أصبح نتنياهو مطلوبًا للعدالة محليًا ودوليًا.. جرائمه لا تكفيها مجلدات وموسوعات فإذا وضعت حرب الإبادة التى يقودها ضد الفلسطينيين أوزارها فإن قائمة اتهامات عريضة بالفساد فى ما لا يقل عن 4 قضايا ناهيك عما تعرضت له دولة الاحتلال من زلزال كشف عوراتها وضعفها وأنها أشبه ببيوت العنكبوت بالإضافة إلى خسائر العدوان على غزة ولبنان التى حصدت أرواح آلاف الضباط والجنود وخسائر فادحة ثم جاء حكم المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه السابق يؤاف جالانت.
ما يجرى فى قطاع غزة من حرب إبادة شاملة للبشر والحجر، ليس أمرًا عاديًا، ولا علاقة له بحق الدفاع عن النفس، أن تقتل قرابة الـ44 ألف فلسطينى بدم بارد 70٪ منهم من الأطفال والنساء ليس أمرًا عاديًا أن تضرب بعرض الحائط، القوانين الدولية والقانون الدولى الإنساني، وتتجاهل الرفض الشعبى العالمي، فهذا ليس أمرًا عاديًا أن تطيل أمد العدوان وحرب الإبادة لأكثر من 400 يوم فى تنازل عن العقيدة الصهيونية فى الحروب الخاطفة، وان لا تبالى بحجم الخسائر الباهظة فى جيش الاحتلال من مقتل مئات الضباط والجنود ناهيك عن المرتزقة الذين لا يدخلون فى أعداد القتلى أو المصابين وتدمير للآليات من دبابات ومدرعات وجرافات، وخسائر اقتصادية فادحة وتكلفة باهظة للعدوان الإسرائيلى على أكثر من جبهة فهذا ليس أمرًا عاديًا، أن تتحمل العزلة من الكثير من دول العالم باستثناء الأمريكان والغرب المتواطئين والداعمين للاجرام الصهيونى فهذا ليس أمرًا عاديًا أن تجعل شعبك يعيش فى حالة من الخوف والذعر وأن تصل الصواريخ والمسيرات إلى العمق الإسرائيلي، وهجرة عشرات الآلاف من المستوطنين لمستعمراتهم فى الشمال وفى غلاف غزة، وتتحمل تكلفة اقامتهم والانفاق عليهم، فهذا ليس أمرًا عاديًا إذن هناك أهداف خبيثة، وأوهام متجذرة فى العقل الصهيونى المريض بالهواجس والخزعبلات، هل هى أوهام إسرائيل الكبري؟ هل مخطط ابتلاع قطاع غزة والضفة الغربية والقضاء على مقومات الحياة وجعلها غير صالحة للحياة مع ممارسة الإرهاب والتفريغ بالإبادة ضد الفلسطينيين، من أجل اجبارهم على النزوح فى إطار مخطط التهجير والتوطين على حساب مصر والاردن، وهو ما لم ولن يحدث.؟
السؤال المهم فى ظل هذا المشهد، الإجرامى سواء فى قطاع غزة والضفة ولبنان، ما هى جدوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمنظمات الدولية؟ بل ما هى فائدة النظام العالمى الحالي؟ سواء التدمير والتخريب والإبادة، ودعم المؤامرات.
دعونا نتفق أن العدوان والإجرام الصهيوني، على الأراضى الفلسطينية فى غزة والضفة وأيضا على لبنان تجاوز كل حدود العقل، وليس له علاقة بما حدث فى السابع من أكتوبر وليس دفاعًا مشروعًا عن النفس بل هو مؤامرة وحرب إبادة يقودها تحالف شيطانى وليس إسرائيليًا فقط بدليل حجم الدعم المقلق وغير المحدود، الأمريكي، والأوروبى وصل إلى حد القتال إلى جوار جيش الاحتلال وارسال حاملات الطائرات والمقاتلات والمدمرات، والغواصات، ومنظومات الصواريخ والدفاع الجوي، لحماية إسرائيل بالإضافة إلى الدعم المالى الذى وصل من الجانب الأمريكى إلى 18 مليار دولار منذ اندلاع العدوان الصهيونى.
نتنياهو من الواضح أنه وكيل المخطط لا يبالى بأى شيء، يتجاهل حالة السخط والرفض الشعبى فى الداخل الإسرائيلى لاستمرار العدوان، وما يمثله من تهديد حقيقى ليس لأمن إسرائيل بل وجودها فى الأساس، ومع رفض جيش الاحتلال لسياسات نتنياهو نجح فى التخلص من يؤاف جالانت، ورغم حالة الارتباك والانهاك والخسائر الفادحة التى تكبدها جيش الاحتلال والفشل على كافة الجبهات فمازالت المقاومة فى حالة صمود، وتضرب بقوة فى قواته و يسقط العديد من القتلى من ضباط وجنود وآليات حتى فى شمال غزة يتعرض الجيش الإسرائيلى لاستنزاف، رغم العتاد الكبير، وبدأ يستدرج لحرب مدن وعصابات تعرف تمامًا أهدافها، وتحقق جدواها فى اصطياد الإسرائيليين لكن الغريب أن نتنياهو لا يبالى رغم صرخات الإسرائيليين، ولا يعبأ بنصائح يقدمها له البعض أو حتى اساءات واهانات مباشرة توبخ رئيس الوزراء المتطرف.
