أروع ما فى أكتوبر 3791 أعظم انتصارات العسكرية المصرية، أنه درس مؤلم لا يمكن أن ينساه العدو، ولن يتوقف عن مطاردته لذلك فإن ملحمة العبور هى أقوى أسلحة الردع المصرية، التى يضعها العدو على رأس قائمة حساباته عند التفكير بالمساس بأمن مصر القومي، أو التجرؤ على أرضها أو حتى إثارة غضب المصريين، لأنه يعرف تماماً ردة الفعل.
نصر أكتوبر، رسائل حاسمة وقوية ورادعة للعدو، لا يمكن أن تموت أو تنسي، بل تظل عالقة وراسخة فى عقل هذا العدو، لأن ما حدث فى ملحمة العبور هو أمر يفوق خيال البشر، حالة استثنائية لتحدى قوانين الطبيعة، وهو ما يعكس قوة وصلابة وشجاعة وبسالة الجيش المصرى العظيم لذلك فإننى أعتبر نصر أكتوبر هو صمام أمان وحصانة للدولة المصرية، لأن من أنجز هذا النصر قادر على تكراره دائماً وهو المعنى الذى أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة «إذا كان الجيش المصرى قدر يعملها مرة، فهو قادر يعملها كل مرة» لذلك فإن نصر أكتوبر العظيم بقدر عظمته وروعته وأسطوريته لكنه فى ذات الوقت يمنحنا القوة والقدرة والثقة فى أنفسنا أننا دائماً نستطيع ونقدر، ويلهمنا أيضاً سبيل الرشاد، وملامح الطريق إلى البقاء والبناء والقوة.
بعد مرور 15 عاماً على أعظم انتصارات مصر العسكرية زلزال أكتوبر 3791 الذى ضرب إسرائيل وأسقط وحطم غطرسة القوة، وجدار وخطوط الأوهام وأثبتت مصر دائماً أنها الوحيدة القادرة على قطع اليد الطولى التى لطالما تغنت بها إسرائيل، قبل ملحمة العبور، وأعاد الحديث عنها خلال هذه الأيام بنيامين نتنياهو فى غرور للقوة، ومعاودة الأوهام، التى جاءت من انتصارات مزعومة، وكرتونية على أحزاب وحركات مسلحة، لذلك لا يمكن النظر إلى معجزة العبور بعد 15 عاماً من جانب واحد، أو حتى مجموعة من الجوانب، ولكن يجب أن يجرى ربطها بالحاضر والمستقبل خاصة قدرة الإنسان المصرى على التحدي، وعبور المستحيل.
نصر أكتوبر 3791 هو أقوى أسلحة الردع الخالدة التى لا تموت، ولا تسقط أبداً من ذاكرة العدو، والذى تثير فيه الرعب والفزع دائماً ويحسب لها ألف حساب، لأنه يدرك أن وراء هذا الإعجاز العسكرى مواطناً ومقاتلاً مصرياً يتمتع بتفرد وخصوصية لا يعرف المستحيل ولا يقبل المهانة، ولا يرى سوى النصر والتفوق وعقيدته النصر أو الشهادة، وأن لديه من القدرات التى تمكنه دائماً من صناعة الفارق وتحقيق النصر، لذلك أتوقف عند مجموعة من النقاط عن نصر أكتوبر العظيم، وخصوصية الجيش المصرى العظيم، خير أجناد الأرض وشعب قادر على عبور المستحيل..
أولاً: نصر أكتوبر العظيم جسد قوة وصلابة إرادة الإنسان المصري، فما حدث فى يونيو 7691، قادر على كسر ظهر أى أمة، لكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة للأمة المصرية، فما أن انتهت ملامح هذا الانكسار بساعات، قررت مصر أن الرد والثأر واستعادة الكرامة والأرض قادمة لا محالة، ودخلت الدولة المصرية، فى مرحلة استثنائية من التصحيح انطلقت بقوة ورؤية، وتمثلت فى إعادة هيكلة القوات المسلحة، ثم إدراك نقاط الضعف، وتعظيم نقاط القوة بعدما عقدت النية والإرادة على الثأر، تحت شعار أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة لذلك يظل نصر أكتوبر العظيم، هو تجسيد حقيقى لقوة وصلابة الإرادة المصرية.
