تواصل مصر تنفيذ رؤيتها 2030، بمشروعات استراتيجية، وآخرها تخصيص 52.5 فدان وفقًا للقرار الجمهورى رقم 35 لسنة 2025 لإنشاء ميناء طابا الجديد كجزء من شبكة نقل متكاملة تربط البحرين الأحمر والمتوسط، وتحوّل سيناء لمركز لوجيستى إقليمي.
وأكد خبراء اقتصاد لـ»الجمهورية الأسبوعي» ان الميناء الجديد يختلف عن المرسى السياحى القديم، ويهدف لاستقبال سفن ركاب وتسهيل حركة التجارة ومن أهم فوائده دعم السياحة من خلال استقبال رحلات بحرية مباشرة وتسهيل نقل البضائع وتقليل التكلفة والوقت وتعزيز التنمية فى سيناء وتحويلها لمنطقة اقتصادية قوية وتقليل الضغط على موانئ البحر الأحمر الأخري، وأضافوا ان الميناء متصل بمشروع خط سكة حديد العريش- طابا، الذى يربط البحر المتوسط بخليج العقبة، لتسهيل حركة التجارة والصناعة، وسوف يكون نقطة تحول اقتصادية وسياحية كبيرة.
وقال د.ياسر شويتة الخبير الاقتصادى عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى ان ميناء طابا الجديد يعد أحد أهم المشروعات الاستراتيجية الجديدة وذلك فى إطار ما تمتلكه مصر من استراتيجية تطوير الموانئ البحرية 2030 والتى تعد إحدى الركائز والمحاور الرئيسية التى تعتمد عليها الدولة المصرية لتكون نافذة مصر على العالم الخارجى فى أنشطة التجارة الخارجية ونقل البضائع، وهو ما ينعكس بشكل إيجابى على دعم خطط التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة وتحقيق رؤية مصر 2030 وانطلاقا من هذا كانت هناك العديد من المستهدفات تسعى الدولة المصرية تحقيقها على أرض الواقع مرتبطة بتطوير الموانئ البحرية من أجل زيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ البحرية ورفع كفاءة الخدمات المقدمة من أجل الاستفادة من الموقع الاستراتيجى للدولة المصرية فى قلب العالم وامتلاك أكثر من 3000 كم شواطئ على البحر الأحمر والبحر الابيض المتوسط وامتلاك ما يقرب من 18 ميناء بحرياً و80 مشروعا تطوير الموانئ بتكلفة تقدر بحوالى 200 مليار جنيه واستيعاب ما يقرب من 22 مليون حاوية الأمر الذى يساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية وانطلاقا من هذا كان ميناء طابا الجديد من أجل جعل مصر مركزاً عالمياً للتجارة واللوجستيات.
مشروع استراتيجى
وأضاف إنه تنفيذا لذلك فقد صدر القرار الجمهورى رقم 35 لسنة 2025 بإنشاء ميناء طابا البحرى على مساحة 52.5 فدان فى جنوب سيناء لصالح الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر من أجل إقامة ميناء طابا البحرى الجديد وقد نشر هذا القرار فى الجريدة التنفيذية وهو ما يعنى دخول هذا المشروع حيز التنفيذ كأحد أهم المشروعات الاستراتيجية فى هذه المنطقة، وتتعدد المزايا والفوائد الاقتصادية من إنشاء ميناء طابا البحرى الجديد ومن أهمها دعم قطاع السياحة فى هذه المنطقة الاستراتيجية من خلال استقبال رحلات بحرية من الدول العربية القريبة مثل المملكة العربية السعودية والأردن ودول الخليج العربي.
وأوضح ان الميناء يساهم فى زيادة حركة نقل الأفراد والبضائع وتحويل سيناء لمنطقة اقتصادية فى ظل اهتمام الدولة المصرية بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة فى كل أرجاء سيناء وربطها بشبكة مواصلات برية بالإضافة إلى إقامة خطوط السكك الحديدية مع كافة الموانئ البحرية وهو ما يعزز من سهولة نقل البضائع من جنوب سيناء إلى شمال سيناء وباقى أجزاء الجمهورية وهو ما يعنى تقليل الضغط على الموانئ البحرية الأخرى كشرم الشيخ ونويبع.
ويري» د.شويته»، ان الدولة المصرية تبنى المستقبل بخطوات ثابتة و سوف تحقق فائدة اقتصادية هامة وهى زيادة مصادر الدخل القومى من خلال إقامة الميناء الجديد ليكون نافذة جديدة تطل منها الدولة المصرية على العالم الخارجى لتكون مصر مركزاً عالمياً للتجارة واللوجستيات فى ظل ما تتمتع به مصر من موقع استراتيجى وفى ظل امتلاك إستراتيجية لتطوير الموانئ البحرية والتى بلغت تكلفة تطويرها حوالى 129 مليار جنيه حجم تكلفة تطوير الموانئ البحرية المصرية منذ عام 2014 وحتى عام 2024 ويبدأ عام 2025 بمشروع جديد هو ميناء طابا البحرى لتستمر مسيرة التنمية الاقتصادية بشكل يعزز من بناء اقتصاد وطنى قادر على المنافسة العالمية رغم التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
رؤية اقتصادية
وقال د.أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، ان قرار رئيس الجمهورية بتخصص 52.5 فدان فى جنوب سيناء لصالح الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر من أجل إقامة ميناء طابا البحري، هام جدا ويتوافق مع رؤية مصر الاقتصادية.
