تعلمنا فى التاريخ ان بناء الأوطان.. ليس بالأمر الهين أو البسيط حقيقة محورية تلمحها العيون والعقول بمجرد المطالعة فى صفحات التاريخ باحثة عن الإنجازات والنجاحات.. وبالمقابل كيف قاومت الشعوب الاعتداءات ومحاولات التوسع واطماع حركات الغزوات.
لا يختلف الأمر عبر السنوات والأجيال سوى فى تفاصيل فرعية أو مضافة ويبقى الجوهر الأساسى الذى تبنى عليه الحضارة والرخاء.. انها المهمة المقدسة المكلف بها الإنسان وعجزت عن حملها الجبال.. وأعنى بها الأعمار منظومة متكاملة عمادها الإنسان وسياجها الأسرة والمجتمع وحارسها تواصل الأجيال.
قديما اكتشف الأجداد ان ارتباطهم بالوطن لا يعنى البقاء مكتوفى الأيدى عند المجاعات وضيق العيش واختلال موازين الحياة.. فبادروا بالهجرة إلى أماكن معروفة أحيانا أو مجهولة غالبا سعيا وراء الرزق فى أرض الله الواسعة.. عرفنا ذلك قديما أمام أهالى الشام القدامى ثم فى العصور الوسطى وبداية الحديثة رحلات المكتشفين التى اضافت للعالم القديم قارات جديدة وافرة الامكانيات والميزات سميت فيما بعد بالقارتين أمريكا الشمالية والجنوبية ثم استراليا.. استقبلت مهاجرين جددا بعضهم قدموا لها هربا وأصبحوا فى مقدمة الأغنياء الآن.
المهاجرون الشرعيون يمثلون الآن موردا اجتماعيا بدعم جهود الدولة والمجتمع لتنفيذ خطط وأفكار لتصويب الأخطاء وتداعيات الأخطار وتعويض مراحل الانكسار وهم يملكون المال والامكانيات والارتباط بالجذور فى الوطن الأم لنيل شرف المشاركة فى البناء وتحسين أحوال الأهل والأقارب.. ناهيك عن تقديم صورة طيبة عند مساندة قضاياه فى وطنهم الجديد.. والحمد لله قطعنا خطوات طيبة تحت عنوان «مصر تستطيع» يحتاج فقط لإضافات وتكاملا للمنظومة والاهتمام الأكثر بوسائل الارتباط بالوطن الأم وعرضا للفرص المتابعة للاستثمار.
كذلك تنبع من ريادة مصر المحروسة فى المنطقة سواء للموقع الفريد أو الخبرات المشهود بها وتاريخهم الطويل المليء بالمساهمات الايجابية فى تقدم الدول الشقيقة والصديقة.. وهو الأمر الذى تم تنظيمه الآن.. وتخصيص جهات مسئولة لإدارته سواء عند ابتعاث الخبراء وإقامة المشروعات المفيدة للشعوب فى أراضيها أو استقبال المتدربين والراغبين فى الدراسة واكتساب الخبرات.. ولو أضفنا لذلك المزيد من الاهتمام بالجانب الاقتصادى مثل التصنيع والزراعة وتسويق المنتجات كمركز اقليمى يستفيد من تحديث البنية الأساسية الشامل.. لوضعنا ايدينا على كنز ثمين وحققنا آفاق خير متعددة للكثير من المصريين.. المبدعين والعلماء والخبراء ناهيك عن فرص عمل للشباب.. تخفف من أعباء الداخل.. وهؤلاء سيبادرون عند العودة للعيش فى المدن الجديدة.. الرافد بالغ الأهمية لهذه التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المصريين.. وفى النهاية العزيمة والإرادة هى الحل المضمون.