> تناول الرئيس السيسى فى حديثه فى عيد الشرطة مشكلة العملة الصعبة باعتبارها المشكلة الرئيسية التى يجب العمل على حلها.. بزيادة مواردنا منها لكى نواجه احتياجتنا التى نستخدم الدولار فى تدبيرها.. وأن على الدولة المصرية أن تعمل على زيادة هذه الموارد كى تكون أكثر أو تساوى انفاقنا.. وأشار الرئيس إلى مصادرنا الحالية من العملة الصعبة.. وبينها السياحة.
> ولا شك أن السياحة واحدة من أهم هذه الموارد.. وإذا كانت احتياجتنا التى نخطط لتحقيقها هى 300 مليار دولار فى عام 2030.. فإن نصيب السياحة المقدر فى إطار هذا الرقم هو 45 مليار دولار فى عام 2030.. أى 15٪ من مجموع دخلنا المتوقع الوصول إليه من كافة موارد العملة الصعبة فى عام 2030.. وهو فى الوقت الحالى حوالى 12٪ من العملة الصعبة المتحققة لدينا.
> > >
> ونحمد الله أن قطاع السياحة نجح فى نهاية عام 2023 فى تجاوز الرقم القياسى الذى تحقق عام 2010.. بعد ثلاثة عشر عاما.. واقتربنا من 15 مليون سائح.. رغم الظروف المعاكسة التى ازدادت مع أحداث غزة منذ أكتوبر الماضي.. وقد قدمت السياحة لمصر أكثر من 12 مليار دولار فى هذا العام.
> وتستطيع السياحة أن تقدم لمصر المزيد من العملة الصعبة.. ومن المقدر أن يصل الرقم إلى 30 مليار دولار فى عام 2028.. ولكن ربما نصل إلى هذا الرقم قبل ذلك بوسائل عديدة.. ومن أجل هذا علينا المسارعة بإنشاء وتدبير الغرف الفندقية اللازمة لاستقبال الاعداد المطلوبة والمقدرة ايضا بثلاثين مليون سائح فى عام 2028.. مع تجهيز كل متطلبات هذا الرقم من مقاعد فى الطيران ونقل سياحى وقوة عاملة مدربة وغيرها.
> > >
> واعتقد أنه من أجل هذا كله علينا أن نعيد حساباتنا فيما يختص بسياسة تشجيع إنشاء الفنادق.. لدينا الآن نحو 220 ألف غرفة فندقية.. وقد جاءت غالبيتها العظمى نتيجة سياسة مرنة فى تسعير الأراضى التى خصصت لانشاء الفنادق.. ولولا هذه السياسة ما كان المستثمرون قد تشجعوا وسارعوا إلى الاستثمار فى إنشاء الفنادق والقرى السياحية على سواحلنا فى الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم.
> كان متر الأرض يباع فى البداية فى هذه الشواطئ للراغبين فى بناء الفنادق فى مخططات هيئة التنمية السياحية بدولار واحد.. كان سعرا مغريا بلاشك.. ولكن كان على المستثمر أن يتحمل تكلفة إنشاء كل البنية التحتية لمشروعه.. وأن ينشئ لنفسه محطات تحلية المياه.. ومحطات الصرف الصحي.. ومحطات إعادة تنقية مياه الصرف الصحى لاستخدامها فى الري.. باختصار كل ما يلزم المشروع من مرافق بما فى ذلك الطرق الواصلة إلى المشروع.
> عندما كنا نحن نبيع المتر بدولار واحد كانت تونس، ولاتزال، تبيع المتر بخمسة دولارات.. ولكنها تمنح الأراضى مرفقة ومجهزة بكل المرافق والبنية التحتية التى يحتاجها المشروع.. وهذا يعنى أنها توفر للمستثمر المتر بربع تكلفته فى مصر بعد إضافة تكلفة المرافق إلى ثمن الارض.
> ومازالت تونس مستمرة فى هذه السياسة.. أما مصر فقد اقلعت عنها.. وبدأت مرحلة لزيادة أسعار الأراضى المخصصة لإنشاء الفنادق.. بما يجعل المشروعات غير ذات جدوي.. ومع كل هذا فان تونس توفر لمشروعات الفنادق قروضاً بنكية بفائدة ٧٪ وهو ما لا نفعله فى مصر أيضا.
> لماذا أقول هذا؟.. أقوله لكى نستفيد من تجارب غيرنا.. ولا أقوله لكى نعود إلى بيع المتر بدولار واحد.. إنما لكى نجعل تسعير الارض اقتصاديا بالنسبة للفنادق.. الذى يفترض أن تكون قيمة الأرض فى حدود من 10 إلى 15٪ من قيمة المشروع.. وإلا أصبح غير متوازن اقتصاديا.
