الحزب ينفى استباق هجومه.. ويؤكد: العملية العسكرية « تمت وأنجزت»
على مدار ساعتين شن حزب الله اللبنانى فجر أمس هجوما على مواقع فى الشمال الإسرائيلى انتقاما لاغتيال قائده العسكرى فؤاد شكر أواخر الشهر الماضي، إلا أن هذا «الرد الانتقامي» سرعان ما توقف، بعد أن حقق غاياته بنجاح، وفق ما صرح به حزب الله.
بعدها تضاربت الأنباء حول استباق اسرائيل للهجوم وإحباطه، فقد صرح الجيش الاسرائيلى انه أحبط الهجوم عبر ضربات استباقية، مؤكدا أنه لديه فيديوهات عن الضربات التى نفذها على مواقع حزب الله، فيما نفى الحزب هذه الادعاءات واعتبر أن عمليته العسكرية «تمت وأنجزت.
بداية الأحداث
بدأ التصعيد مع إعلان إسرائيل عند الساعة السادسة والنصف صباح أمس تنفيذ أكثر من 40 ضربة فى عملية استباقية على مواقع لحزب الله فى الجنوب اللبناني، من أجل «منع هجوم كبير»، ما يعنى أنها أحبطت الهجوم الذى كان مخططاً سابقاً.
لكن فى المقابل أكد مصدر استخباراتى غربى أن هجوم حزب الله كان مقرراً عند الساعة الخامسة صباحا.
بعدها كشفت تقارير اسرائيليةأن الأضرار اقتصرت على بعض الماديات فى الشمال، فضلا عن إصابة منزل فى عكا، ومزرعة للدجاج أيضاً بصواريخ حزب الله.
فيما أفادت مصادر باستشهاد 3 مواطنين اثر الغارات الاسرائيلية، بينما أصيب 5 جنود اسرائيليين اثر استهداف زورق بحري.
فى المقابل، تركت الضربات والغارات الإسرائيلية التى شنت على عدة قرى جنوبية فى لبنان أضرارا جسيمة، خاصة أنها كانت «الأعنف» منذ بدء الحرب على غزة فى السابع من أكتوبر الماضي، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية. كما تسببت فى أضرار جسيمة للبنية التحتية المحلية، بما فى ذلك شبكات الكهرباء والمياه.
إلى ذلك أعلن حزب الله أنه أطلق أكثر من «340 صاروخ» كاتيوشا على مواقع وثكنات عسكرية إسرائيلية.
قال فى بيان إن هجماته طالت 11 قاعدة وثكنة عسكرية تم استهدافها وإصابتها فى شمال إسرائيل والجولان السورى المحتل، معلنا الانتهاء من «المرحلة الأولي» من الرد على اغتيال شكر.
كما كشف أن المسيرات التى أطلقها كانت تمهد الطريق لضربة فى العمق الإسرائيلي. وأضاف أن ضرباته طالت قواعد ميرون وزعتون والسهل، فضلا عن مرابض نافى زيف والزاعورة، بالإضافة إلى ثكنات كيلع، ويو أف فى الجولان السورى المحتل، وقواعد نفح ويردن «فى الجولان»، وقاعدة عين زى تيم، وثكنة راموت نفتالى أيضا.
لكن لم يصدر أى تأكيد رسمى إسرائيلى فى هذا المجال، بل اكتفى الجيش الإسرائيلى بالإعلان عن مشاركة 100 طائرة حربية فى الضربات الاستباقية على حزب الله.
كما زعم الاحتلال أنه دمر آلاف منصات إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله، وهو ما أكدته صحيفة نيويورك تايمز» نقلا عن مصدر غربى أن الضربات الإسرائيلية دمرت كل منصات الصواريخ المعدة لضرب تل أبيب.
جدل حول الهجوم
بعد ذلك ساد الجدل حول استباق الهجوم واحباطه بين الطرفين، ففيما أكد الحزب اللبنانى نجاح المرحلة الأولى من رده الانتقامى لاغتيال قائده العسكرى فؤاد شكر، نفت إسرائيل الأمر.
أكد حزب الله أنه «تم إطلاق جميع المسيرات الهجومية فى الأوقات المحددة لها ومن جميع مرابضها، وعبرت ـ الحدود اللبنانية الإسرائيلية باتجاه الأهداف المنشودة.كما اعتبر أن العملية العسكرية «تمت وأنجزت»، مضيفا أن ادعاءات إسرائيل حول العمل الاستباقى وتعطيلها للهجوم «ادعاءات فارغة وتتنافى مع وقائع الميدان.
