المرشحان من كبار قادة الحزب وصاحبا تاريخ طويل فى المقاومة
بعد إعلان حزب الله اللبنانى أمس وفاة زعيمه حسن نصر الله فى غارة إسرائيلية عنيفة استهدفت اجتماعا للحزب كان يترأسه نصر الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان أمس الأول، تنتظر الأوساط السياسية والإعلامية الاعلان عن اسم المرشح الذى يستطيع ملء الفراغ فى رئاسة الحزب خاصة مع اغتيال اسرائيل لمعظم قيادات الصف الأول فى الآونة الاخيرة.
ويشكل استبدال نصر الله تحديا أكبر الآن مقارنة بأى وقت مضى منذ سنوات أمام الحزب، خاصة بعد سلسلة الهجمات الإسرائيلية فى الآونة الأخيرة التى اضعفت قدرات الحزب العسكرية واسقطت كثيرا من قياداته وتركته فى حالة اضطراب يعجز فيها عن ترتيب أوراقه.
أكد باحثون سياسيون أن المشهد داخل حزب الله سيتغير بالكامل، حيث كان نصر الله من يحافظ على تماسكه، كما كان وجوده يحافظ على ميزان الاستقرار داخل الحزب أول من حول الجماعة إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي.
وترأس نصر الله الحزب منذ 32 عاما، ومنذ ذلك الحين وهو مهدد بالاغتيال بشكل كبير خاصة وان سلفه عباس موسوى اغتالته إسرائيل فى هجوم بطائرة هليكوبتر عام 1992
وصرح دبلوماسى أوروبى متحدثا عن نهج الحزب إنه «إذا قتلت إسرائيل واحدا يحصلون على جديد» وفى هذا الصدد وبرغم السرية والغموض اللتين تكتنفان عملية اختيار القيادات فى التنظيمات الشبيهة بحزب الله، يتصدر الأسماء المرشحة لقيادة التنظيم الحليف لإيران، هاشم صفى الدين، ابن خالة نصر الله وصهر قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس فى الحرس الثورى الإيراني.
ولد صفى الدين عام 1964 فى بلدة دير قانون النهر فى منطقة صور جنوب لبنان، وأكمل دراسته الدينية فى مدينة قم الإيرانية، و تزوج من ابنة رجل الدين الشيعى المعروف محمد على الأمين، عضو الهيئة الشرعية فى المجلس الإسلامى الشيعى الأعلى فى البلاد.
ويشغل صفى الدين حاليا منصب رئيس المجلس التنفيذى لحزب الله، ويعد واحدا من 7 أعضاء منتخبين فى مجلس الشورى الحاكم لحزب الله، وكان نصر الله قد عين صفى الدين رئيسا لمنطقة بيروت التابعة للحزب عام 1998.
وفى عام 1995 تولى صفى الدين رئاسة مجلس الجهاد المسئول عن النشاط العسكرى لحزب الله. وتربط صفى الدين بنصر الله صلة قرابة عائلية، إضافة الى التشابه الكبير فى الشكل وطريقة الكلام وحتى اللثغة بحرف الراء، وهو ليس قياديا عاديا فهو يشرف بحكم منصبه كرئيس للمجلس التنفيذى على نشاطات حزب الله الاقتصادية والاجتماعية ومن تلك الأنشطة إشرافه على إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لبيروت والتى تعرضت لدمار كبير بعد حرب يوليو سنة 2006.
كان صفى الدين ظلاً لنصر الله، والرجل الثانى داخل الحزب وعلى مدى ثلاثة عقود، امسك الرجل بكل الملفات اليومية الحساسة، من إدارة مؤسسات الحزب إلى إدارة أمواله واستثماراته فى الداخل والخارج، تاركاً الملفات الاستراتيجية بيد نصر الله.
ويعد صفى الدين، المدرج على قائمة الإرهاب الأمريكية منذ عام 2017 من كبار مسئولى الحزب الذين تربطهم علاقات وثيقة مع الجناح العسكري، إلى جانب علاقاته الوثيقة جداً مع الجناح التنفيذي. خاصة انه كان قد تدرب فى بداياته على يد عماد مُغنية الذى تم اغتيالة قبل سنوات.
