فى تقديرى – وأتمنى أن أكون مخطئا – أن حرب غزة قد انتهت فعليا وما يجرى الآن ما هو إلا وضع مساحيق النصر على الطريقة الصهيونية، فالحرب التى أشعلتها حماس منذ قرابة العام كانت بهدف تطهير السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين وتحرير الأرض الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلى، وبعد مرور عام تحول وتحورت الأهداف الحمساوية إلى طلب وقف إطلاق للنار وانسحاب إسرائيل من غزة! فالنتائج الحقيقية تكمن فى الآتى – تدمير كلى وشامل وغير مسبوق لقطاع غزة وتحويله إلى كومة من الركام، بالإضافة إلى ما يقرب من 40 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، ومئات الآلاف من المصابين والضحايا، فجأة تحولت غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة لا الآن ولا فى المستقبل القريب، فرفع الركام ومخلفات الحرب يحتاج إلى مليارات الدولارات وعشرات السنين، وإعادة الإعمار يحتاج إلى مليارات وسنوات أخرى، ربما يسوق البعض – وأنا منهم – ان هناك خسائر ضخمة تكبدتها إسرائيل وأهم تلك الخسائر صورة إسرائيل الذهنية أمام العالم والتى تشوهت كما لم يحدث من قبل، لكن البعض يرجح أن إسرائيل ستكون قادرة على رسم الصورة التى تراها مجددا من خلال سيطرة الصهيونبة العالمية على وسائل الإعلام وكذلك المزاج العام الغربى، ويضيف البعض سؤالا يبدو وجيها، وهو وهل إسرائيل حقا حريصة على رأى العالم فيها وفى سياستها؟ والسؤال الأكثر جدية هل حقا تغيرت الصورة الذهنية عن دولة إسرائيل فى العقل الغربى؟ خلاصة هذا السجال أننا أمام سؤال يبدو جارحا، هل كسبت القضية الفلسطينية بحرب السابع من أكتوبر؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فمن سيتسلم من الفلسطينيين دروع المكاسب، وإذا كانت بالنفى فمن من الفلسطينيين سيدفع فاتورة تلك الخسائر؟، يبدو أن السؤال الذى شغل بال الجميع هو ماذا عن اليوم التالى وكيف سيكون ومن هم أبطاله ورجالاته؟ تطرق الكثيرون إلى إجابات متعددة عن شكل اليوم التالى لحرب غزة، لكن الواقع الذى رسمته وارادته إسرائيل لشكل ومضمون اليوم التالى هو ما يتحقق على الأرض الآن وعلى الهواء مباشرة، هذا الواقع هو نقل الحرب من غزة إلى لبنان، والهدف «تكسيح» حزب الله كما تم «شل» حركة حماس، يبدو لنا جميعا ان إسرائيل تتحرك بخطة واضحة وهى قطع أصابع حركة حماس وقد فعلت وتقليم أظافر حزب الله وهى الآن تفعل، وأعتقد ان اليوم التالى لحرب لبنان سيكون حزب اليمن وقطع أيادى جماعة الحوثى من جنوب البحر الأحمر، فى الخلفية تبدو إيران فى حالة ضبط إشارات على موجة السلام والمصالح الإيرانية ونبذ الحروب والنزاعات، فإيران المنخرطة فى مفاوضات مع أمريكا برعاية إحدى الدول العربية لن تغامر بدخول حرب من أجل حماس أو حزب الله أو جماعة الحوثى أذرعها الثلاثة الطويلة فى المنطقة، إيران ابتلعت آلامها وغضت الطرف عن كل الاستفزازات الإسرائيلية لأجل خاطر مصالحها مع الغرب، ما لنا نتابع تفاصيل اليوم التالى لحرب غزة وهو حرب لبنان ونتوقع ان يكون اليوم التالى لها هو حرب اليمن.