ومحددات والاسباب التى قد تدفع مصر إلى الحرب، وتتلخص فى سلامة الأمن القومى المصرى، فإذا استشعرت الدولة المصرية أن أمنها القومى يتعرض للخطر أو المساس أو الانتهاك أو العدوان فانها الحرب، والحقيقة أن مصر لا تريد الحرب على الاطلاق، وتسعى إلى الأمن والاستقرار والسلام والبناء لكن إذا فرضت عليها الحرب فلا طاقة لعدوها أو اعدائها بتحمل تداعياتها فمصر ومن خلال جيشها العظيم فى أعلى درجات الجاهزية والكفاءة القتالية والاحترافية، وجاهزة لطى الأرض بما لديها من قوة وقدرة وردع حاسم تستند إلى قوات مسلحة عصرية تمتلك أحدث منظومات التسليح فى العالم فى كافة التخصصات ومستعدة لمجابهة كافة التحديات التى تهدد أمنها القومى وتستطيع وبثقة حماية حدودها على كافة الاتجاهات الاستراتيجية وتدير قوتها وقدرتها بمنتهى العبقرية والذكاء والحكمة ولم ولن تتعرض للانهاك أو الاستنزاف فى ظل المخاطر والتهديدات على كافة الحدود، لأنها وببساطة على المام بما يحاك ويخطط من شرور ومؤامرات لها قبل ذلك بسنوات ولا ابالغ إذا قلت ان حدودها مؤمنة بأعلى وأقوى ما يكون كما أن الجيش المصرى العظيم لديه مقاتل استثنائى هو أهم من منظومات التسليح الحديثة، يجمع بين الاحترافية والشجاعة والاقدام والإيمان بالله والوطن ولا يهاب الموت ويعمل بعقيدة النصر أو الشهادة، كما أن ما يزيد قوة وقدرة موقف مصر ووقوفها على أرض صلبة هو ما حققته القيادة السياسية على مدار اكثر من عشر سنوات فى تجهيز الدولة المصرية وتمكينها من القوة والقدرة الشاملة ورفع قدراتها الاستراتيجية لأعلى مستوى حيث استبق الرئيس عبدالفتاح السيسى بما لديه من حكمة واستشراف للمستقبل كل هذه المخططات والمؤامرات فى تجهيز وتحصين الدولة المصرية بشكل شامل وما يزيد قوة الدولة المصرية الفائقة هو اصطفاف ووعى شعبها العظيم إذن الجميع فى مصر على قلب رجل واحد قيادة وجيشًا ودولة وشعبًا لذلك فى ظنى أن الحرب بمعناها المباشر صعبة الحدوث مع مصر.
الحرب السياسية وحرب الاعصاب والثبات والبعد الاستراتيجى هى التى ستحسم الأمر ومصر لديها الكثير من البدائل والأوراق الموجعة وستقلب الطاولة على الجميع إذا استشعرت خطرًا على أمنها القومى، لذلك فإن الحرب المباشرة أو التقليدية أو النظامية بعيدة خاصة فى ظل حسابات الأعداء والحذر والخوف من مصر أو خسارتها ويدركون جيدًا قوتها وما تستطيع أن تفعله. فهى أقرب إلى رقبة عدوها بل ووجوده من أى وقت مضى، وتتعامل العين بالعين والبادى أظلم، وتلتزم بالحكمة والسياسة الهادئة التى تحمل الكثير من الرسائل المؤلمة وليست بالصياح والصوت العالى فهو شيمة الضعفاء.
فى ظنى أن المنطقة سوف تظل لبعض الوقت فى الحرب النفسية، واشتعال الجبهات الفرعية أو الثانوية أقصد الخصوم الأقل قوة من إسرائيل حماس أو الحوثى وحزب الله، وقد تصل الأمور إلى استهداف لبعض المنشآت الإيرانية ــ لكن مصر لن يفكر الأعداء فى المساس المباشر بها، ومع توقعى أن هناك مناطق أخرى قابلة للاشتعال لكن تظل مصر بحكمة قيادتها، وقوة وقدرة جيشها، واصطفاف شعبها بعيدة عن نذر الحرب المباشرة مع التأكيد على أعلى مستويات الجاهزية والقوة والقدرة وإذا فرضت الحرب فنحن لها وأهلها لذلك يجب علينا كشعب أن نترك القيادة والدولة تتصرف ولا نغذى خطاب الحرب، فالقضية الفلسطينية وان كانت على رأس أولويات الدولة المصرية، ومصر هى الراعى التاريخى وموقفها فى الماضى والحاضر والمستقبل قمة الشرف إلا أنها تظل رهن القرار والإرادة من كل العرب وموقف مصر كان وسيظل شريفًا واخلاقيًا ولن تفرط فى القضية ولن تسمح بتصفيتها أو تهجير الشعب الفلسطينى.