ثانياً: بعد أيام قليلة من ما حدث فى 5 يونيو 7691، قامت الأمة المصرية ونهضت وقام جيشها بضربات قوية فى عمق سيناء، ثم تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 12 أكتوبر 7691 ودخلت فى حرب استنزاف، استعادت من خلالها الثقة فى النفس والسلاح والقيادة وكبدت العدو خسائر فادحة، وبعثت برسائل قوية، أن النصر قادم لا محالة وأن جيش مصر قادر على كسر وتحطيم غطرسة القوة الإسرائيلية المزعومة، فما حدث فى ٥ يونيو هو حدث عابر ومجرد جولة فى حرب طويلة انتهت بانتصار مصرى كاسح، وتفوق أبكى إسرائيل دماً، لذلك فإن نصر أكتوبر دليل قاطع على أن الأمم العظيمة وفى مقدمتها مصر تمرض وتتعرض لكبوات عابرة لكنها أبداً لا تموت.
ثالثاً: نصر أكتوبر 3791، جسد عبقرية الإنسان المصري، وقدرته الفائقة على تجاوز الكبوات والعثرات والانكسارات، وكذلك قدرة فائقة وعبقرية على إدارة عمل ملحمى وأسطورى بشكل شامل ومتكامل فما جرى وحدث من استعداد، وتخطيط وتنفيذ فى ملحمة العبور هو أمر يعكس عبقرية الأمة والإنسان المصري، فاختيار المقاتلين على أسس علمية من حملة المؤهلات العليا، والأسلحة المتقدمة ذات التكنولوجيا العصرية، ثم التخطيط لإدارة عملية هجومية، لم يدرك أو يعلم العدو بتوقيتها وجرى الإيحاء بها لمدة سنوات متعاقبة لكنها نفذت فى توقيتها الذى اختارته مصر وهو السادس من أكتوبر 3791 ونجحت مصر بامتياز فى تنفيذ أعظم وأكبر خطة خداع استراتيجى وضعت العدو فى حالة غيبوبة، واستيقظ على زلزال عسكرى أسقط وحطم كل النظريات والأساطير الإسرائيلية المزعومة، وما روجه عن القوة التى لا تقهر، والذراع الطويلة والحصون والخطوط المنيعة، فلم يكن إسقاط أسطورة خط بارليف بخراطيم المياه إلا عبقرية مصرية، لذلك فإن عظمة وروعة نصر أكتوبر فى هذه الملحمية فى العمل الشامل، وتكامل وتناغم، مع تعانق عبقرية التخطيط، مع روعة التنفيذ، كل ذلك رصيد لا ينفد من القدرة الفائقة للإنسان المصري، وهو ما يعكس سر قوة الأمة المصرية والخوف دائماً منها من قبل الأعداء وقوى الشر، لأنها دائماً قادرة على صناعة الفارق، وتسجيل المفاجآت غير المتوقعة وهى الأمة التى يعمل لها ألف حساب، وهى مقبرة الغزاة ودائماً يد الله ورعايته تحيطها فى كل وقت وفى أصعب الظروف ونستطيع أن نرصد ذلك فى مواقف كثيرة فى العصر الحديث فمصر الوحيدة التى نجت من مخطط الفوضى فى يناير 1102، ومصر التى شهدت ظهور أشرس وأقذر تنظيم إرهابى هو الإخوان المجرمين وحفرت مقبرته فى يونيو 3102، ومصر التى قهرت الإرهاب وتجاوزت التحديات والأزمات، والمؤامرات، لذلك دائماً يد الله معها، وعنايته ورعايته، وحفظه، وأيضاً دائماً يمنحها فى الظروف الصعبة قادة ورجالاً عظماء يأخذونها إلى بر الأمان والقوة والقدرة، ولعل الرئيس عبدالفتاح السيسى هو النموذج والدليل على أن مصر يسوق لها من عباده من ينقذها وينتشلها من السقوط والانهيار بل ويبنى ويحمي، ويصنع لها القوة والقدرة والمنعة.
