مصر أمة رائدة منذ فجر التاريخ.. شاءت مقدراتها الحضارية أن تكون في طليعة شعوب العالم القديم.. وشاء رصيدها الحضاري أن يحتفظ شعبها بدور الريادة وأن يحتفظ بروحه وعاداته وإيمانه وأخلاقه وسماحته.. وقد تميزت مصر عبر عصور تاريخها الطويل بالانطلاق الواسع الهادف في مجالات الحرب والسياسة والعمران والرقي فاتسعت بحدودها شمالا وجنوبا وشرقا وغرباا.
واحتفظت مصر برسالتها ودورها الطليعي وبزعامتها لعالمها العربي والإسلامي طوال عصور تاريخها الوسيط ولا يزال ماثلا أمامنا الدور الطليعي الذي لعبته مصر ابان عصور تاريخها الحديث حينما بدأت تبني نهضتها الحديثة علي أسس علمية سليمة وحينما انطلقت جيوشها توحد شعوب أمتها من الأناضول شمالا وحتي أواسط أفريقيا جنوبا.
ولا ينكر أحد دعوة التحرر التي انطلقت شرارتها من مصر لتحرر الشعوب الافريقية والآسيوية المغلوبة علي أمرها من ربقة الاستعمار الذي استنفد طاقات الشعوب وثرواتها وفرض عليها الجهل والتخلف والفقر.
لقد قادت مصر هذه الدعوة وعملت علي تخليص الشعوب من المستعمر الغاصب وتعرضت مصر بسبب ذلك لقوي الشر والعدوان ومع ذلك لم تحد عن هدفها وعن أداء رسالتها التي آمنت بها حتي تحقق لها ما أرادت لقد تصدت مصر قديما وحديثا لحملات الغدر والعدوان التي اتت من الشرق والغرب والشمال لتدمير شعوب المنطقة ابتداء من الهكسوس ومرورا بحملات الشعوب الهندو اوروبية وشعوب البحر التي اجتاحت المنطقة في القرن الثاني عشر والحادي عشر قبل الميلاد ولكنها تحطمت علي صخرة مصر الصلبة . ثم كانت الحروب الصليبية ومن بعدها التتار والمغول ثم جاءت الهجمة الاستعمارية الشرسة في العصر الحديث وأخيرا الإرهاب. وكانت مصر دائما وأبدا البلسم الشافي لجراح أمتها تصون وتحمي وتدافع وتبذل الدم رخيصا في سبيل انقاذ أمتها وشعوبها لم تقصر قط ولم تتخلف عن أداء رسالتها ولم تتخاذل عن الدور الطليعي الذي كلفها غاليا من دماء أبنائها وثرواتها ومن رفاهية شعبها. لقد قامت مصر بدورها كاملا ازاء أمتها دفاعا وتوحيدا وبناء وتثقيفا وتعليما لم تبخل بشيء مهما كلفها ذلك من ثمن ومهما لاقت من جحود ونكران للجميل.
ازاء هذا الدور الطليعي الذي اضطلعت به مصر عبر تاريخها الممتد كانت دائما موضع حسد وحقد وغل نراه من خلال بعض الفضائيات المأجورة ومواقفهم المخزية ورغم كل هذا فإن عناية الله ستظل تحميها وستبقي مصر بأصالتها وأصالة شعبها لأداء رسالتها التي أرادها لها العلي القدير ما بقي في هذا الشعب عرق ينبض وما بقي نيلها جاريا بين شاطئيه بإذن الله تعالي.