خلق الله الإنسان على الفطرة.. لكن بعدما يكبر للأسف يبدأ فى تغيير فطرة الله ويستبدلها بالأسوأ لأنه أهال التراب عليها وطمس ما كانت تتضمنه تلك الفطرة من أخلاق وفضائل ومثل وقيم.. كانت ستعينه على أمر الطاعة لله لأنه سبحانه ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدون.. وغير هذا التكليف الإلهي.. فالمصير هو النار.. بالإضافة إلى أن الفطرة أو الخلق الطيب.. فيه سعادة الناس وشقاؤهم فى الحياة الدنيا.
أقول ذلك بمناسبة المؤتمر العالمى لدار الإفتاء المصرية الذى انعقد قبل اسبوعين بالقاهرة لإحياء مكارم الأخلاق.. حيث طالب المجتمعون بصياغة ميثاق عالمى للأخلاق لمواجهة القيم المادية التى طغت على العالم المعاصر وكذلك فساد الذمم وخراب الضمائر.. الأمر الذى أبعد الكثيرين عن الطريق المستقيم وأوامر الله ونواهيه لذا كانت صرخة الحضور للمؤتمر من الابتعاد عن الدين ومن تفكك المجتمعات سواء المسلمة أو المسيحية.. ومن تدنيس للمقدسات والاستهزاء بها وما حدث فى افتتاح أولمبياد باريس خير دليل حيث ازدراء الدين والنيل من سيدنا المسيح عليه السلام وهو الأمر الذى زاد من الغضب والسخط الدولى ليس من المسيحيين وإنما المسلمين أيضا.
صراحة قضية هذا العصر هو انفتاح الناس على أمور تافهة أبعدتهم عن الدين.. فلا الأب يهتم بأولاده ولا العكس.. ولم يعد أحد يحترم الآخر لا من الكبير للصغير والعكس.. ولم يعد يرتاد المساجد سوى القلة وكذلك بالنسبة للكنائس.. وصار الدين باختصار هو آخر شيء يفكر فيه الإنسان مع أنه المظلة الربانية لحماية الخلق من الشيطان وإلا ما أنزل الله الرسل والأنبياء على عباده لهدايتهم من الخليقة وحتى آخر الرسل وهو نبينا الكريم محمد صلوات الله عليه خاتم الأنبياء.
الحقيقة المؤتمر جاء فى وقته فنحن فى حاجة ماسة إلى إحياء الأخلاق فهى الملاذ الآمن للإنسان وتبعده عن طريق الشر والتعاسة فى الحياة وهى الضمانة لحياة كريمة بعيدة عن أى منغصات ولخلق مجتمع متجانس تحوطه المحبة من كل جانب وبالتالى ستقل الجريمة وسيعم الأمن والسلام فى ربوع المعمورة.. وهذا ما دفع العالم إلى نشر دعوة عالمية لإحياء مكارم الأخلاق فالإنسان إذا نشأ فى بيئة صالحة بالتأكيد ستحثه على فعل الخير والصدق والأمانة والوفاء والإخلاص فى كل شيء بعيداً عن اللون والجنس.
صراحة على الإفتاء ومجمع الفقه الإسلامى الدولى مهام جسام وعليها عقد المزيد من تلك المؤتمرات وليس هذا فقط بل الإكثار من عمل ندوات فى وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية يتحدث فيها كبار العلماء ورجال الدين لكشف التدين المغشوش الذى أدى إلى ظهور سلوكيات يرفضها أى دين سماوى مع ضرورة مواجهة الفتاوى المتطرفة التى تدمر الشعوب والأوطان وتستخدمها التنظيمات والجماعات الإرهابية والمتشددة فى تفتيت الأمم كما على المعنيين بهذه الأمور الدينية نشر كتيبات دينية وتوزيعها بالمجان أو حتى بأسعار رمزية.. لتشجيع الشباب بالذات على اقتنائها والاسترشاد بها فى أمور التثقيف والاقتراب من الله وأكثر والتمسك بتلابيب الدين السمح وكى تعود الأمور إلى نصابها الطبيعي.
