على مر العقود، عانت محافظات الصعيد من التهميش الاقتصادى والاجتماعي، مما أثر سلبًا على مستوى المعيشة وفرص التنمية المتاحة لسكان هذه المنطقة الغنية بمواردها وثرواتها. إلا أن الدولة المصرية اتخذت خطوات جادة فى السنوات الأخيرة لتغيير هذا الواقع وإعادة الصعيد إلى خارطة التنمية الوطنية، مما يعكس التزامًا واضحًا بتحقيق العدالة المكانية والتنمية المتكاملة.
أبرز هذه الجهود تتجسد فى تخصيص 62.4 مليار جنيه لمحافظات الصعيد ضمن خطة العام المالى الجارى 2025 ، مع توجيه 7.4 مليار جنيه منها لمحافظة المنيا وحدها بحسب تصريحات وزيرة التخطيط د.رانيا المشاط اثناء افتتاحها للمشروعات الزراعية والتنموية بالمنيا. هذا التخصيص يُعد خطوة نوعية تهدف إلى تحسين البنية التحتية، تطوير الخدمات العامة، وخلق فرص عمل جديدة لأبناء الصعيد. وهو ما يشير إلى أن الدولة باتت تُدرك أهمية استثمار الموارد لتحقيق تحول حقيقى فى حياة المواطنين فى هذه المناطق.
ولعل المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» تمثل حجر الزاوية فى هذا التحول. فمن خلال تخصيص 237 مليار جنيه للمرحلة الأولى من المبادرة لمحافظات الصعيد، منها 43.2 مليار جنيه لمحافظة المنيا وحدها، تتجه الجهود نحو تحسين جودة الحياة اليومية للمواطنين. تشمل هذه المبادرة مشروعات تتعلق بتطوير المرافق الأساسية مثل مياه الشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الصحية والتعليمية. هذه التحسينات لا تسهم فقط فى تعزيز البنية التحتية، بل تُحدث أيضًا نقلة نوعية فى نمط الحياة للمجتمعات الريفية التى عانت طويلاً من نقص الخدمات.
ما يُميز «حياة كريمة» هو شموليتها. فالمبادرة لا تهدف فقط إلى تحسين الخدمات، بل تمتد إلى تمكين المجتمعات من خلال مشروعات صغيرة ومتوسطة تُسهم فى توفير فرص عمل مستدامة. وبهذا، تُحقق المبادرة أهدافًا مزدوجة: تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية الاقتصادية.
ويأتى قطاع الزراعة والتنمية الريفية فى مقدمة أولويات الدولة ضمن هذا الإطار. يُعد هذا القطاع عصب الحياة الاقتصادية فى الصعيد، حيث يوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لشريحة واسعة من السكان. كما أنه يرتبط بشكل وثيق بالأمن الغذائى وتحقيق التنمية المستدامة.