وأوضح، أن طابا يوجد بها ميناء بحرى قديم لكنه كان مخصصا كمرسى سياحى لليخوت والرحلات السياحية البحرية، إضافة إلى وجود ميناء طابا البرى وهو ممر حدودى بين مصر وفلسطين والأردن، موضحا أن ميناء طابا البحرى الجديد وعلى مساحة ضخمة وبقدرات وأهداف أوسع وأكبر يمثل نقلة نوعية سيعمل على تسهيل حركة التجارة البحرية ونقل البضائع من مصر إلى الدول المجاورة كالأردن والسعودية وغيرهما ما يقلل من المدة التى كانت تستغرقها التجارة عبر النقل البرى من القاهرة لنويبع ثم العقبة وبالتالى سيقلل من التكلفة.
سياحة واقتصاد
وأشار» د.غراب»، إلى أهمية ميناء طابا البحرى الجديد فى دعم السياحة فى مصر خاصة بمدن جنوب سيناء السياحية، إضافة إلى أن وجود ميناء بحرى فى مدينة طابا السياحية يجعلها تستقبل رحلات سياحية بحرية مباشرة من الدول المجاورة كالسعودية والأردن ودول الخليج، وأن دخول السياح مصر عبر السفن يعد عامل جذب وتشجيعا لهم بديلا للطرق البرية والطيران، مشيدا بفكرة إنشاء ميناء طابا البحرى وأهميته للدخل القومى المصرى والاستغلال الأمثل لموارد سيناء وتحويل سيناء لمنطقة اقتصادية متنوعة وشاملة تسهم فى تنمية الاقتصاد الوطني.
وأضاف، أن من مكاسب ميناء طابا البحرى الجديد أنه يقلل من الضغط على الموانئ الأخرى كميناء نويبع وغيره، موضحا أن الدولة نفذت وتقوم حاليا بتنفيذ الممرات اللوجستية لربط سيناء بمدن القناة ومحافظات مصر منها ممر لربط البحر المتوسط من شرق بورسعيد والعريش حتى ميناء نويبع وطابا بخط سكة حديد جديدة، وهو يمر بالمناطق الصناعية بسيناء، إضافة إلى أنه جار إنشاء عدد من الموانئ الجافة والمناطق اللوجستية والتى تستخدم فى تخزين وتداول البضائع، كما أنه يجرى إنشاء 7 ممرات لوجستية متكاملة لربط مناطق الإنتاج بالموانئ البحرية بالبحر الأحمر بالموانئ على البحر المتوسط بواسطة شبكة من السكك الحديدية.
قال د. محمد البهواشى خبير الاقتصاد والطاقة إنه ستكمالا لما بدأته الدولة المصرية من خطوات جدية لتنمية سيناء وبدء صفحة جديدة من صفحات التعمير والتنمية الاقتصادية، ومن خلال البناء على ما تم التأسيس له من خلق فرص تنموية يمكن من خلالها استغلال موارد سيناء الطبيعية والتى كان من أهمها مشروع الربط ما بين طابا والعريش بخط سكك حديدية ليكون شرياناً جديداً يمتد بالخير للمناطق الصناعية ومناطق مصانع الرخام ومناطق الاستخراجات المعدنية بوسط سيناء لإحداث نقلة نوعية فى حركة التجارة والنقل، ودفع عجلة التنمية فى كل سيناء، وتحقيق التكامل الاقتصادى والاجتماعى المستهدف، كانت الخطوة الاكثر أهمية والتى من خلالها تكتمل الصورة وتتجلى الاستباقية فى صنع القرار.
وأضاف أن ما سبق ما كان إلا تمهيدا لحدث مهم وهو إنشاء ميناء طابا الجديد والذى سيساهم فى تعزيز مكانة مصر كمركز لوجستى عالمي، حيث سيصبح بإمكانها تقديم خدمات لوجستية متكاملة للشركات العالمية المتواجدة بخليج العقبة، إضافة إلى تسهيل حركة البضائع والمنتجات بين مصر ودول الجوار ولا سيما المنتجات المصنوعة فى سيناء أو مدخلات الإنتاج التى يتم استيرادها لخدمة المناطق الصناعية بسيناء مما يقلل من زمن عمليات الشحن والتفريغ، وبما يساهم فى زيادة حجم التبادل التجارى وبالتالى تعزيز النمو الاقتصادى وخلق قيمة اقتصادية مضافة لسيناء ومواردها الطبيعية، حيث سيؤدى إنشاء الميناء إلى تنشيط العديد من القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالتجارة والنقل، مثل قطاعات الخدمات اللوجستية .
وأوضح أن إنشاء ميناء طابا الجديد سيؤدى إلى تطوير البنية التحتية فى منطقة طابا، حيث سيتم إنشاء طرق جديدة ومرافق لوجستية متطورة، مما يحسن من مستوى الخدمات المقدمة لسكان تلك المنطقة، وسيخلق فرص عمل جديدة ويحسن من مستوى الدخول للافراد مما يعد تمكينا اقتصاديا جديدا لأهل سيناء، كما سيساهم فى توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة وإنشاء المجتمعات العمرانية المتكاملة.