إذن وكما قلت هناك أهداف يريد نتنياهو تحقيقها أبعد ما يكون من تحقيق نصر على المقاومة الفلسطينية، وبعد أن بات غير مهتم باستعادة الرهائن والمختطفين ويعتبرهم فى عداد القتلي، إذن ماذا يريد نتنياهو؟ هل ضمان وجوده السياسى على سدة الحكومة الصهيونية المتطرفة، وخشية توقف الحرب التى ستؤدى إلى مثوله لتحقيقات فى قضايا كثيرة ومتنوعة ما بين الفساد أو الفشل وتعريض أمن إسرائيل للخطر بعدما حدث فى 7 أكتوبر وأيضا الخسائر التى تكبدتها إسرائيل خاصة فى الأرواح ونزوح سكان المستوطنات فى الشمال وعدم القدرة على القضاء على المقاومة التى مازالت تضرب بقوة وتنفذ عمليات يوميًا، ثم إن نتنياهو وضع إسرائيل على حافة الخطر الكارثى سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
فى ظنى أن هناك مخططًا شيطانيًا يكمن وراء الإصرار على التصعيد والاستمرار فى العدوان على الأراضى الفلسطينية وحرب الإبادة ضد الفلسطينيين، هذا المخطط تكشفه أحاديث الإعلام الصهيوني، أو أحاديث الحاخامات المتطرفين أو نتنياهو نفسه الذى يعرض خرائط طبقا لأوهامه، وأنه سيغير المعادلة فى الشرق الأوسط.. لذلك الهدف الرئيسى لما يحدث من إبادة فى غزة هو اخلاء القطاع تمامًا من أى فلسطينى وأيضا الضفة، كما كشفت تصريحات المتطرفين الصهاينة مؤخرًا مثل وزير المالية بتسلئيل سيموتريتش بضرورة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، وبالتالى فإن فى عقل الصهاينة المسموم، مصر والأردن، وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء والاردن.
نتنياهو لا يتصرف من تلقاء نفسه، بل هو مدفوع ومدعوم، وخلفه تحالف شيطاني، وتحديدًا أمريكى أوروبى وربما إقليمى من أجل مشروع شيطانى فى المنطقة، يلبى أوهام إسرائيل وكذلك أحلام استمرار الهيمنة ومحاولات الاضرار بدول بعينها، تمثل اكبر عقبة فى مواجهة المخططات الصهيونية.
الحقيقة أن الرئيس الأمريكى جو بايدن الراحل عن البيت الأبيض فى يناير القادم لم يتأخر عن دعم إسرائيل فى قتل الأطفال والنساء والمدنيين، وكان خادمًا أمينًا فى محراب الصهيونية، وعبدًا مطيعًا لأوامرها.
على الجبهة اللبنانية ورغم ما حققته إسرائيل فى بداية العدوان على لبنان من استهداف واغتيال قادة حزب الله وتدمير الكثير من الأهداف المهمة، إلا أن جيش الاحتلال سقط فى مستنقع الاستنزاف بعد أن استعاد حزب الله سيطرته ونظم صفوفه ليوجه ضربات قوية لجيش الاحتلال والمشاهد القادمة من إسرائيل تشير إلى ضرب وتدمير للقواعد والمواقع والمصانع العسكرية وحرائق مشتعلة فى المنشآت وبذلك فإن وعود نتنياهو بعودة المستوطنين إلى مستعمرات الشمال هو ضرب من الفشل والعجز.
الأمر المهم أن حسابات إسرائيل فشلت تمامًا فقد توهمت أنها قضت على قدرات حزب الله، لكن الواقع يقول إن الضربات القوية التى تستهدف مدن وعمق إسرائيل تتصاعد وتزداد خطورة وتتسبب فى خسائر فادحة وصلت إلى تل أبيب لكن شروط إسرائيل ومحاولات الخروج بنصر مزيف، ووضع بنود فى الاتفاق، بحرية جيش الاحتلال بالعمل العسكرى فى لبنان كل ذلك سيؤدى إلى فشل الوصول إلى وقف لاطلاق النار بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلى فى كل الاحوال نحن أمام مشروع صهيوني، يستهدف عددًا من دول المنطقة، سواء من أجل إسرائيل الكبري، أو أهداف اقتصادية، ومواصلة الهيمنة وضرب مشروعات المنافسين الدوليين فى المنطقة، وسرقة مقدرات الفلسطينيين.. لذلك يتحملون هذه الخسائر الفادحة من أجل تحقيق أوهامهم.
تحيا مصر