تربطه كذلك بطهران علاقات خاصة فقد قضى سنوات فى مدينة قم الإيرانية يتعلم فيها، إلى أن استدعاه نصر الله إلى بيروت لتحمل مسئوليات فى الحزب. كما تزوج ابنه رضا فى 2020 بزينب سليماني، ابنة العقل المدبر للمشروع الإقليمى لإيران قاسم سليمانى الذى اغتالته غارة أمريكية فى بغداد فى العام نفسه، كما ان شقيقه عبدالله صفى الدين هو ممثل الحزب فى ايران بالإضافة إلى تواصله المستمر مع كبار المسئولين فى طهران.
اسم صفى الدين طرحته صحيفة إيرانية لخلافة نصر الله قبل 16 عاماً ليس وليد اللحظة، حيث ان المطلعين على كواليس الحزب يقولون إن القرار اتخذ قبل ذلك بكثير فوفقاً لما أكده قيادى سابق بارز فى حزب الله آنذاك، فإن اختيار صفى الدين تم بعد نحو سنتين من تولى نصر الله منصب الأمين عام فى 1992.
ومنذ يومها، وضع سيناريو «اغتيال حسن نصر الله»، من قبل حزب الله، وأن صفى الدين سيكون الأمين العام للحزب فى حال نجاح إسرائيل بتصفية نصر الله.
وما يزيد من حظوظ اختيار صفى الدين لخلافة نصر الله، هو المسار المتشابه إلى حد الغرابة بين الرجلين داخل الحزب غير أن نصر الله الذى لا يكبر ابن خالته بأكثر من عامين، يبدو أكبر منه بكثير من حيث الشكل.
ولا يوجد الكثير من المعلومات عن صفى الدين، فهذا الرجل ظل لفترة طويلة شبه مجهول فى الأوساط السياسية اللبنانية، إلى أن دفعته الإجراءات الأمنية المشددة المحيطة بنصر الله، إلى الظهور محله فى مناسبات الحزب، خصوصاً جنازات عناصره وقياداته الذين قتلوا فى لبنان أو خلال قتال الحزب فى سوريا ضد المعارضة، أو فى مناطق انتشاره الأخرى لمساندة البرنامج الإقليمى الإيراني.
المرشح الثانى الذى ينافس صفى الدين على زعامة الحزب بعد وفاة نصر الله هو نعيم قاسم، والذى عين بالفعل كرئيس للحزب بشكل مؤقت لحين عقد انتخابات واختيار زعيم جديد خلفا لنصر الله .
ولد قاسم بمنطقة البسطة التحتا فى بيروت عام 1953، وحرصت أسرته على إرساله إلى المدارس الدينية حيث تتلمذ على يدى العديد من شيوخ المذهب الشيعى فى لبنان، ليمارس الخطابة وتقديم دروس دينية بشكل أسبوعى للأطفال ودرس مناهج الدراسة الحوزية على يد كبار علماء الشيعة فى لبنان، من أبرزهم عباس الموسوى وحسن طراد وعلى الأمين.
وانضم قاسم إلى حزب الله منذ تأسيسه فى أوائل الثمانينيات، وساهم بشكل كبير فى رسم سياساته وتوجهاته. ويشغل قاسم منصب نائب الأمين العام لحزب الله منذ عام 1991، وهو الدور الذى أتاح له أن يكون اليد اليمنى لنصر الله والمشارك الرئيسى فى اتخاذ القرارات الاستراتيجية. كما يتولى نعيم مسئولية متابعة العمل النيابى والحكومى فى الحزب.
وشهدت فترة تولى قاسم المسئولية مواجهات عدة مع إسرائيل، بما فى ذلك حرب «تموز 1993» وحرب «نيسان 1996» وحرب «التحرير 2000» وحرب «تموز 2006»، إضافة إلى مواجهات عام 2017.
ومن المعروف عن قاسم مواقفه الصارمة ضد إسرائيل، وهو أحد الشخصيات الأساسية التى تشارك فى توجيه العمليات العسكرية والسياسية للحزب، وإلى جانب دوره السياسي.
ورغم أن قاسم ليس بشخصية إعلامية مثل نصر الله، إلا أن له قاعدة شعبية كبيرة داخل الحزب وخارجه، ويمتلك خبرة كبيرة فى التعامل مع الأزمات والضغوط الدولية والإقليمية.