لعلها هى المرة الأولى التى يتحدث فيها رئيس مصرى عن مصير مستقبل طلابنا ويوجه نصيحة لهم ولأولياء أمورهم لتصحيح المسار .. وحده الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى اعتاد أن يصارح شعبه فى كل الأمور الصغيرة منها قبل الكبيرة وأن يصحح الكثير من المفاهيم الخاطئة التى عانى منها المجتمع لعدة عقود ومن بينها تكالب مئات الآلاف من الحاصلين على الثانوية العامة على الالتحاق بالكليات النظرية التى لايحتاج سوق العمل منها سوى القليل.
الرئيس السيسى بروح الأبوة الصادقة وبروح الرئيس المسئول عن مستقبل أبناء هذا الوطن تحدث عن فرص العمل الكبيرة والمتاحة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الأسبوع الماضى وخاطب أولياء الأمور بقوله «عايزين كلكوا تدخلوا ولادكوا حقوق وتجارة مع كل التقدير ..طيب هيطلع يشتغل إيه؟ وتقولوا مبيشغلوناش ليه؟».. وأكد الرئيس أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الممكن أن يستوعب مليون شخص من العمالة فى السنة ويجب تجهيز العنصر البشرى للاستفادة من ذلك..تلك كانت نصيحة الرئيس خاصة وأن الدولة أنشأت الجامعات التكنولوجية التى توفر عمالة فنية متخصصة ذات قدرات ومهارات تؤهلهم للعمل فى العديد من القطاعات كما تم إنشاء الجامعات الأهلية التى بدأت بالفعل فى تدريس بعض التخصصات التى يحتاجها سوق العمل.
نمط التعليم فى مصر فى حاجة إلى تغيير جذرى حيث يتخرج كل عام قرابة 800 ألف خريج من الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والخاصة نصفهم تقريبا يتخرجون من كليات التجارة والحقوق والآداب بينما سوق العمل ربما لايستوعب سوى عشرة فى المائة فقط من هؤلاء الخريجين أما الباقى لا مجال أمامه سوى أن يصبح عاطلا أو يرتضى بأى عمل لايتناسب مع شهادته الجامعية التى سهر الليالى من أجلها وبسببها تكبدت أسرته أموالاً طائلة طوال مراحل تعليمه.
إن الكثير من الدراسات فى مصر دعت إلى أهمية ربط مخرجات المنظومة التعليمية بسوق العمل وحاجاته مع أهمية التنبؤ بطلب وعرض العمالة فى السوق لتحقيق التوافق ومواكبة التطورات والتغيرات التى تحدث عالميا ومحليا وهو ما يتطلب وجود تنسيق تام بين وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى وأن يكون هناك تخطيط واضح بين التعليم العالى وسوق العمل.
أضف إلى ذلك ضرورة أن يتغير مفهوم التعليم لدى الأسرة المصرية لأنه ليس من المعقول أن تظل مكاتب تنسيق القبول بالجامعات هى وحدها التى تحدد مصير الحاصلين على الثانوية العامة وفى النهاية يجد الطالب نفسه فى تخصص دراسى لايتماشى مع ميوله أو طموحاته ولا يسفر عن وظيفة مضمونة وتكون المحصلة شهادة تخرج مع إيقاف التنفيذ الوظيفي.وعلى الجميع أن يدرك أن شهادة التخرج بالنسبة للكليات النظرية وحدها لا تكفى وعلى من يريد العمل فى عصرنا الحالى عليه أن يتسلح بأدواته.