فى الوقت نفسه ألمحت مصادر مقربة من حزب الله إلى أنه نفذ عملية تضليل لإسرائيل، وأصاب هدفاً مهماً فى العمق.
من جانبه، نفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعى تلك الرواية، مؤكدا أن إسرائيل أحبطت هذا الهجوم عبر الضربات الاستباقية التى نفذتها. كما أشار إلى أن لدى الجيش الإسرائيلى فيديوهات عن الضربات التى نفذها أمس على مواقع حزب الله فى الجنوب اللبناني، وقد نشر بعضا منها.
كذلك أضاف أن الغارات على حزب الله كانت استباقية لإزالة كافة التهديدات، لافتاً إلى أن قوات بلاده رصدت إطلاق أكثر من 250 قذيفة صاروخية من لبنان.
أوضح أن الجيش الإسرائيلى استهدف أكثر من 500 قيادى وعنصر لحزب الله منذ بدء التصعيد على الحدود بين الطرفين. هذا ونفى أن تكون ضربات حزب الله أسفرت عن أضرار مادية أو بشرية، حسب قوله.
أهداف الضربة
وسط الجدل المستمر أوضحت بعض التقديرات العسكرية المبدئية بإسرائيل أن حزب الله خطط لاستهداف مراكز استخباراتية فى منطقة جليلوت بتل أبيب.
من بين تلك الأهداف، بحسب ما أفادت مصادر اعلامية مقر الموساد، والقاعدة 8200 شمال تل أبيب «علماً أنه سبق وتم إخلاء الموقعين جزئيا».
فيما أوضح مسؤولون إسرائيليون أن أنظمة التشويش نجحت فى حماية تل أبيب من تلك الهجمات، حسب ما نقلت «واشنطن بوست.
وفى محاولة لتأكيد ذلك كشف مسؤول عسكرى إسرائيلى أن هجوم حزب الله كان سيستهدف مواقع استراتيجية فى إسرائيل، قبل أن يحبط، وفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية. وأضاف أن حزب الله كان ينوى إطلاق 6 آلاف مقذوف نحو الداخل الإسرائيلى.
تصريحات اسرائيلية
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو إن ماحدث يمثل خطوة أخرى على طريق تغيير الوضع على الحدود الشمالية مع لبنان، موضحًا أن الجيش دمر آلاف الصواريخ قصيرة المدى واعترض جميع مسيرات حزب الله.
قال نتنياهو إنه أصدر توجيهات للجيش الإسرائيلى بتنفيذ ضربة استباقية قوية لإزالة أى تهديد من جنوب لبنان.
فى سياق ذى صلة، أكد نتينياهو أن إسرائيل قررت إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم. وشدد على أن إسرائيل عازمة على «فعل كل شيء للدفاع عن البلاد وسنؤذى كل من يفكر فى إيذائنا. ودعا رئيس الوزراء لمتابعة توجيهات الجبهة الداخلية.
بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس، إن تل أبيب «لا تسعى إلى حرب شاملة» فى المنطقة، مشيراً فى رسالة إلى العشرات من نظرائه وزراء الخارجية إلى أن الجيش الإسرائيلى «يتصرف وفق التطورات على الأرض.
طالب وزير الخارجية الإسرائيلي، وزراء تلك الدول بـ»دعم إسرائيل»، مضيفاً: «لقد تحركنا لمنع هجوم مؤكد على إسرائيل، وسنعمل بقوة ضد كل من يهددنا»، وتابع: «لقد تحركت إسرائيل بعدما حددت بشكل مؤكد هجوماً واسع النطاق مخططاً من قبل حزب الله باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة ضد أهداف فى إسرائيل، ووجهت ضربة استباقية لوقف الهجوم. وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي، أن «تل أبيب تعمل بحقها فى الدفاع عن النفس فى مواجهة محور الشر الذى تقوده إيران بهدف معلن لتدمير إسرائيل..
فى سياق متصل، شدد وزير الدفاع يوآف جالانت على أن بلاده «تتابع ما يحدث فى بيروت وعازمة على استخدام كل الوسائل من أجل حماية مواطنيها.
من ناحيته، اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعي، أن إسرائيل ستواصل سياسة اغتيال قادة حزب الله، وتوجيه الضربات له بهدف إبعاده عن الحدود وضمان عودة سكان الشمال الإسرائيلى للمناطق التى كانوا فيها.
واكد أدرعى أن إسرائيل تنفذ هجوما واسعا لاستهداف حزب الله ومصالحه وقياداته وقدراته المختلفة على مقربة من الحدود وفى العمق اللبناني.
