انتهى عصر الفكر الرجعى بأن جامعة الأزهر جامعة نظرية تعتمد على الحفظ والتلقين ولا تتطرق إلى الفكر العلمى وتطبيق التكنولوجيا الحديث ولم تعد جامعة الأزهر تعتمد على دارسة المواد الفقهية والأدبية فقط، وانما وانطلقت إلى دراسة الذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات وطب الحيوان واستحداث الكليات التى تدعم العقل الإنسانى وتحرر الفكر من التخصص الفقهى والدينى إلى دراسات الفكر والتطور وتبادل الأفكار بما يتناسب مع التطور العالمى فى مختلف المجالات العلمية والفكرية «الجمهورية» التقت الدكتور محمود صديق نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث.
>جامعة الأزهر بصدد إنشاء كليات للذكاء الاصطناعي، وكليات الطب البيطري.. هل سيتم استحداث كليات جديدة؟
>>نحن بصدد إنشاء كليات للذكاء الاصطناعى وعلوم التكنولوجيا فى أفرع الجامعة الثلاثة بالقاهرة والوجهين البحرى والقبلي، وكليات للتمريض، وطب الحيوان الذى يُطلق عليه طب بيطري، وسيتم إنشاء كلية فى الوجه البحري، وكلية فى الوجه القبلي، وإنشاء كلية ذكاء والتوسع فى كليات التكنولوجيا.
> أين وصلت قاطرة البحث العلمى بالجامعة؟
>>أثبتت جامعة الأزهر خلال الخمس سنوات الماضية تفوقها فى الإدارة، رغم أنها متفردة على مستوى العالم فى القطاع الأصيل، وهو القطاع الشرعي، مثل قطاع اللغة العربية وأصول الدين وعلوم الشريعة والقانون، و فى الفترة الأخيرة تفردت وتفوقت وأصبحت فى مكانة متميزة، هذه المكانة جعلتها مؤهلة لأن تصبح العام الماضى الأولى بين الجامعات المصرية فى تصنيف التايمز، وتحقيق تقدم فى تصنيف شنغهاى وتصنيف QS وUS News، إضافة إلى التصنيف الإسباني، وكل هذه النتائج تعود إلى الأبحاث التى تم إجراؤها، حيث وصل عدد الأبحاث إلى أكثر من أربعة آلاف بحث، فى حين كان المستهدف أن ننتهى من ثلاثة آلاف بحث العام الماضي، لكن تجاوزنا ذلك بنسبة زيادة بلغت 25 ٪، وهذا بفضل دعم الجامعة للباحثين والقيام بإجراءات تساهم فى نشر البحث العلمي، حيث إن البحث العلمى يحتاج إلى موارد، وقد استطاعت الجامعة دعم هذه الفكرة وساعدت عليها، وكانت إلى يجة مردودًا عائدًا بنفع كبير جدًا على الجامعة.
> ماذا عن جهود الجامعة فى التكنولوجيا الحديثة؟
>>بعدما صدر قانون حوافز التعليم عام 2018، وهو يتعلق بأندية العلوم وأودية العلوم، وقد حصل هذا القانون على موافقة مجلس النواب عام 2019، كانت جامعة الأزهر أولى الجامعات المصرية التى أنشأت دار للعلوم بقرار من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عام 2020، ونتج عن هذا القرار أن أصبح لدينا فى جامعة الأزهر أربع حاضنات، وهذه الحاضنات نتمنى أن تكون فى السنوات القادمة قاطرة للجامعات المصرية، حيث تربط بين المفاهيم الأكاديمية ونتائج البحث العلمي، بمعنى أن مستخرجات الأبحاث العلمية بدلاً من أن تكون حبيسة الادراج أصبحت مرتبطة المجالات الصناعية والتجارية الزراعية وكافة جوانب عملية التنمية، ويكفى ان الجامعة أسهمت فى إنتاج أو مساعدة أكثر من مائتى شركة ناشئة فى السوق، ومنها شركات تميزت بشكل كبير، والحاضنات الأربع: واحدة فى رواق قنا، وحاضنة فى رواق أسيوط، وحاضنتان فى كليتى فرع البنات، إحداهما فى العلوم والأخرى فى الصيدلة، وكل هذا أسهم فى تعزيز الشراكة بين الجامعة والمستثمرين وكل من لديه أفكار تعود بالنفع على البلد وتساعد فى تحقيق تنمية حقيقية، وهذا الفكر أصبح الآن متجذرًا لدى طالب الجامعة، حيث نقيم مسابقات لريادة الأعمال، ويشارك فيها طلاب من كليات: الاقتصاد المنزلي، والزراعة، والصيدلة، والطب، والدراسات الإسلامية، بما يفتح ذهن الطالب ويجعله لا يقف فقط عند تعليمه فى الجامعة، بل يمكن أن يكون مبتكرًا أو رائدًا فى مجال آخر.
