أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أمس استشهاد 3 أشخاص وإصابة 54 آخرين، جراء الغارات الإسرائيلية المتتالية على بلدة قانا فى الجنوب اللبناني.
وأشار مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع للوزارة، بحسب الوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية، إلى ارتفاع حصيلة الغارات المتتالية على مبنيى بلدية النبطية واتحاد بلدياتها باستشهاد 6 أشخاص وإصابة 43 آخرين.
وأضافت أن الطيران الإسرائيلى شن غارات متعددة مستهدفاً مبنى فى تول ودمره.. كما استهدف بلدتى حولا ومعروب بمحافظة النبطية فى الجنوب اللبناني.
فى المقابل أعلن الجيش الإسرائيلى أن صفارات الإنذار انطلقت فى صفد والمناطق المحيطة بها بعد سقوط نحو 50 صاروخاً من لبنان صباح أمس.
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية عن بيان الجيش القول «إنه اعترض عدداً من الصواريخ وسقطت صواريخ أخرى فى المنطقة، ولم ترد أنباء فورية عن وقوع إصابات أو أضرار».
وفى بيان أخر، أعلن الجيش أن طائرتين بدون طيار عبرتا إلى منطقة الجليل الأعلى فى إسرائيل من الأراضى اللبنانية فى وقت متأخر.
وأضاف أن الأهداف التى سقطت ضربت مناطق مفتوحة.. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
سياسياً.. أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية تقديم شكوى جديدة إلى مجلس الأمن بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان خلال الفترة «3-14» أكتوبر الحالي، وذلك فى إطار الشكاوى الدورية التى تقدمها الوزارة بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك؛ لتوثيق العدوان الاسرائيلى عليه، والضغط على المجتمع الدولى ومجلس الأمن من أجل التحرك لوقفه.
وأدانت الوزارة ـ فى بيان أمس، وفقاً للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية ـ استمرار إسرائيل فى خرقها لسيادته بحراً وبراً وجواً، واستهدافها مراكز الجيش اللبناني، وهيئات الإسعاف والاغاثة، والمدنيين غير المشاركين فى الأعمال الحربية بقصف عشوائى للمدن والقري، على غرار ما حدث فى بلدة أيطو ومنطقتى النويرى ورأس النبع وغيرها من المناطق، حيث سقط مئات القتلى والجرحى من المدنيين، بالإضافة إلى استهدافها محطات نقل المياه، ومعبر المصنع الحدودي، وشنّها غارات على محيط قلعة بعلبك المدرجة على قائمة التراث العالمى لليونيسكو، وعلى سوق النبطية التاريخي.
كما استنكرت إنتهاج إسرائيل سياسة التصفية والاغتيالات الممنهجة عبر الغارات الجوية المباغتة فى المدن والقرى والأحياء المأهولة بالسكان، دون أى اكتراث بحياة المدنيين، مشيرة إلى أن إسرائيل تحاول بالقوة وبالوسائل العسكرية العدائية فرض رؤيتها للأمن فى المنطقة ضد سيادة وأمن وسلامة دول المنطقة وشعوبها، متذرعةً بمزاعم غير مبنية على أى دلائل أو براهين تثبت السردية التى تتبناها، خصوصا لجهة إدعائها الدفاع عن النفس.
وطالبت الخارجية اللبنانية، مجلس الأمن بإدانة العدوان الإسرائيلى الواسع والمتواصل عليه وعلى شعبه والاجتياح البرى لأراضيه، داعية مجدداً المجلس الى إلزام إسرائيل بالتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن «1701» من خلال الوقف الفورى للأعمال العدائية، والانسحاب فوراً من الأراضى اللبنانية كافة.
وأكدت أنه يعوّل على الدور الأساس لليونيفيل، بحسب الولاية الممنوحة لها، بالتعاون الوثيق مع الجيش اللبناني؛ تحقيقاً لتعزيز بسط سلطة الدولة على كامل الاراضى اللبنانية ضمن الحدود المعترف بها دولياً.
بدوره، أعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة «ستيفان دوجاريك»، عن قلقه العميق إزاء الآثار الضربات الإسرائيلى المستمرة على الجنوب اللبناني، خاصة على المدنيين وشدد على ضرورة أن تفى جميع الجهات الفاعلة بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما فى ذلك القانون الدولى الإنسانى وبذل قصارى جهدها لحماية المدنيين.
