تتسم شخصية «نتنياهو» بواحدة من أهم الصفات والأطر الشخصية التى لا تقصر عليه فقط بل على كل يهودي، إلا انه استأثر بالنصيب الأكبر منها، وهى تلك الصفة التى نعتهم بها الله عندما كلم سيدنا موسى قائلاً: «رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة».. وتستخدم هذه العبارة للتعبير عن روح التمرد والعناد التى ينفرد بها نتنياهو، والتى تفسر لنا سلوكه المتمرد والخروج عن المألوف وميله إلى التحدى والتهور والعصيان والإصرار على مواقفه وتخطى الحدود وتبنى رؤية مخالفة.. ويعتبر نتنياهو هو رئيس الوزراء الأطول خدمة فى تاريخ إسرائيل، حيث تولى منصبه 6 مرات وقد تمكن من غرس تلك الصورة باعتباره الشخص الذى يمكنه وحده توفير الحماية لإسرائيل على أفضل وجه ممكن من القوى المعادية فى الشرق الأوسط.. وقد تمكن من تحقيق ذلك من خلال ذلك النهج الصارم الذى اتبعه تجاه الفلسطينيين ووضع المخاوف الأمنية على رأس الأولويات عند الحديث عن السلام والتحذير من الخطر الذى تشكله إيران على الأمن الإسرائيلي.. ورغم اتهامه بالفساد والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، إلا أن هذه التهم لم تنل منه ولم تعترض طريقه السياسي، رغم أن معارضيه يرون انه قد أصبح يمثل خطراً كبيراً على الديموقراطية.. لقد أثرت فى تكوينه الشخصى عائلته، لاسيما والده «بنزيون» المؤرخ والناشط الصهيونى المتشدد، وقد التحق بالجيش فى سن «18 سنة» وخدم كقائد لفرقة «الكومندوز»، وقد أصيب فى غارة على طائرة بلجيكية تم اختطافها من جانب مسلحين فلسطينيين هبطت فى إسرائيل عام 1972 واشترك فى حرب 1973، ورغم أنه أعلن فى 2009 قبوله المشروط بدولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، إلا انه عاد وتشدد فى موقفه لاحقاً، وأعلن أنه لن يتم إنشاء دولة فلسطينية على غرار تلك التى يتم الحديث عنها، وأن هذا لن يحدث على الإطلاق.. ورغم الدعم الأمريكى الذى تحظى به إسرائيل خلال صراعها فى الشرق الأوسط، إلا أن العلاقة ما بين نتنياهو والرؤساء الأمريكيين لم تكن من السلاسة، بل كان يشوبها العديد من المنغصات، لاسيما فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية– الإيرانية.. وقد كان أبرزها الخلاف بين نتنياهو وأوباما حول البرنامج النووى الإيرانى وتحذير نتنياهو مما أسماه بالصفقة السيئة، وهو ما كان محلاً للإدانة من قبل إدارة أوباما، التى اعتبرتها تدخلاً وتدميراً للعلاقات.. ومع وصول ترامب إلى السلطة فى عام 2017، حدث تقارب كبير بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية، التى توجت بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مما أثار ثورة عارمة من الغضب العربي، إلا إنها منحت نتنياهو زخماً سياسياً ودبلوماسيا كبيراً.. وقد اتسمت العلاقة بين ترامب ونتنياهو بالوفاق، حيث اتفق معه على الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى وفرض العقوبات الاقتصادية على إيران والإشادة بخطة ترامب للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، التى تم رفضها من جانب الفلسطينيين ووصفها بالمنحازة لإسرائيل.. ورغم أنه واجه فى 2016 تحقيقات فى قضايا فساد والاتهام بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، إلا أن هذه كلها لم تؤثر على مستقبله السياسى وقدرته على خوض الانتخابات والحصول على ثقة الشعب الإسرائيلي.. ورغم ذلك فمازال نتنياهو مستمر فى منصبه حتى الآن، نتيجة لقدرته على التحدى والمقاومة وتلك الجرأة التى تصل إلى حد الوقاحة ورفض الامتثال للقوانين وتحدى السلطات وتعمد إزعاج الآخرين، بإلقاء اللوم عليهم وتبنى السلوك الانتقامى الإجرامي.