> كيف تمت الاستفادة من التطور التكنولوجى بالجامعة فى قطاع الدراسات العليا؟
>>تمت الاستفادة من الطفرة التكنولوجية بالجامعة من خلال توثيق امتحانات الدراسات العليا بأجهزة الحاسب الآلى ضمانا لحقوق الطلاب حتى يمكن مراقبة الانضباط داخل اللجان، ويعتبر ذلك بمثابة وثيقة يمكن الرجوع إليها فى الامتحانات الشفوية والتحريرية إذا أبدى أحد الطلاب شكوى من وجود تعسف فى لجان التحريرى أو الشفوي، وفى قطاع المستشفيات الجامعية حرصت الجامعة إدخال الروبوتات الجراحية وتقنيات الذكاء الاصطناعى فى قطاع الطب بالجامعة؛ مسايرةً للتطورات العالمية التى تشهدها جميع القطاعات العلمية.
> ماذا عن الطفرة التى تحققت فى القطاع الطبي؟
>>مستشفيات جامعة الأزهر الخمسة سجلت العام الماضى تردد مليون مريض عليها وإجراء 100 ألف عملية جراحية، تحقيقًا للتنمية المستدامة وتنفيذًا لرؤية مصر 2030م فى الجمهورية الجديدة وهذه المستشفيات تشهد حاليًا طفرة هائلة فى المستشفيات، وهناك دعم كبير جدًا يقدم من الرئيس عبدالفتاح السيسى لمستشفيات جامعة الأزهر خاصة فى جانب الميكنة والرقمنة، حيث دخلت مستشفيات جامعة الأزهر الخمس فى إطار التحول الرقمي، وتم تطوير البنية الأساسية فى مستشفيات الحسين، وسيد جلال، والزهراء، و فرع الجامعة فى مدينة دمياط يشهد تحولاً كبيرًا جدًا فى عدد الإنشاءات، وكل هذه المستشفيات مجهزة بأحدث الأجهزة المتوفرة، ويمكن أن تنفرد جامعة الأزهر بامتلاكها جهاز «الجاما نايف» الذى يساعد فى علاج الأورام التى تحدث فى المخ دون تدخل جراحي، وهى الأورام التى لا تستطيع الجراحة السيطرة عليها، كذلك فإن فرع الجامعة فى أسيوط يشهد العديد من الافتتاحات، حيث تم افتتاح مبنيين جديدين فى مستشفى أسيوط، ومن المقرر أن يتم افتتاح أربعة مبان أخري، وهذا يُعد خدمة كبيرة لأهالى الوجه القبلى والصعيد، ولأهالى محافظة أسيوط والمناطق المجاورة.
> هل تمت إضافة كليات جديدة بهدف تقليل الاغتراب؟
>>الجامعة شهدت إضافة أكثر من 8 كليات العام الماضى وهذا العام، وأصبح عدد الكليات حوالى 97 كلية فى جامعة الأزهر الشريف، ونحن نقدم خدمة ليس فقط لأبناء مصر، ولكن لأبناء العالم الإسلامى ككل، يوجد فى الأزهر الشريف 60 ألف طالب وافد، منهم 30 ألفاً فى الجامعة ما بين طلاب المرحلة الجامعية الأولى وطلاب الدراسات العليا، ولدينا أكثر من 140 جنسية من دول العالم المختلفة، وهذا يعطى رمزية للأزهر المنارة العلمية الذى يعتبر حارسا للهوية المصرية، ومحافظا على الأمن القومي، وعلى وسطية الإسلام واعتداله، وإكسابه روحًا ليست موجودة فى أى مكان فى العالم، فمبعوثو الأزهر وأبناء الأزهر من الدول الإسلامية الأخرى يفتخرون بهم ويتباهون بأنهم درسوا وتعلموا فى الأزهر الشريف، ومنهم من أصبح رئيس دولة، ومنهم من أصبح وزيرًا، ومنهم من أصبح رئيسًا للوزراء فى بلده، وهذه قوة ناعمة لمصر، وهذه القوة ليست وليدة اليوم، بل منذ فجر الثانى من رمضان عام 361 هجريًا.
