قصة الابن الضال أو اليهودى التائه، تعنى ذلك الشخص الذى ضل الطريق وتمرد على أبيه وطلب منه نصيبه فى الميراث وهو مازال على قيد الحياة.. تنطبق تماما على «نتنياهو» الذى ضل سعيه بالتمسك بالسلطة لأطول فترة ممكنة أياً كانت التكلفة والثمن الذى يتكبده الشعب الإسرائيلي.. من أجل ذلك تخبط وضل الطريق فى كل ما فعله وقام به من مغامرات ضارباً عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية فيما قام به من عمليات إبادة جماعية وتجويع للأطفال والنساء والشيوخ وإهلاك الحرث والنسل ولم يترك مثبتاً بحائط فى غزة إلا واقتلعه.. ذلك ما دفع زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ الأمريكى «تشاك شومر» وهو يعد أعلى مسئول يهودى فى الولايات المتحدة للتحدث إلى الصحافة فى مبنى «الكابيتول» الأمريكى بواشنطن ودعوة إسرائيل إلى إجراء إنتخابات جديدة.. إذ أن رئيس الوزراء الحالى يخاطر بجعل إسرائيل دولة منبوذة فى المجتمع الدولي.. وصرح شومر الحليف القديم للدولة اليهودية بأن نتنياهو قد ضل طريقه فيما قام به من عمليات قصف لقطاع غزة، الذى أسفر عن مقتل ما يزيد على 40 ألف فلسطينى وتشريد ما يزيد على نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة وتدمير المنازل والمباني.. ويؤكد شومر أن نتنياهو كان متسامحاً وراضياً للغاية بشأن تلك الخسائر المدنية فى غزة، وهو ما من شأنه أن يؤدى إلى تراجع الدعم لإسرائيل إلى أدنى المستويات على مستوى العالم، فالشعب الإسرائيلى يتعرض فى الوقت الحالى للاختناق بسبب رؤية حاكمة مازالت عالقة فى الماضي.. ويرى شومر أن نتنياهو أصبح يمثل العقبة الكؤود التى تقف فى طريق قيام الدولة الفلسطينية، وهو أحد العوائق أمام حل الدولتين، الذى تفضله الولايات المتحدة الأمريكية.. وإن لم يكن من المؤكد، كيف سيتم استقبال الإسرائيليين لدعوة شومر غير المعتادة لإجراء انتخابات جديدة، التى من المتوقع أن تعقد فى 2026، وقد وصف مايكل هرتيزوج سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة خطاب شومر بأنه مضاد لأهدافنا المشتركة، مؤكداً أن إسرائيل دولة ديموقراطية وذات سيادة وهى تخوض حرباً ضد منظمة حماس الأرهابية التى تمارس القتل الجماعى ولا يجوز التعليق على المشهد الداخلى لحليف ديموقراطي.. ورغم أن العديد من الإسرائيليين يحمّلون نتنياهو مسئولية الفشل فى وقف الهجوم الذى شنته حماس فى السابع من أكتوبر، إلا أن نتنياهو قد رفض الإجابة بشأن أى قصور أمني، ورأى أن أى مراجعة للإخفاقات الأمنية يجب أن تنتظر إلى ما بعد انتهاء الحرب.. بينما على الجانب الآخر يؤكد زعيم المعارضة يائير لابيد أن نتنياهو قد فقد روحه فى إسقاطه لقضية مقدسة، لأنه تجاهل كل العلامات الحمراء قبل السابع من أكتوبر وكان ينبغى أن يستقيل فى الثامن من أكتوبر.. ويؤكد الكاتب ديفيد هورفيتز أن «لابيد» قد واصل توجيه الاتهام لكل من بن غفير وسموتريتش بتجاهل توصيات المؤسسة الدفاعية مراراً وتكراراً، بالتصرف بطريقة حذرة فيما يخص السياسات المتعلقة بالسجناء الأمنيين الفلسطينيين واتهام نتنياهو بفقدان السيطرة على وزرائه.. كل ذلك يؤكد أن نتنياهو كان بمثابة الابن الضال الذى ضل الطريق وخرج عن الإجماع الإسرائيلي، وسار وراء اليمين المتطرف من أجل الحفاظ على بقائه فى السلطة على حساب الأمن الإسرائيلي، وفقاً لما يراه كل من يائير لابيد رئيس الوزراء الأسبق وتشك شومر زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ الأمريكي.