بعد صدور قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكليف الدكتور نظير محمد عياد مفتيا للديار المصرية خلفاً للدكتور شوقى علام المفتى السابق ولمعرفتى السابقة بالمفتى الجديد فهو عالم متميز وباحث مدقق وله الكثير من المؤلفات والأطروحات وقد أبلى بلاء حسنا إبان توليه دفة الأمور فى مجمع البحوث الإسلامية وسيرته العطرة فى كلية أصول الدين بالمنصورة والدراسات الإسلامية بكفر الشيخ وهذا ما يدعونا إلى أن ننتظر منه نقلة نوعية وسريعة بدار الإفتاء المصرية فليس أقل من ضبط الفتاوى وحتى لا تكون ضيعة لكل من هب ودب، ولا أنسى أنه فى نهاية الثمانينيات كتبت مقالاً فى جريدة الأهالى بعنوان: «ضيعة الفتوي» وألحقته بمقال آخر بعنوان: «قانون موحد لبناء دور العبادة» ولكل منهما حكاية فالأول: كتبته بعد أن أصبحت أمور الفتيا فى طول البلاد وعرضها ضيعة لكل من هب ودب والثانى كتبته بعد أن أسرف الناس فى بناء الزوايا المتلاصقة أسفل العقارات فقد كان طبيعياً أن تجد سمكريا -مع كل التقدير لكل صاحب مهنة يأكل من عمل يده- يتكلم فى أمور الدين وعندما كنا نواجه هؤلاء الهواة كانوا يقولون: «هم رجال ونحن رجال» بالمخالفة لأبجديات الواقع والمنطق، فلا العقل ولا المنطق يقبلان ذلك وكان من ثمار ذلك حالة من الاسهال والسيولة فى الفتاوى وقد سمعنا بتخرصات وتقولات ما أنزل الله بها من سلطان، وكم من العقلاء قالوا إن الطبيب يحتاج إلى رخصة لمزاولة المهنة وكذا الصيدلي، والمهندس، والأمر يمتد إلى أصحاب المهن الأخري، وبالتالى ليس هناك عيب أو افتئات على الواقع إذا طالبنا برخصة لفئة المفتين ومن يتصدون المشهد لتبصير الناس بفقه الدين والحياة لكن أن يظل الحال هكذا فقل على الدنيا السلام وقد حدث كثير من المشكلات والأمثلة على ذلك كثيرة: فمن غزوة الصناديق، إلى قتل الآخرين دون جريمة ارتكبوها وبعيدا عن رقابة القانون الذى هو معيار الحكم بين الناس ويومها قلنا وقال غيرنا: بضرورة إصدار تشريع يجرم التصدى لأمور الفتيا دون دراية ودون الحصول على المؤهلات فليس كل داعية فقيه وهذه حقيقة قد تُغضب البعض فالفقه له علومه ومواهبه لاسيما أن أبواب الفقه تحتاج إلى التمرُّس، والممارسة المنضبطة بقواعدها والوقوف على مسببات الأحكام ولكل حكم ظروفه التى قد تغاير نفس الحكم إذا تعلق بشخص آخر وقد غضب مما كتبنا من كنا نظنهم أصحاب أفق واسع، وكان مما قالوه: «إن الاسلام ليس حكراً على أحد» وكان الرد أن هناك فرقاً بين الإسلام كدين وبين التصدى لأمور الفتوى التى زادت على كل الحدود وعلى ألسنة الصبية والعوام وأصحاب المهن الدنيا، وقد كان الإمام مالك وهو من هو يُسأل فلا يجيب إلا عن القليل وقديما قالوا: «لا يُفتى ومالك فى المدينة»
فقد كان يُدرك خطورة التجرؤ على الفتيا ومالها من عواقب وخيمة على مصدرها وعلى المجتمع، وبعد أن اتسع الخرق وسمعنا بفتاوى الإسلام منها براء وقد صُعقت كغيرى عندما خرج علينا فى الأيام الأخيرة من يقول: «الزوجة غير ملزمة بعمل كوب شاى لزوجها وإن على الزوج أن يأتى بخادمة لزوجته».
على وتيرة ذلك رأينا فتاوى المصاطب فهل يمكن أن نرى تشريعا يخرج إلى النور يقف حجر عثرة أمام فتاوى كانت سببا فى تصوير الإسلام بنعوت وأوصاف هو بريء منها.
مصر بلد المآذن وهى من صدرت علوم الإسلام إلى الدنيا بأسرها وبلد الأزهر الشريف المعروفة بوسطيتها لا يعقل أبدا أن نرى هؤلاء الهواة يخرجون علينا بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان مع أن دار الإفتاء المصرية لعبت دورا كبيراً وعلى مر الزمان فى تبصير الناس بجوهر الإسلام الصحيح دون تشدد أو تفريط.
حفظ الله مصر أرضاً وشعباً وأزهراً ورئيساً.