> ما الدور المجتمعى الذى تقدمه جامعة الأزهر؟
>> لا شك أن جامعة الأزهر الشريف تقدم خدمة مجتمعية غير مسبوقة من خلال إرسال قوافل شاملة تقوم بتغطية جميع المحافظات المصرية بهدف دعم جهود الدولة الصحية من خلال الكشف على القرى والنجوع وإجراء العمليات الجراحية الممكنة، وإحالة الحالات الصعبة إلى مستشفيات الأزهر بالقاهرة، وإذا أردنا حصر الأرقام التى حققتها القوافل فى جانبها الطبى فإنها بالملايين، إضافة إلى الجوانب الاجتماعية التكافلية، وهناك جانب مهم فى تلك القوافل وهو جانب التوعية بأهمية البناء والتنمية والمشاركة فى تحقيق الاستقرار، ومحاربة الإرهاب الفكرى الذى يخدع البسطاء ويمكن القول إنه لا يوجد شهر من الشهور إلا وتكون جامعة الأزهر متواجدة فى منطقة شديدة الاحتياج، لأننا نسعى لأن نكون جزءاً فاعلاً من المبادرات الرئاسية التى تطلقها الدولة سواء «حياة كريمة» أم مبادرة» بداية جديدة».
> ما دور جامعة الأزهر فى دعم الدور المصرى فى العمق الافريقي؟
>> للأزهر الشريف دور بالغ الأهمية فى خدمة القارة الافريقية عن طريق تسيير عدد من القوافل الطبية والإغاثية، بلغ عددها إحدى عشرة قافلة طبية وإغاثية، إلى النيجر، والصومال، والسودان، ونيجيريا، وتشاد، وافريقيا الوسطي، وبوركينا فاسو، وقد اصطحبت تلك القوافل معها مستلزمات طبية وأدوية ومواد غذائية وإغاثية، للتخفيف من معاناة المحتاجين وآلام المرضي، ومتضررى الصراعات والنزاعات المسلحة، انطلاقاً من الدور الإنسانى والاجتماعى الذى يضطلع به الأزهر الشريف، والذى يعد مكملاً لدوره الدعوى والتعليمى المتمثل فى استقبال طلاب 46 دولة افريقية للدراسة فى جامعة الأزهر ومعاهده، وتدريب الأئمة الأفارقة على آليات مواجهة الأفكار المتطرفة، فضلاً عن الدور المحورى لبعثات الأزهر التعليمية والدعوية فى نشر تعاليم الإسلام السمحة فى كافة ربوع القارة الافريقية، وهذا الدور الذى يقوم به الأزهر تجاه العمق الافريقى ليس حديث الوقت بل قديم متجذر فى أعماق التاريخ، وتشهد بذلك أروقة الجامع الأزهر التى حملت أسماء العديد من بلدان وأقاليم افريقيا.
> ما مدى رعاية جامعة الأزهر لذوى الهمم؟
>>اعتنت مؤسسة الأزهر الشريف بأصحاب الهمم حتى أصبحوا عوامل قوة داخل جامعة الأزهر وخارجها، يضيفون كل يوم جديدًا فى سبيل تقدم الوطن، حيث يحرص مكتب التميز الدولى بالجامعة فى دعم ذوى الهمم ومساعدتهم على تعلم القراءة بطريقة برايل، من خلال مبادرة: «المس حلمك» لتعليم ذوى البصيرة القراءة والكتابة والطباعة بطريقة برايل باللغة العربية والإنجليزية، وقامت الجامعة بإنشاء 17 مركزَ إبصارٍ؛ لخدمة أصحاب البصيرة من مختلف كليات جامعة الأزهر بالقاهرة والأقاليم، إضافة إلى توزيع عدد 507 أجهزة لاب توب بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، وتدريب وتأهيل عدد 800 طالبٍ وطالبةٍ من أصحاب البصيرة على استخدام الحواسيب فى المذاكرة والامتحانات.
الجمهورية: كيف يتم تنمية الموارد الذاتية للجامعة؟
نعمل على تجهيز برامج لتُعرض على المجلس الأعلى للأزهر، وهذه البرامج ستكون برامج خاصة لتحسين الموارد الذاتية للجامعة، إضافة إلى تنشيط المراكز البحثية داخل الجامعة، خاصة أن المراكز البحثية بالجامعة بدأت تشهد تطورًا كبيرًا جدًا، وطفرة فى الأداء فى الفترة الأخيرة، وخصوصًا مركز الفطريات، ومركز الحساسية والمناعة، ومركز القلب، ومركز السكان.