لقد اعتاد «بنيامين نتنياهو» على استخدام أسلوب الإشارة والإحالة إلى النصوص التوراتية من أجل تبرير مايقوم به من إبادة جماعية ترتعد منها فرائص الشعوب لاسيما بالنسبة للأطفال لذلك يعمد إلى توظيف بعض المصطلحات التى وردت فى الكتاب المقدس «التوراة» لتبريرها وشرعنتها .. لذلك حرص العديد من الكتَّاب والباحثين على إيضاح الكيفية التى يجب أن يتعامل بها القارئ مع هذه الإشارات والتلميحات التى يلجأ إليها والكيفية التى يتبغى أن يستوعبها بها المتلقى لاسيما وأن النص قد يختلف تماماً فى التوراة باللغة العبرية عن غيرها .. يحاول «نتنياهو» أن يؤكد على أن «حماس» تعد جزءا من محور الشر المتمثل فى إيران وحزب الله وأتباعهما الذين يسعون إلى تدمير دولة إسرائيل وقتلنا جميعاً بل إنهم يريدون إعادة الشرق الأوسط إلى هاوية التعصب البربرى الذى كان سائداً فى العصور الوسطى .. ويستطرد «نتنياهو» قائلاً نحن نريد أن ندفع الشرق الأوسط إلى الأمام نحو ذروة التقدم فى القرن الحادى والعشرين لذلك فإن ذلك الصراع ما هو إلا صراع ما بين أبناء النور»إسرائيل» وأبناء الظلام «حماس وحزب الله» بين الإنسانية وقانون الغاب .. لقد أصبح يسوِّق تلك التأويلات فى مختلف أنحاء العالم مدعياً أن العديد منهم قد أصبح يدرك الآن ضد من تقف إسرائيل ويدرك أن «حماس» هى «داعش» وهى النسخة الجديدة من النازية وكما اتحد العالم لهزيمة «النازيين» و«داعش» فإنه سوف يتحد أيضاً لهزيمة حماس.. تلك هى السردية التى يروِّج لها «نتنياهو» والتى سبق وأن نشرها فى إحدى التغريدات فيمن أسماهم «بأبناء الظلام» والتى قام بحذفها بعد وقوع الانفجار المروع الذى حدث فى المستشفى و راح ضحيته عدد كبير من الضحايا من بينهم الأطفال.. وقد صرح «بريان كايلور» فى مقال له بعنوان دعوة إلى «الإبادة الجماعية التوراتية «حيث كتب يقول إن هذا هو الطريق الذى سلكه «نتنياهو» لشرح وتبرير ما تنوى إسرائيل القيام به فى غزة.. واستطرد «كايلور» قائلاً إنه دعوة إلى القيام بما تعتبره الأمم المتحدة والقانون الدولى «إبادة جماعية» وإنه دعوة صريحة إلى قتل الجميع ليس فقط الأعداء المقاتلين بل حتى الأطفال إنها ليست حرب عادلة بل إنها حرب شاملة باسم الله .. وقد أعلن «نتنياهو» بعد عدة أسابيع من قصف قطاع غزة الانتقال إلى مرحلة ثانية من الحرب تتضمن دخول قوات برية وتعهد بأن تقطع إسرائيل تماماً دابر هذا الشر من العالم معلناً إنها حرب ذات أبعاد توراتية.. لقد أثار ذلك النص الذى يستشهد به «نتنياهو» لتبرير وشرعنة المضى قدماً فى عمليات «الإبادة الجماعية» وهو «أذكر ما فعله بك عماليق « الفلسطينيين « فى الطريق عند خروجك من أرض مصر وكيف هاجموكم فى الطريق وتعدوا على كل ضعيف متخلف وراءكم وأنتم متعبون موجعون وما خافوا الله» «تثنية 25:17».. وقد استند «نتنياهو» على سردية وخطاب «الحرب المقدسة» زاعماً بأن هذه الحرب ما هى إلا معركة بين الخير والشر فنحن شعب النور وهم شعب الظلمة.. وقد لاقى ذلك التفسير الحرفى للنص التوراتى انتقاداً كبيراً من جانب «بيت سيجر» فى كتابها بعنوان «الاقتراع والكتاب المقدس» قائلة كيف تمت إساءة استخدام الكتاب المقدس فى السياسة الأمريكية وقد تكون «حماس» هى عماليق الجدد ولكن هذا لايعنى أن «نتنياهو» هو «يشوع بن نون» أو»النبى داود».. واستطردت «سيجر» قائلة من أجل إنهاء تلك الحرب فى غزة فنحن فى حاجة إلى نزع سلاح النصوص التوراتية التى تحض على الإبادة الجماعية.