كما أعرب «دوجاريك» عن تقدير المنظمة للدعم الذى تلقته قوات حفظ السلام فى لبنان «اليونيفيل» من مجلس الأمن بالإجماع. وأشار إلى أنه ومنذ الأول من أكتوبر، تأثرت مبانى الأمم المتحدة بالأعمال العدائية فى لبنان فى عشرين حادثة على الأقل، أصيب فيها ما لا يقل عن خمسة من قوات حفظ السلام. وقال «دوجاريك» إن الهجمات ضد قوات حفظ السلام تشكل انتهاكا للقانون الدولي، «وقد تشكل جريمة حرب».
وجدد «دوجاريك» دعوة المنظمة إلى وقف فورى لإطلاق النار، مشيراً إلى أنه «السبيل الوحيد لضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام وكذلك حماية سكان لبنان وإسرائيل من المزيد من المعاناة»، وكان الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» قد أدان بشدة الخسائر فى أرواح المدنيين نتيجة للغارة الجوية الإسرائيلية على أيطو فى قضاء زغرتا، شمال لبنان.
أكدت المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين «ريما جاموس إمسيس» أن ربع لبنان يخضع لأوامر إخلاء عسكرية إسرائيلية بعد أن صدرت الأوامر بإخلاء 20 قرية فى الجنوب، وأشارت إلى إن العديد من العائلات تفر إلى الأماكن العامة المفتوحة، يائسة للهروب من القنابل، ولكنها تكافح من أجل إيجاد مأوي.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قالت «إمسيس» إن أكثر من 283 ألف شخص فروا إلى سوريا، 70 فى المائة منهم سوريون. وأضافت: «يعود العديد من السوريين إلى الأماكن التى فروا منها قبل سنوات، غير متأكدين مما سيجدونه وبموارد ضئيلة. وفى الأماكن التى دمرت فيها منازلهم، يتم إيواء السوريين من قبل أقارب أو أصدقاء، وهم أنفسهم يكافحون. ويقيم اللبنانيون بشكل أساسى مع أقارب أو عائلات سورية سخية، مع وجود عدد قليل فى مراكز الاستضافة».
وقالت المديرة الإقليمية إن المفوضية وشركاءها يقدمون المساعدة الطبية والقانونية، وينقلون الأسر الأكثر ضعفاً من المعابر الحدودية إلى وجهاتهم ويدعمون مراكز الاستضافة، وأشارت إلى وصول قافلة مشتركة بين وكالات الأمم المتحدة ـ مكتب تنسيق الشئون الإنسانية وبرنامج الأغذية العالمى والمفوضية السامية لشئون اللاجئين واليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان ـ مكونة من 12 شاحنة تحمل مساعدات حيوية إلى قريتى مرجعيون والقليعة فى جنوب لبنان. شملت المساعدات ماء معبأ ومستلزمات نظافة وبطانيات ووسائد ومراتب، من بين مواد أساسية أخري.
من جهته، سلط بـرنامج الأغذية العالمى واليونيسيف الضوء على حجم الدمار على الأرض والخوف والارتباك بين الناس الذين يواجهون مستقبلاً غامضاً طالما أن بلدهم تحت النار وذكرت الوكالتان الأمميتان أن الحرب التى أراد العالم تجنبها فى لبنان تدور الآن وقد تسببت بالفعل فى كارثة.
وقالت الوكالتان إن الأسر اللبنانية تعيش فى «ظروف خطيرة»، ومع تفاقم الصراع، تزداد الآثار النفسية على السكان، وخاصة بين الأطفال والشباب. وأضافتا: «لقد تأثر كل طفل فى لبنان تقريبا بطريقة أو بأخري. لقد كان العديد منهم ضحايا للقصف، وفقدوا أحباءهم ومنازلهم والوصول إلى التعليم ويواجهون مستقبلاً غير مؤكد ربما يكون أعمق فقراً».
وحذرت الوكالتان الأمميتان من تأثر حوالى 1.2 مليون شخص فى لبنان بشكل مباشر بالأعمال العدائية، وقد عبر آلاف الأشخاص إلى سوريا، بما فى ذلك لبنانيون وسوريون. ويعيش حاليا ما يقرب من 190 ألف نازح فى أكثر من ألف منشأة، بينما يبحث مئات الآلاف عن الأمان بين الأهل والأصدقاء.