فى الوقت الذى أصبح فيه العالم قرية صغيرة.. والتواصل مع الآخر صار يسيرا.. ويمكنك محادثة أى شخص وجها لوجه.. لو كان فى أقصى الكرة الأرضية بل يمكنك حضور اجتماع موسع يشارك فيه أطراف من كافة اللغات والجنسيات عبر الفيديو كونفرانس.. بل وتناقش رسالة ماجستير ودكتوراة وتحصل عليها بامتياز من أكبر جامعات العالم.. وأنت قابع فى قريتك أو خلف مكتبك.. بعد مناقشات مستفيضة عبر التواصل والانترنت.. ويمكنك أن تطلع على أحدث ما وصل إليه الطب فى أى تخصص لحظة بلحظة.. ويمكنك أن تتواصل مع أى طبيب فى أى أنحاء العالم.. أو تطالع أحدث الأبحاث العلمية فى أى تخصص شئت.. وتلك نعم كبيرة ومزايا عديدة للتقدم فى دنيا الاتصالات.. فماذا أخذنا نحن من هذا التقدم المحمود.. اتخذ كثيرون هذه النعمة الكبيرة إلى وسيلة للفبركة والخداع من أجل دولارات التريند.. وصارت الدولارات تبيح المحظورات وتخلت الكثيرات من الطامعات فى نسبة المشاهدات عن حيائها وقيمها من أجل زيادة المتابعين.. ولجأت أخريات إلى النصب الشيك جدا على مواقع التواصل.. ليس بعرض سلع فاسدة أو دون المستوى وانما بأسلوب مغاير تماما.. عرضت فتاة رقيقة فى العشرينيات من عمرها عبر صفحتها على الفيس بوك.. انها مدرسة ابتدائى خريجة جامعة ومحترفة فى تأهيل الصغار الكى جى ون والكى جى تو والابتدائي.. وفى اللغتين العربية والانجليزية وانها قدمت نماذج عديدة للصغار المتفوقين.. وبالفعل تواصلت معها احدى الأمهات وفى الموعد المحدد حضرت المدرسة الشابة.. فتاة رقيقة.. أخذت الصغار بالأحضان.. ووعدت انهم خلال فترة قصيرة سيكتبون ويقرأون قبل الالتحاق بالمدرسة.. وقبل أن تأتى روجت لها السيدة لدى جيرانها فى العمارة بأكملها.. ورحبت عدة أسر بالمدرسة الشابة.. وارتاح الصغار للمعلمة الصغيرة الرقيقة.. وتعاطف معها الجميع بعد أن أخبرتهم انها فى بداية حياتها وتكافح لتكوين نفسها وطلبت من الأسر أن تحصل على ثمن الثمانى حصص الشهرية مقدما لتوفير نفقات المواصلات وأعباء الحياة وانها ملزمة بالثمانى حصص لكل طفل.. تعاطفت معها كل الأسر.. فالفتاة صغيرة رقيقة.. وجه بشوش.. وشعرت كل أسرة بأنها ابنتهم.. أخذت على كل طفل 500 جنيه فى الثمانى حصص.. جمعت عدة آلاف من الأسر فى العمارة.. ووضعت جدولاً لكل طفل.. وعانقت الجميع على أمل العودة فى الموعد المحدد.. انتظر الأطفال ساعة.. ساعتين.. يوما.. يومين حاولت كل الأسر الاتصال بالمعلمة الصغيرة.. وفص ملح وذاب أغلقت هاتفها وصفحتها واختفت من الوجود.. وهنا أدركت كل أسرة انها وقعت فى فخ نصابة محترفة.. لتكتمل سيمفونية النصب الشيك على الفيس بوك والتى بدأت منذ سنوات بعبارة مبروك.. كسبت هدية.. اسبوع فى مصيف مجانا.. أو مبروك كسبت ثلاجة أو شاشة.. ارسل عنوانك بالتفصيل وسيصلك مندوبنا.. وبالفعل يصل المندوب ومعه مواصفات الثلاجة أو الشاشة ويخبر الفائز انه يتحمل فقط مصاريف التوصيل 200 جنيها فقط يحصل عليها لينتهى كل شيء.
>>>
قطعا.. فخ النصاب.. يصطاد الطماع.. لا شك فى ذلك.. لكن الحذر مطلوب جداً.. والوعى أساس التعامل مع كل ما يصل إليك عبر مواقع التواصل.. ولا تجعل الفيس بوك.. بشائعاته وأكاذيبه وفبركاته تقودك إلى حيث يريد دون وعى ودون تدقيق وتمحيص فيما يصلك عبر وسائل التباعد الاجتماعي.. التى صارت من أخطر الأسلحة التى تستغلها قوى الشر فى نشر الشائعات والأكاذيب والفيديوهات المفبركة التى تثير الشك فى كل شيء من حولك.