رابعاً: الجيش المصرى العظيم فى ملحمة العبور لم يكن الأكثر امتلاكاً للأسلحة الحديثة بل كان العدو متفوقاً فى ذلك الأمر لكن الجيش المصرى امتلك الروح والإرادة الصلبة والأخذ بأسباب العلم والاستعداد والتخطيط والتنفيذ، والشجاعة والإصرار لتحقيق النصر، وما قاله الرئيس السيسى إن الجيش المصرى قرر أن يخوض المعركة رغم فوارق التسليح فيما يشبه الانتحار وضرب مثالاً بأن السيارة «السيات» تقدمت على السيارة المرسيدس فى إشارة إلى معجزة حقيقية رغم تفوق العدو فى التسليح والتكنولوجيا والدعم الأمريكى والغربى المقدم للكيان الصهيونى ورغم كل ذلك سطر الجيش المصرى الأسطورة ملحمة خلدها التاريخ.
خامساً: نصر أكتوبر 3791، ضرب أروع الأمثلة وأعظمها، وجسد التماسك والاصطفاف حول هدف واحد هو تحقيق النصر والثأر واستعادة الأرض والكرامة وكان الشعب المصرى العظيم خلف جيشه وقيادته ضارباً أعظم الأمثلة فى الوعي، والوحدة واللحمة والاستعداد للتضحية، وكان المصريون وجيشهم العظيم على قلب رجل واحد، لذلك كانت هناك صور مضيئة وتاريخية لا يمكن أن تسقط من ذاكرة الأمة من حملات التبرع بالمال والدم، والحفاظ على أمن واستقرار الجبهة الداخلية فلم تسجل بلاغات الشرطة أى محاضر حول جرائم أو سرقات، لأن الجميع التف حول الوطن، وجيشه الذى قاتل وحقق أعظم الانتصار، وهو درس عظيم يؤكد أن الوعى والتماسك والاصطفاف وأن نكون جميعاً على قلب رجل واحد، هو طريق النصر والعبور وتجاوز التحديات والصعاب مهما بلغت وهذا ما يؤكد عليه دائماً الرئيس السيسي.
سادساً: ملحمة العبور أكدت أن الإنسان المصرى عندما يتوفر له الأسباب والمقومات والبيئة المثالية، فهو قادر على صنع المعجزات، وتحقيق التفوق والنصر، لذلك شهدت الـ 6 سنوات ما بين 7691 إلى 3791 اهتماماً استثنائياً ومركزاً بالإنسان المصري، لذلك حقق المقاتل المصرى معجزات فى ميدان القتال، وسطر ملحمة فى الشجاعة والبسالة، وحطم أسطورة خط بارليف وخاض بشجاعة أكبر وأضخم معارك الدبابات، فالمعروف أن الدبابة هى من تطارد الفرد، لكن فى أكتوبر 3791، كان المقاتل المصرى هو من يطارد الدبابة، ودمر مئات الدبابات والمدرعات الإسرائيلية ثم الاختيار العلمى والإبداعى ليوم وساعة الحرب فى ٦ أكتوبر، ثم التوصل إلى طريقة تدمير خط بارليف، وبناء رءوس الكبارى للعبور، ولذلك فإن أكتوبر 3791 عمل أسطورى وملحمى متكامل بكل المقاييس.
أعظم ما فى أكتوبر 3791 أنه كان وسيظل أحد أقوى أسلحة الردع المصرية، لأنه لن يغيب ولن يسقط عن ذاكرة العدو.. ودائماً يتألم، عندما يحاول التفكير فى المساس بمصر أو الاقتراب منها أو اغتصابها أو التعدى على حقوقها، أو انتهاك سيادتها.. ثم ان أكتوبر 3791 هى تأكيد أن ما حدث لن يتكرر، ولعل ما أنجزه الرئيس السيسى من بناء فريد وشامل للقوة والقدرة والردع المصرى هو تأكيد أن ما حدث فى مرات كثيرة من 7691، وحتى 1102 لن يتكرر مرة أخري.