> سياسة بيع المتر بدولار أدت دورا هاما فى وقتها.. وخلقت مدنا وشواطئ عامرة بالمنشآت الفندقية من فنادق وقرى سياحية.. تشكل الآن نحو 90٪ من قيمة ما نملكه من غرف فندقية.. ومن هنا نؤكد على أهمية إعادة دراسة الاسعار الاقتصادية لاسعار الأراضى التى تخصص للفنادق.. وهى بكل تأكيد لا يمكن أن تكون بنفس قيمة الاراضى المخصصة للمشروعات العقارية.. هناك فارق كبير يعرفه الجميع.. والفندق بخلاف الفيلات التى تباع وتنتهى علاقاتها تقريبا مع الدولة مع بيعها.. أما الفندق فمنشأ قائم يفتح الباب لآلاف الفرص من العمالة وتوريدات مختلف الاغذية والمهمات التى يحتاجها الفندق.. والضرائب التى يدفعها للدولة.. والعملة الصعبة التى يوفرها.. إلى آخر الفوائد التى لا توفرها الفيلات وغيرها من أنواع التنمية العقارية.. وهذا كله يوجب أن تكون النظرة إلى أراضى الفنادق مختلفة.. لأن طبيعتها مختلفة.. واقتصاداتها مختلفة.. وعائداتها المستمرة على امتداد عمر الفندق ايضا مختلفة.
> > >
> وقد أعلنت الدولة عن حوافز للمستثمرين للاستثمار فى إنشاء الفنادق.. وحولت خطة دعم السياحة بقروض فى حدود 50 مليار جنيه.. لكى توجه لانشاء الفنادق.. وقد مضى شهران منذ تقرر ذلك فكم تقدم من المستثمرين للاستفادة من هذه التسهيلات؟.. ما أعرفه أن هناك بعض الملاحظات للمستثمرين وأن على الدولة أن تستمع إليهم وتنظر فى ملاحظتهم.
> نحن فى وضع يستدعى أن نعطى السياحة قدرا كبيرا من الاهتمام وأن نثق فى قدرتها على اخراجنا من أزمات عديدة.. وعلى توفير فرص العمالة.. ومعظمها فرص للشباب من الخريجين.. وتنشيط وتنمية صناعات وخدمات عديدة.. ولكى نستوعب الاعداد التى نخطط للوصول إليها من السائحين.. والدخل الذى نريد أن نحققه.. لابد أن نسارع فى بناء الفنادق.. وأن نعود إلى نفس الايقاع الذى وفر لنا الآلاف من الغرف الفندقية على سواحلنا على البحر الاحمر وخليج العقبة.. وما نريده الآن أيضا على البحر المتوسط.
> > >
> فى الاسبوع الماضى كتبت عن السياحة الداخلية.. والتى أصبحت أسعار مكوناتها مانعة لهذه السياحة.. ما بين أسعار طيران داخلى أصبحت تقترب من الثمانيه آلاف والعشرة آلاف جنيه.. وما بين فنادق رفعت أسعارها للمصريين بشكل غير مناسب.. مما يجعل من السياحة الداخلية مشكلة جديرة بالمناقشة لإيجاد فرصة وإتاحة السفر للجميع.
> وبعد ما كتبت فى الاسبوع الماضى أعلنت مصر للطيران عن تخفيضات فى أسعار رحلاتها الداخلية للعائلات بمناسبة اجازة نصف العام الدراسي.. وهو أمر لابد أن نوجه من أجله الشكر لمصر للطيران.. فقد منحت العائلات المسافرة تخفيضا لرب الاسرة وتخفيضا آخر للأم ثم تخفيضات للابناء المسافرين معهم.. كذلك فعلت اير كايرو بطرح تذاكر بأسعار مخفضة خلال اجازة نصف العام.. وهذا بلاشك أمر جيد.. وخطوة فى الاتجاه الصحيح.. غير أننا مازلنا نتطلع إلى تخفيض أصل السعر نفسه إلى الحد المعقول.. ونتطلع أيضا إلى استمرار هذه التخفيضات العائلية على مدار العام.
> وفى نفس الوقت نحن نتطلع إلى الاتحاد المصرى للغرف السياحية وغرفة المنشآت الفندقية، وأيضا إلى وزارة السياحة لوضع أسعار خاصة بالمصريين فى الفنادق.. وهو أمر كان معمولاً به من قبل.. ولكنه توقف.. وهو أمر لابد من التوافق عليه بين هذه الجهات الثلاث ليكون ملزما للفنادق لتكون للمصريين أسعارا خاصة بنسبة من السعر المعلن.. والذى لا تبيع به الفنادق إلا لعملائها من المصريين.. للأسف.