مع بداية عام جديد تتجدد الآمال لدى المصريين فى حياة أفضل فى ظل قيادة وطنية مخلصة تسعى لتوفير الحياة الكريمة لكل المصريين.. كذلك حكومة جادة تخضع للمتابعة وتسعى لتطوير الأداء والتفاعل مع كل الأطراف اللاعبة على الساحة سواء السلطة التشريعية أو القضائية أو رجال الفكر والإعلام أو القطاع الخاص مع الحفاظ على البُعد الاجتماعى فى ظل الظروف الاقتصادية والتضخم وارتفاع الأسعار.. وأيضا هذا الغول السكانى الذى يلتهم كل معدلات التنمية ويحتاج تضافرا روحياً إنسانياً ومجتمعيا بالعمل مع مؤسسات المجتمع المدنى وأهمية دور الأحزاب السياسية ورجال الدين فالكل شركاء فى مسيرة الوطن الذى يحتاج فى هذه الفترة تعاونا بل تآزرا من كل الأطراف الفاعلة مع المخططات الإقليمية والعمالية التى صارت الآن مكشوفة بل مضمونة أكثر من أى وقت مضي.
وبعيدا عن أدوار هذه الأطراف جميعا.. أركز فى هذا العدد على دور الإعلام الذى يلعب دورا محوريا مشاركا مع كل الأطراف خاصة أنه يخاطب المواطن المصرى المستهدف أولا وأخيرا من جانب القائمين على العمل الوطني.
والحقيقة فإنه يحسب للدولة اهتمامها بالدور الحيوى الذى يلعبه الإعلام الوطنى على وجه الخصوص والذى يقع تحت مسئولية الدولة فى المقام الأول على أمل أن يكون هو القدوة والمعيار فى الأداء الجيد الذى يستهدف مصلحة الوطن والمواطن.
صحيح أنه يصعب بل من المستحيل أن يتم ضبط الأداء الإعلامى الواسع فى التطور الذى حدث فى السوشيال ميديا على مدى الربع القرن الأخير حيث صارت حرية الرأى والإعلام متاحة لدرجة التسيب بما يحمله كثيرا من كذب وتضليل وفقدان للمصداقية.
ولكن على الرغم من ذلك فإن هذا لا يعنى أن تترك الساحة على مصراعيها لكل من هب ودب لكى يتسبب فى إفساد الذوق والوجدان للمواطن المصري.
من هنا أنظر بتقدير للقرارات الأخيرة التى صدرت عن المجلس الأعلى للإعلام بعد التغيير الذى طال قيادته وكذلك الهيئة الوطنية للإعلام حيث بدأت تظهر ملامح هذا الضبط بالنسبة للبرامج الرياضية وقنوات التوك شو التى تبث على الهواء مباشرة وتمتد لساعات متأخرة من الليل.
وأيضا هذا القرار الصائب بتوجيه جميع قنوات وإذاعات ومواقع ماسبيرو بخظر استضافة العرافين والمنجمين مع بدء العام الميلادى الجديد ودعوة الهيئة لاستطلاع مستقبل المنطقة والعالم عبر التفكير العلمى وقواعد المنطق ومعطيات علم السياسة والعلوم الأخرى والاستعانة بالخبراء والعلماء والأكاديميين والمثقفين.. والابتعاد عن الترويج لخرافات المنجمين والمشعوذين مهما كانت شهرتهم لأنهم يستهدفون إهانة العقل وتسفيه المعرفة مع التأكيد على دور وسائل الإعلام فى مواجهة الجهل وتعظيم العلم وتعزيز المنطق.
وأتصور أن الاهتمام بالوعى الشامل للمواطن المصرى هو كل لا يتجزأ لا يتوقف فقط عند وعيه السياسى وحرصه على تحصين نفسه وأسرته من مؤامرات الفتنة ومحاولات إسقاط الدولة الوطنية كما حدث فى الدول المجاورة.. أو الوعى الاقتصادى والاجتماعى والثقافى أو عدم الخضوع للممارسات الضارة من تجار الأدوية المغشوش وتجار الأعشاب ودكاكين العطارة التى تتاجر بصحة الناس وكأنهم من أهل القرون الماضية.. والسقوط كضحية لإدمان المخدرات أو الجنس أو التعصب الرياضي.
باختصار نحن بحاجة إلى وعى شامل فى كل المجالات مهما كانت الصعوبات أو التحديات أو تصورنا أن هذا البث المعرفى خارج السيطرة.
نأمل أن نبدأ مع هذا العام الجديد خطوات جادة نحو تنقية الفضاء الإعلامى والالكترونى من عبث كثير يفسد علينا حياتنا ويدمر أجيالنا المقبلة.. وهذا يتطلب مشاركة حقيقية منا جميعا.