أوضح أن الجيش الإسرائيلى كثف طلعاته الجوية لرصد ما يجرى فى لبنان وأخذ تهديدات زعيم حزب الله حسن نصر الله على محمل الجد، مشيرا الى أنه عندما رأى الجيش الاسرائيلى تحركات لحزب الله واستعدادات لتنفيذ عملية إطلاق واسعة النطاق من الجنوب اللبنانى قام بشن هجوم استباقي.
فى سياق متصل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى دانيل هجاري، إن «الجيش يواصل إحباط الهجمات التى يخطط لها حزب الله على البلاد، مؤكدا أن قواته ستهاجم كل مكان فى لبنان يشكل تهديدا لها. كما أضاف فى بيان أن الجيش يواصل هجماته لإزالة تهديدات حزب الله، مضيفا أن تل أبيب تدرك أنها أتت بتنسيق مع إيران.
من جانبه قال الأمين العام لـ»حزب الله» اللبنانى حسن نصر الله أمس إن الرواية الإسرائيلية بشأن الهجمات المتبادلة ما بين قوات الحزب وإسرائيل، «مليئة بالأكاذيب».
وذكر فى كلمة تليفزيونية أن الحديث عن خطة لدى المقاومة لاستهداف تل أبيب أو وزارة الدفاع أو مطار بن جوريون، هى ادعاءات كاذبة، لأن هدفنا كان قاعدة الاستخبارات العسكرية، ولم يتم استهداف مواقع مدنية.
وقال إن الحديث عن أهداف مدنية أو أن إسرائيل أحبطت هذه الهجمات «ادعاءات كاذبة»، واعتبر أنه إذا وقعت إصابات مدنية فإنها «بسبب الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية».
وأضاف: «لا صحة للرواية الإسرائيلية عن نيتنا إطلاق 6 أو 8 آلاف صاروخ، ولا صحة لاستخدامنا صواريخ دقيقة التوجيه، ولكن قد نستخدمها مستقبلاً».وقال إن كل ما ذكرته إسرائيل عن استهداف صواريخ دقيقة أو بالستية للحزب كاذبة إذ إن أيًا منها «لم يصب بأذي».وقال إن ما قصفته إسرائيل «وديان خالية أو تم إخلاؤها من الصواريخ بالبالستية أو الدقيقة أو الاستراتيجية».
وقال إن جميع منصات الصواريخ عملت بلا استثناء، و»لم تصب منصة صواريخ واحدة قبل بدء العمل، وأطلقنا 340 صاروخاً، وكل مرابض المسيرات أطلقت مسيراتها رغم الغارات. لم يتعرض أى مربض للمسيرات لأى إصابات لا قبل أو بعد العمل».
ونوه إلى أن أسباب تأخر رد حزب الله على القصف الإسرائيلى كانت بسبب حجم الاستنفار الأمنى والاستخبارى والميدانى الإسرائيلى والأمريكي، والذى «كان فى ذروته ما كان يعنى أن العجلة ستؤدى إلى الفشل».
وحمل نصر الله، إسرائيل المسؤولية عن التصعيد الحاصل على جبهة لبنان، من خلال الاعتداء على الضاحية الجنوبية فى القصف الذى أودى بحياة القائد العسكرى للحزب فؤاد شكر فى 30 يوليو.
ردود أفعال دولية
فى تعقيب على التطورات فى جنوب لبنان، أكد البيت الأبيض على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكي، شون سافيت، دعم واشنطن لإسرائيل، مشيراً إلى أن الرئيس جو بايدن، تابع التطورات عن كثب وأجرى مشاورات مع فريقه للأمن القومي، لافتاً إلى أن بايدن وجه مسئولى إدارته للتواصل بشكل دائم مع نظرائهم الإسرائيليين، وأن واشنطن تواصل العمل من أجل استقرار المنطقة.
كما أجرى وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، اتصالاً بنظيره الإسرائيلى يوآف جالانت، أكد فيه «التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل» ضد أى هجمات من إيران وشركائها ووكلائها بالمنطقة، بينما أكد مسئولون إسرائيليون أن تل أبيب «تتحرك وحدها» فى الهجمات على جنوب لبنان، لكنها أبلغت واشنطن قبل غاراتها الجوية الأخيرة.
إلى ذلك، دعا المنسق الخاص للأمم المتحدة فى لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة «اليونيفيل»، فى بيان مشترك، إلى الامتناع عن المزيد من التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
فى أعقاب التطورات الأخيرة عبر «الخط الأزرق»، طالبا، فى البيان المشترك، بالعودة إلى «وقف الأعمال العدائية، يليه تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولى 1701، هو السبيل الوحيد المستدام للمضى قدماً.