فى ظل أوضاع اقتصادية صعبة نجحت الأسر المصرية فى اجتياز ومواجهة عادات شهر رمضان بميزانية جديدة اعتمدت على الاستغناء عن سلع الرفاهية، والبحث عن بدائل بالإضافة إلى تقليل كميات الطعام والحد من إهداره،، ولأن لشهر رمضان عادات ثابتة تحرص الأسر عليها حاولت الاحتفاظ بها مع تغيير نمطها تطويعا لميزانية كل أسرة فتحولت العزومات إلى مشاركة واختفت السهرات الرمضانية وتم استبدالها بالتجمعات العائلية، كما حرصت ربات البيوت على تدبير ميزانيتها عن طريق الاستعانة بالبدائل والأكل البيتى وإعادة التدوير، الأسر المصرية أثبتت قدرتها على مواجهة الأزمات بميزانية «على قد الأيد» بعيدا عن الإسراف والمغالاة.
«رمضان السنة دى غير كل سنة» الحديث لمروة زكى «موظفة» قائلة لم أقم بعمل ميزانية لشهر رمضان من قبل ولكن هذا العام رمضان مختلف بسبب ارتفاع الأسعار بمعدلات كبيرة خاصة للسلع الأساسية واللحوم والدواجن لذلك اتجهت لعمل ميزانية بعد خصم المبالغ الأساسية الخاصة بالفواتير كالكهرباء والمياه والغاز ثم «أساسيات الفريزر» من لحوم ودواجن ولكن بكميات محدودة وأقل من المعتاد وبعد ذلك السلع الأخرى من أرز وسكر وزيت وخلافه.
أميرة قطب – ربة منزل- خلت ميزانية شهر رمضان هذا العام من سلع تقع تحت بند الرفاهية خاصة فى ظل ضعف الميزانية ومن هذه السلع الياميش والمكسرات التى ارتفعت أسعارها بشكل كبير واكتفيت بشراء السودانى والزبيب فقط لعمل الحلويات التى اتجهت لعملها بالمنزل مستعينة بتطبيقات وسائل التواصل ضماناً لنجاحها.
«طوعت الدخل على قد المصروفات» هذا ما أكدته عزة محمد قائلة عزومات رمضان كانت تمثل بند ثابت من ميزانية الشهر فأنا الأخت الكبرى بالأسرة وجرت العادة على التجمع أول يوم رمضان عندى بالمنزل لعمل إفطار جماعى ولكن هذا العام قمت بتخفيف البند واتفقت مع إخواتى على عمل العزومة لأنها عادة رمضانية ولكن قمنا بتغيير نمطها لتصبح بالمشاركة حيث تقوم كل أسرة بعمل صنف بدون إسراف.
التفريز وإعادة التدوير
نشوى عبد الفتاح تقول قمت بضبط ميزانية شهر رمضان قبل بداية الشهر الكريم عن طريق « تفريز « أنواع من الخضروات والفاكهة مستغلة انخفاض أسعارها ببعض الأوقات وتفاديا لارتفاع أسعارها فى رمضان ومنها « ورق العنب « الذى قمت بشراء الكيلو بسعر 60 جنيهاً ووصل سعره فى رمضان إلى 100 جنيه.
فى السياق ذاته تشير منه الله أحمد إلى أن إعادة تدوير بقايا الطعام كان السلاح لميزانية سليمة فغالبا كنت أقوم بعمل أصناف جديدة يوميا و»بواقي» الأطعمة أتخلص منها ولكن قمت بتغيير هذه العادة وحاولت إعادة استخدام بواقى الأطعمة فى عمل أصناف جديدة بإضافة بعض المكونات فمثلا بقايا قطع الدجاج أستخدمه لعمل «النجرسكو».
المنافذ والمجمعات
دعاء رفعت «بركة رمضان بتظبط الميزانية» ولأننى لا أستطيع الاستغناء عن بند اللحوم أو الدواجن اتجهت إلى تقليص بنود أخرى والاستغناء عنها كشراء بعض الأطعمة من الخارج وقمت بتصنيعها بالمنزل فبدأت بتدميس الفول وعمل الذبادى والكاتشاب والجبن والمخللات بأنواعها ومع اقتراب العيد أقوم بصنع الكعك والبسكوت بنفسى فى المنزل.
تختلف معها سالى إبراهيم قائلة قمت بضبط ميزانية شهر رمضان عن طريق تقليل كميات اللحوم والدواجن والاكتفاء بإعدادها ٤ مرات إسبوعياوباقى الأسبوع وجبات خفيفة، كمااعتمدت على المجمعات الاستهلاكية ومنافذ القوات المسلحة والمبادرات الوطنية لشراء اللحوم بديلا عن محلات الجزارة لارتفاع أسعارها بشكل لا يتناسب مع ميزانيتي.
دكتور أحمد حنفى الخبير الاقتصادى يعلق أنه فى ظل الأزمات الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم والأسعار يتجه الأفراد إلى اتباع سياسات من شأنها الترشيد والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة مثمثلة فى دخل الأسرة ومن الملاحظ استجابة الكثيرين لإجراءات الترشيد خاصة فى شهر رمضان على عكس المتعارف عليه فلم يعد الإسراف سمة الشهر الكريم والموائد والولائم هى المشهد المسيطر لكن أصبحت كل سيدة خبيرة اقتصاد بيتها تتمكن من التدبير والترشيد الاستهلاكى وتعد ميزانية للأسرة وتحدد أوجه الإنفاق بشراء الاحتياجات الأساسية والأكثر أهمية مع ضرورة الابتعاد عن التسوق عن طريق الإنترنت «الأون لاين» فالتحكم فى الميزانية أولى خطوات النجاح ،كما تقوم ربات البيوت بإعادة التدوير لكل شيئ بالمنزل لتحقيق الاستفادة القصوى من المتاح وإعادة استغلاله حتى بواقى الأطعمة والكميات الزائدة منه، والاستعداد للشهرالكريم بدأ من قبله بتخزين السلع المتوفرة خاصة الخضروات والفاكهة وتفريزها وحفظها جاهزة للاستخدام نظرا لارتفاع أسعارها فى رمضان كما تخلى البعض عن فكرة الشراء بالتقسيط واستخدام بطاقات «فيزا كارت» متجهين إلى البحث عن أماكن العروض والتخفيضات والشراء بنهاية الموسم وأوقات الأوكازيون، بالإضافة إلى الاستغناء عن فكرة العزومات المكلفة واستبدالها بالعزومات التى يتشارك فيها الجميع ولا يقتصر عبؤها على شخص واحد.
مضيفا الجميع أدرك أهمية سلاح المقاطعة والاعتماد على البديل الأوفر مما أسهم فى إجبار التجار على خفض الأسعار أو عمل عروض على المنتجات، لافتا الى تغير ثقافة المصريين وأنماطهم الاستهلاكية فى التعامل مع الشهر الكريم ونجاحهم فى اختبار الترشيد فى ظل الأزمة الاقتصادية والتضخم الذى يشهده العالم.