رغم قسوة المشهد فى غزة والضفة الغربية منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى التى أودت بحياة قرابة ٥٣ ألف شهيد و٥٧ ألف جريح فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء، إلا أن هناك مواقف لأشخاص سيسجلها التاريخ بأحرف من نور لما بدر منهم خلال تلك الأزمة الطاحنة ، و فى القلب من هؤلاء الرجال الشرفاء «انطونيو جوتيريش» الأمين العام للأمم المتحدة الذى اتخذ موقفاً واضحاً وأمينا ضد المجازر التى يرتكبها الكيان الاسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى الأعزل ولم يأبه بتهديدات «النتنياهو» وتوعده بإبعاده عن منصبه.
اقول ذلك بمناسبة الزيارة المهمة التى قام بها الأمين العام للأمم المتحدة لمصر مؤخراً التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسى وفضيلة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وسامح شكرى وزير الخارجية وحرص على زيارة مستشفى العريش العام ومعبر رفح فى مصر المؤدى إلى قطاع غزة، لتسليط الضوء على مصاعب وآلام الفلسطينيين فى غزة والعقبات التى تعيق تخفيف معاناتهم.. حيث عقد مؤتمرا صحفيا عالميا من أمام المعبر، شدد خلاله على أن الوقت قد حان للوقف الفورى لإطلاق النار لأسباب إنسانية ولإسكات الأسلحة، مؤكدا عدم وجود ما يبرر العقاب الجماعى للشعب الفلسطيني.
وفى هذا السياق قال إن الفلسطينيين فى غزة، أطفالا ونساء ورجالا، ما زالوا عالقين فى كابوس لا ينتهي: «مجتمعات تُطمس، ومنازل تهدم، وعائلات وأجيال بأكملها يتم محوها فيما يطارد الجوع والمجاعة السكان».
جوتيريش، أوضح أن شهر رمضان هو وقت نشر قيم الرحمة والترابط والسلام، ولكن إنه «أمر فظيع أن الفلسطينيين فى غزة، بعد معاناة على مدى أشهر كثيرة، استقبلوا شهر رمضان والقنابل الإسرائيلية لا تزال تتساقط عليهم والرصاصات لا تزال تتطاير والمدفعية لا تزال تقصف، والمساعدات الإنسانية لا تزال تواجه عقبات تلو الاخرى مؤكدا أنه جاء إلى هنا اليوم وهو صائم إعرابا عن تضامنه مع أبناء الشعب الفلسطيني، وأبدى قلقه لأن الكثيرين فى غزة لن يتمكنوا من تناول وجبة مناسبة وقت الإفطار، وقال إنه يرى عند معبر رفح الحسرة والقسوة لهذا الوضع، إذ يوجد صف طويل من شاحنات الإغاثة – التى يُمنع دخولها- على أحد جانبى بوابة المعبر، فيما يخيم ظل المجاعة على الجانب الآخر، وهو ما يدحض مزاعم أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج الذين يدعون كذباً وبهتانا أن مصر لم تفتح المعبر بشكل مستمر.
ووصف الوضع بأنه مأساوى ومثير للغضب أخلاقيا، وحذر من أن توسع الهجوم سيؤدى إلى تدهور الوضع للمدنيين الفلسطينيين وللرهائن ولجميع سكان المنطقة.
من هذا المنطلق قال الأمين العام للأمم المتحدة إن كل ذلك يؤكد أن الوقت قد حان للوقف الفورى لإطلاق النار ولالتزام إسرائيل الصارم بضمان الوصول الكامل وغير المقيد للإمدادات الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة، وبروح الرحمة فى رمضان، وكذلك الوقت قد حان للإفراج الفورى عن الرهائن.
وفى لفتة رائعة وجه الأمين العام للأمم المتحدة كلمة للفلسطينيين فى غزة، قائلا : «لستم وحدكم» مؤكدا أن الناس فى جميع أنحاء العالم تشعر بالغضب للفظائع التى نراها جميعا كل يوم أثناء حدوثها، معبراً عن تطلعه إلى مواصلة العمل مع مصر لتسهيل تدفق المساعدات، مؤكدا أنه يقدر بشدة انخراط مصر الكامل فى دعم أهل غزة موجهاً التحية لمصر قيادة وحكومة وشعبا وقال: إننى جئت أحمل أصوات الغالبية العظمى من العالم والذين رأوا ما فيه الكفاية، وطفح بهم الكيل والذين لا يزالون يعتقدون بأن الكرامة الإنسانية واللياقة يجب أن تحدد هويتنا كمجتمع عالمي، فقد حان الوقت بحق لإغراق غزة بالمساعدات المُنقذة للحياة، والخيار واضح: إما تدفق المساعدات أو المجاعة، ومع ذلك لن أستسلم، ولا ينبغى لنا جميعا أن نستسلم فى القيام بكل ما بوسعنا من أجل أن تسود إنسانيتنا المشتركة فى غزة وفى جميع أنحاء العالم، حقا إنه الرجل الأمين على قيادة تلك المنظمة الدولية المهمة فى اللحظة التاريخية الأهم.