عاشت العاصمة اللبنانية بيروت، أمس، هدوءاً حذراً بعد الغارات التى شنتها اسرائيل الجمعة الماضيةعلى الضاحية الجنوبيةمعقل حزب الله فى العاصمة، والتى خرقت فيها وقف إطلاق النار، الذى عقد بين الطرفين فى نوفمبر الماضي.
يرى مسئولون إسرائيليون أن الغارات الاسرائيلية على لبنان هى رسالة إلى حزب الله، بأن المعادلة قد تغيرت، وأن تل أبيب لن تسمح للحزب بإعادة بناء نفسه مرة أخري، وفقاً لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية.
أشارت الصحيفة وفقاً لتقرير نشرته أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، سارعا إلى التصريح بأن «ما حدث قبل السابع من أكتوبر لن يتكرر»، مشددين على أن ضربة بيروت موجهة لمن لم يستوعبوا الوضع الجديد، فى إشارة إلى الصاروخين اللذين تزعم إسرائيل إطلاقهما من لبنان، بينما ينفى حزب الله الأمر تماماً.
أضاف التقرير أن وزير الدفاع الإسرائيلى قاد التحرك لمهاجمة بيروت، لأنه يرى أن هجوم الجيش الإسرائيلى على الضاحية، هو المعادلة الصحيحة لحماية أمن سكان الجليل، «على مبدأ بيروت مقابل الجليل».
كشف أن الهجوم جاء بضغوط ومبادرة من كاتس، بهدف خلق معادلة جديدة، خصوصا أن الجيش الإسرائيلى استخدم فى الأيام الأخيرة معلومات استخباراتية لتحديد أهداف لحزب الله فى بيروت، حيث أوضح التقرير أنه تقرر استهداف مبنى يستخدمه الحزب، كمستودع للأسلحة، وفق الرواية الإسرائيلية.
يذكر أن إسرائيل كانت قد قصفت فى وقت سابق الجمعة الماضية الضاحية الجنوبية لبيروت، للمرة الأولى منذ بدء سريان وقف إطلاق النار فى نوفمبر الفائت، وذلك رداً على ما قالت إنه إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الشمال.
أسفر القصف الجوى عن مصابين وأضرار مادية، وأدى لإغلاق مدارس وصعوبة فى حركة السير، وتحدث الجيش الإسرائيلى عن استهداف منشأة لتخزين الطائرات المسيّرة تابعة لحزب الله بالضاحية الجنوبية.
غير أن حزب الله نفى إطلاق أى صواريخ نحو إسرائيل. وأكد مصدر مسئول فى الحزب التزامه باتفاق وقف النار، نافياً أى علاقة له بالصواريخ التى أُطلقت من الجنوب اللبناني، ومعتبراً أن تل أبيب تختلق الذرائع.
فيما أفاد الجيش اللبنانى أنه تمكن من تحديد موقع انطلاق الصواريخ فى منطقة قعقعية الجسر – النبطية شمال نهر الليطاني، وباشر التحقيق لتحديد هوية مطلقيها.
ومنذ توقيع اتفاق وقف النار بين إسرائيل والسلطات اللبنانية برعاية أمريكية فرنسية فى 27 نوفمبر 2024، نفذت القوات الإسرائيلية العديد من الغارات على مواقع فى لبنان، بحجة استهداف مواقع لحزب الله.
كما رفضت الانسحاب من خمسة تلال استراتيجية جنوب لبنان ترابض فيها، على الرغم من أن الاتفاق ينص على الانسحاب التام.
من جانبها،أعلنت الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل بعد قصفها ضاحية بيروت الجنوبية، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامى بروس، إن من «حق» إسرائيل الرد فى لبنان على إطلاق – من سمتهم إرهابيين – صواريخ نحوها.
أضافت بروس أن على الحكومة اللبنانية مسئولية نزع سلاح حزب الله، لمنع حدوث هجمات مشابهة فى المستقبل.
فى غضون ذلك، قال موقع أكسيوس الإخبارى إن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعربت عن دعمها لرد إسرائيل على إطلاق الصواريخ من لبنان، وأكدت أنه يتعين على الحكومة اللبنانية منع الخروقات.
نقل الموقع عن مورجان أورتيجوس، نائبة المبعوث الأمريكى إلى الشرق الأوسط قولها إن إسرائيل تدافع عن مواطنيها ومصالحها عندما ترد على هجمات صاروخية.
ذكر الموقع أن أورتيجوس أجرت أيضا محادثات مع مسئولين إسرائيليين، وأكدت دعم بلادها لإسرائيل، لكنها أشارت إلى أن واشنطن تسعى لتجنب تصعيد إضافى على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
فى خطوة متزامنة، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة تستهدف خمسة أشخاص وثلاثة كيانات على صلة بحزب الله.
أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية استمرار واشنطن فى زعزعة المنظومة المالية التى بناها حزب الله، لحرمانه من الأموال أو استخدام النظام المالى الدولي.
كان قد أعلن الرئيس اللبناني، جوزيف عون، من باريس إن قصف إسرائيل للضاحية الجنوبية يعد استمراراً لخروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار.
ناشد عون خلال مؤتمر صحفى مع نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، أصدقاء لبنان فى باريس وواشنطن التدخل لمساعدة بلاده على تطبيق القرارات التى تحفظ لها استقرارها، مشيرا الى انتشار الجيش فى جنوب البلاد وقيامه بمهامه هناك.
بشأن الصواريخ التى أطلقت باتجاه إسرائيل، قال الرئيس اللبنانى إن حزب الله لم يقدم على إطلاق هذه الصواريخ، مشيرا إلى صعوبة التحقق من هوية مطلقها.
من جهته، قال الرئيس ماكرون إن الغارات الإسرائيلية على بيروت غير مقبولة، مضيفاً أنه ليس لدى فرنسا أى معلومات ولا أدلة عن مسئولية حزب الله عن إطلاق الصواريخ.