من المؤكد أن إعلان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية «كريم خان» عن التقدم بطلب لإستصدار أوامر باعتقال كل من رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» ووزير الدفاع «يوآف جالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى الحرب ضد غزة يعد بمثابة خطوة إيجابية من قبل المحكمة .. بيد أن تلك الخطوة التى وصفت «بالقنبلة المدوية»فى تاريخ إسرائيل لايتجاوز مردودها الفعلى سوى كونه إدانة قوية بالنسبة «لنتنياهو» من الناحية الأدبية كمجرم حرب إلا انها قد لا تكون ذات تأثير حقيقى على دولة إسرائيل أو على تغيير موقف المجتمع الدولى الداعم والمساند لها على المستوى السياسى .. على الرغم من أن الجرائم التى ترتكب بحق البشرية قد تم إدراجها ضمن إختصاصات المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جريمة دولية إلا أن هناك إشكالية فى تعريف ماهية»الجريمة الدولية» ..كما أن تدخل مجلس الأمن فى عمل المحكمة الجنائية وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كان سبباً فى العديد من الإحباطات والإخفاقات المتكررة فى تقنين تلك الجرائم التى تدخل ضمن «نظام روما الأساسي».. وقد يثور التساؤل حول مدى إلزامية القرارات والأحكام التى تصدر عن «المحكمة الجنائية الدولية» ؟ على ضوء ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن « بأنه سيعمل مع المشرعين الأمريكيين لبحث إمكانية فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية رداً على تصريح «كريم خان» بالسعى لإستصدار أوامر إعتقال ضد مسئولين إسرائيليين كبار على حد تعبيره .. وقد أعلن «بلينكن» أمام جلسة إستماع «الكونجرس الأمريكي» عن التزامه باتخاذ إجراء ضد هذا القرار الخاطئ للغاية فى الوقت الذى أعتبر فيه قرار المحكمة الجنائية الدولية بمثابة التدخل فى شئون الدول التى لديها نظام قضائى مستقل وشرعى وديموقراطى .. وقد صرح «بلينكن» بإنه يتعين علينا أن نبحث فى تلك الخطوات المناسبة للتعامل مع ذلك القرار الخاطئ للغاية بينما وصف «جو بايدن» القرار بالأمر المشين إذ لا يوجد أية تكافؤ بين «حماس» و»إسرائيل» وهو ما يعنى أن مسئولى المحكمة الجنائية قد أصبحوا فى مرمى نيران الإدانة الأمريكية .. لقد إنقلب السحر على الساحر كما يقولون وأصبح الجلاد ضحية والضحية جلاد فى ظل ذلك النظام الدولى الأعوج والملتوى الذى يكرس شريعة وقانون الغاب ألا وهو البقاء للأقوى وهو ما يبين مدى الخلل فى الأساس القائم عليه النظام الدولى ومن ثم «التنظيم الدولي» المعبر عنه ألا وهو (الأمم المتحدة ).. تلك هى عدالة النظام الدولى والمؤسسات القانونية التى تتبعه والتى لها صورة العدالة ولكنها تفتقر وتنكر قوتها وفعاليتها إذ يشارك الآن ما لايقل عن 37 مشرعاً فى مجلس النواب الذى يقوده الجمهوريون بما فى ذلك «إليز ستيفانك» ثالث أعلى عضو جمهورى فى المجلس فى استصدار قرار بعقوبة المحكمة الجنائية.. وقد صرحت «ستيفانك» فى بيان لها عن استيائها من تصرف المحكمة الجنائية إذ كيف يمكن أن تضع دولة مسالمة (إسرائيل) تدافع عن حقها فى الوجود ضد الجماعات الإرهابية المتطرفة التى ترتكب جرائم «إبادة جماعية» فى كفة واحدة وتلك هى عدالة روما ( النظام الدولي) الحالى .