ولا تبكى يا «سارة».. وفرحتنا يا «جندى»..
ونبدأ جولتنا برسالة وفيديو تلقيتهما عبر «الواتس آب» من صديق يطلب منى التعليق على حوار دار فى إحدى الفضائيات التى تبث من خارج مصر وهو حوار بين أحد المصريين المقيمين فى لندن وأحد الأشخاص من «النشطاء» من إحدى الدول العربية.. وفى الحوار هجوم وتعريض وتربص بمصر ورد أكثر من قوى من المقيم المصري.
وإلى جانب هذا الفيديو كان هناك مقتطفات من حديث آخر لأحد «فلاسفة» هذا العصر من حزب «الكلام» والمزايدات ويشمل أيضاً إساءات وسخافات موجهة إلى مصر والمصريين.
ويقول لى الصديق.. يجب علينا الرد وفضح هؤلاء وكشفهم أمام الرأى العام دفاعاً عن الوطن ومكانة الدولة المصرية.
وفى كلام الصديق حماس وغيرة معهودة من كل المصريين وردة فعل غاضبة تحمل الألم والأسى من نكران الجميل ومن تجاهل قيمة ومعنى مصر.
وياصديقى الفاضل.. أبلغ رد على هؤلاء هو التجاهل والازدراء والاحتقار، فهم يبحثون عن دور، عن جذب الأنظار، عن الانتشار وعن الشهرة أيضاً.. بالحديث عن مصر وتقييم مواقفها وسياساتها.
وياصديقي.. الدولة المصرية القوية الكبيرة ليست فى حاجة إلى تقييم وأحكام من آخرين.. والدولة القوية لا تتخذ قراراتها وسياساتها من آراء منتفعين وحاقدين وجهلة بالتاريخ والظروف والمتغيرات.. الدولة القوية لا تدخل فى حوارات جانبية ولا تبحث عن التصفيق والإعجاب بقدر ما تتعامل مع الواقع بفهم وموضوعية وقدرة على القراءة المستقبلية لتطورات الأحداث.
وفى أحاديثهم عن مصر فإنهم يجيدون قراءة وتقييم التاريخ وفقاً لمعطيات الحاضر وسياساته.. وقراءة وتحليل التاريخ بأثر رجعى هو نوع من القصور فى الفهم والإدراك والرؤي.. ولا يمكن الحكم على قرار تم اتخاذه فى الستينيات وفقاً لمعايير القرن الحادى والعشرين على سبيل المثال..!
وياصديقي.. كل الذين يتربصون بمصر يؤكدون أن ذلك من منطلق غيرتهم على مصر ومكانتها.. وياصديقى هؤلاء أبالسة يتلذذون بالحديث عن أوجاعنا ويعايروننا بظروفنا الاقتصادية ثم يطلبون منا أن نواصل التضحيات وأن نحارب وأن نعبر الحدود.. وأن نشعلها ناراً ودماراً لتزداد ثرواتهم ويزداد استمتاعهم بالحياة فى الشانزليزيه فى باريس وفى البيكاديلى فى لندن مع رخات المطر وكئوس المدام..!
وياصديقي.. نترفع عن الرد على الصغار وعن ذكر أسمائهم.. لا نعرفهم.. ولا قيمة لهم.
>>>
ولا تبكى يا سارة.. بطلتنا الأولمبية فى رفع الأثقال سارة سعيد حصلت على الميدالية الفضية وكانت تبكى بحرقة وقالت.. «كان نفسى أجيب لكم الذهب»!! وياسارة أنت الذهب.. كل الذهب.. أنت معدن الفتاة المصرية الغيورة على بلادها وعلى ناسها وعلى أهلها.. ياسارة «عملتى اللى عليكي».. ووالله إحنا بكينا معاكي.. كان نفسنا تفرحي.. كان نفسنا فى الذهبية من أجلك أولاً.. إنتى مصر.
>>>
وفرحنا.. وتبادلنا التهانى فى كل مكان.. ابننا أحمد الجندى حصل على أول ذهبية لمصر فى أولمبياد باريس هذا العام.. الولد الذهبى أعاد لنا شعوراً من الراحة والسعادة.. الولد الذى كافح من أجل الفوز رغم كل الظروف كان واجهة مصر المشرفة التى رسمت الابتسامة على وجوهنا مرة أخري.. شكراً يا جندي.. أصبحت معشوق الجماهير التى ستنتظرك فى مطار القاهرة تطوف بك محمولاً على الأعناق.. كنت بطلاً وتستحق استقبال الأبطال.
>>>
ونعود للحياة القاسية.. نعود لمعاناة أهلنا فى غزة.. للشعب الصامد الذى نسيه العالم الذى يتجاهل أزمته.. نعود للمأساة الإنسانية التى لا مثيل لها فى تاريخ البشرية الحديث.. ونتحدث عن القصف البربرى المجنون لمدرسة التابعين فى وسط مدينة غزة، وهى المدرسة التى كانت تؤوى أعداداً كبيرة من النازحين الذين كانوا يؤدون صلاة الفجر عندما وجدوا الصواريخ تنفجر من حولهم وأشلاء الجثث تتناثر وأكثر من 521 شهيداً فى لحظات.. ومئات من المصابين امتلأت بهم المستشفيات..!
إن حادث مدرسة التابعين الذى تعامل معه العالم بهدوء وباستسلام غريب وعجيب هو إشارة ورسالة إلى نتنياهو بأن يكمل الإجهاز على الفلسطينيين وأن يتخلص منهم جميعاً.. ففى أنظار حكومات العالم الغربى ثبت وتأكدنا أننا على ما يبدو بلا ثمن..!! لقد كشفت الحرب على غزة الوجه القبيح لمنظومة الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان..!! كله كذب فى كذب..!
>>>
ونحن لا نعرف ولا نقدر النعمة التى فى أيدينا إلا بعد أن نفقدها وتذهب عنا.. والرجل القوى الثرى الذى كان مستمتعاً بالحياة غارقاً فى ملذاتها لم يفكر يوماً فى مساعدة محتاج أو مسكين.. الرجل الذى أعطته الدنيا كل شيء يميناً ويساراً.. أصابه المرض فجأة.. أصبح قعيد الفراش عاجزاً عن الحركة بعد أن احتار الأطباء فى أمره ولم يجدوا له علاجاً.. الرجل الذى كان بعيداً عن الناس وفوق أكتافه الناس أصبح ينتظر أن يزوروه.. أن يطمئنوا عليه.. وبعث يطلب تقديم المساعدة لمن يحتاج.. بعث لأسرته أن توظف أمواله فى عمل من أعمال الخير قد يكون سبباً فى تخفيف آلام المرض.. الرجل تذكر أخيراً أن المال مال الله.. وأن عليه أن يحسن التصرف فيه..! ويا أيها المرض تأتى لتوقظ قلوباً كانت شبه ميتة.. والمهم أن ندرك ذلك.
>>>
وأخيراً:
>> لا تجبر نفسك على التواجد فى مكان لا تنتمى إليه.
>> ولا تنتظر لطفاً من أحد، تعلم أن العطاء والإحسان تعامل وليس تبادلاً، فى تعاملك مع الناس لا تحتاج لشهادات عليا، بل تحتاج إلى أخلاق عليا.
>> وحب الجميع وثق بالقليل، فكل شيء حقيقي ولكن ليس كل شخص صادقاً.
>> والنور والظلام لا يلتقيان فبحضور أحدهما يختفى الآخر.