يقول أهل السير والتفاسير، إن فرعون رأى رؤيا، أن ناراً خرجت من بيت المقدس فأشعلت مملكته كلها، وفسرها المنجمون والكهنة والسحرة، بأن غلاما من بنى إسرائيل؛ يقتله وينهى ملكه، فأمر بذبح كل مولود لهم واستمر القتل وكثر، حتى قال له الوزراء، قتلت أبناء بنى إسرائيل وما أصبح عندنا خدم، فكان فى سنة يذبح المواليد وفى أخرى يتركهم، وفى السنة التى منع فيها الذبح ولد هارون (عليه السلام) فنجا، وفى الثانية ولد سيدنا موسى، وساقه الله إلى الطاغية ليترعرع فى ملكه، ويتربى فى قصره.
وعندما أصبح طفلاً تقدم إلى فرعون، وضربه بكف على وجهه، فتيقن حينها أن هذا هو الغلام الذى ستكون نهايته على يديه، فأراد أن يقتله، فتدخلت زوجته المؤمنة وقالت إنه صغير «لا يعرف التمر من الجمر»، وجاءوا له بالفعل بتمر وجمر فأخذ الجمرة ولسعت لسانه، ونجا مرة أخرى من القتل.
ورغم كل ما احتاط له فرعون، إلا أن الله غالب على أمره، وأتت نهاية الطاغية، الذى جاوز الحد فى القتل والفساد، على يد الصبى الذى رباه فى بيته، وأغرقه الله هو وجنوده.
وبكل تأكيد، اليهود يصدقون كل ما جاء فى القرآن والسنة عن نهايتهم، وأنهم على يقين بذلك، ويعرفون أنهم «يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين»، ويصدقون الحديث الشريف «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، وينطق الحجر والشجر ويقول يا مسلم هذا يهودى ورائى فاقتله إلا شجر الغرقد أو الفرقد، فإنه من شجر يهود»، والدليل على أنهم يصدقون، يبالغون فى زراعة هذا الشجر للاختباء وراءه.
إنهم يعيدون نفس الموقف الذى حدث لأسلافهم مع فرعون، ويعترفون بأن ما يفعلونه من ذبح ودمار وإشعال للحروب والفتن إنما هو مجرد إطالة أو محاولة تأخير للنهاية المحتومة لهم، لذا، يعمل الصهاينة أكثر مما فعل فرعون فى بنى إسرائيل، يحاولون التخلص من الفلسطينيين بشتى السبل، من الذبح والقتل والإبادة والتجويع، ومحاولات التهجير، لأنهم يعلمون أن الله ناصر أصحاب الحق والأرض، مهما طالت السنون.
كذلك، وجد الصهاينة فى أحداث 7 أكتوبر، «تلكيكة» وحجة لإشعال نيران الحرب التى امتدت أكثر من 15 شهرا، ورغم استخدام القوة الغاشمة، والمساعدات الغربية والأمريكية غير المحدودة، والمعدات الذكية المتطورة، لم يستطع هذا الجمع أن يعرف حتى الآن مكان الرهائن، رغم محدودية مساحة قطاع غزة.
وبعد الفشل الذريع لنتنياهو، اضطر لقبول وقف إطلاق النار للإفراج عن الرهائن، وأصابه الجنون وهو يرى حشود أهل غزة يعودون إلى أطلال ديارهم، ويتمسكون بها حتى لو كانت أكواما من الركام، وما أن التقط أنفاسه، وشعر أن هذا يعنى نهاية حياته السياسية، وفى اليوم الذى كان من المفترض أن يمثل فيه أمام المحكمة، أعاد إشعال الحرب، بسلسلة من الغارات الجوية العنيفة، استهدفت مناطق مختلفة فى القطاع.
ووجدت الدولة العبرية نفس التأييد والدعم، من أمريكا التى أعطتها الضوء الأخضر، وأكد البيت الأبيض، أن ترامب يدعم إسرائيل دعما كاملا فى الإجراءات التى اتخذتها فى الأيام الأخيرة.
وعلى العكس، لم يجد الصهاينة من العالم نفس المواقف السابقة، وعبّرت الأمم المتحدة عن الصدمة والفزع من تجدد الضربات على غزة، وأسفرت عن استشهاد المئات، لتجدد المأساة بشكل أكثر فظاعة وبشاعة، وشدد مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان على أن الحرب يجب أن تنتهى بشكل نهائى، وحث الأطراف على بذل كل ما فى وسعها لتحقيق السلام ومنع المزيد من معاناة المدنيين، بل استنكر عدد من الأسرى الإسرائيليين السابقين الذين تم الإفراج عنهم استئناف العدوان، كما حذر أقارب بقية الأسرى من المخاطر المحدقة بذويهم.
آجلا أو عاجلا، إن وعد الله لآت، مهما كانت قوة الطغاة، وليستذكر الصهاينة، كيف نجاهم الله من فرعون، وبالمثل سوف ينجز الله وعده، ويهلكهم ويخلص العالم منهم ومن شرورهم.