مخاطبة الشباب والتركيز عليهم مهمة مقدسة.. فهم الأكثر عرضة للاغواء الشيطانى والتقليد الأعمى للأفكار الشاذة عن المجتمع خاصة الأوروبية حيث الانفتاح اللامحدود بحجة حرية التعبير الأمر الذى معه إغضاب المسلمين عند كل رسم كاريكاتيرى أو تعبيرى على رسولنا الكريم وحرق المصحف الشريف أمام أعين العالم مما جعل بعض ضعفاء النفوس والأخلاق يهاجمون بعض المساجد بحرقها بل والمحجبات المسلمات فى فرنسا وألمانيا والسويد وغيرها.. بنزع الحجاب أثناء سيرهن فى الشوارع ووصل الأمر إلى منع دخول الفتيات المدارس بالحجاب وعلى رجال الدين إفهام الشباب بأن الحداثة أو سمة التطور فى هذا العصر لا تعنى الابتعاد عن الدين أو الإلحاد أو الكفر بما أنزل الله على الأنبياء فالدين لله لتنظيم العلاقة بين الله وعبيده وبين العبيد أنفسهم.
صراحة انفصال الناس عن الأخلاق له صور متعددة فى هذا الزمان الذى شاع فيه التدليس فى كل شيء حيث الانزلاقق نحو الماديات والانغماس فى حب المظاهر وتحقيق المنافع الشخصية وهذا ضار له وللمجتمع أيضاً فلا تهم الخسائر المادية لأنها قابلة للتعويض مهما بلغ مداها فى حين أن الخسائر الأخلاقية لا يمكن تعويضها أبداً حتى ولو كان أثرها ضعيفاً على الأمد القريب وعلينا الاستشهاد بما قال رسولنا الكريم »إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق« يقصد الأخلاق التى قبله فى الشرائع السماوية وذلك لأهميتها للفرد والأسرة والأمة وهذا لم يأت من فراغ فقد كان العرب قديماً يتصفون بأخلاق كريمة مثل الكرم والشجاعة والصدق والأمانة وإغاثة الملهوف وإجارة المستجير وكان من العيب التشبه بالنساء أو استرجال المرأة وكم من عاشق تم حرمانه من محبوبته وعدم تزويجها له وقيس بن الملوح وليلى العامرية خير دليل وكان من العيب التفريط فى الودائع مهما كان الثمن وقصة وفاء السموأل اليهودى مع الشاعر أمرئ القيس قبل الإسلام خير دليل حيث ضحى بابنه الوحيد لأنه رفض تسليم ودائع لامرئ القيس لملك كنده وقال «لا أغدر بذمتى ولا أخون أمانتى ولا أترك الوفاء الواجب علي» وترك ابنه لرجال الملك ليقتلوه رغم أنه الوحيد من الذكور وهذا السموأل جندته صفية بنت حيى بن الأخطب وهى من تزوجت رسولنا الكريم.. فالأخلاق صفة محبوبة ليس فى الإسلام فقط بل فى اليهودية والمسيحية لذا كانت دعوة المؤتمر العالمى لدور الإفتاء لإعادة الأخلاق كى تعود الأمور إلى نصابها ويعود الإنسان أياً كان للفطرة التى فطره الله عليها والتى منها الأخلاق.
وأخيراً:
> اكتشاف نفق ربما يقود إلى مقبرة كليوباترا السابعة التى حكمت مصر وكذلك مارك أنطونيو سيكون من أهم الاكتشافات فى القرن الـ21.
> تفاؤل إسرائيلى حذر حيال اتفاق غزة.. نكته!!
> غلق السناتر التعليمية.. سيقضى على أباطرة الدروس الخصوصية إذا ما تم الإصرار عليه رأفة بأولياء الأمور.
ويجب محاسبة الاتحادات الرياضية على نتائج أولمبياد باريس.