اتساع نطاق الحرب فى منطقة الشرق الأوسط ليس فى مصلحة الولايات المتحدة ، أو أى دولة من دول المنطقة ، سوى حكومة نتنياهو المتطرفة وقادة إسرائيل ، ومعهم مصانع السلاح المفتوحة خصيصا لنهب ثروات الشعوب.
الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو وقادة جيش الاحتلال فشلوا بعد أكثر من 4 أشهر فى تحقيق أى من الأهداف التى أعلنوها لتبرير هذا العدوان الهمجى على الفلسطينيين فى قطاع غزة ، فلا هم نجحوا فى القضاء على حماس، ولا حرروا المحتجزين ، ولا وضعوا أسلوباً جديداً لحكم القطاع. وبدأ عدد كبير من أعضاء حكومة نتنياهو وقادة الجيش يدركون أنهم فى ورطة شديدة بعد أن تعالت صيحات المعارضة ضدهم وتكررت الوقفات الاحتجاجية لأهالى المحتجزين أمام مقر الحكومة.
نتنياهو يدرك تماما أن الوقت الحالى يمثل فرصة ذهبية قد لا تتكرر لتنفيذ المخطط الإسرائيلى بإبادة الفلسطينيين فى غزة وتصفية القضية الفلسطينية ، خاصة فى ظل إدارة أمريكية ضعيفة وعاجزة ومنحازة تماما للجانب الإسرائيلى ، كما يدرك أن استمرار الحرب يضمن له ولحكومته المتطرفة البقاء فى السلطة أطول فترة ممكنة ، ويؤجل محاولات وإجراءات ملاحقته قضائيا بتهم الفساد والرشاوى التى تطارده منذ توليه السلطة فى نهاية عام 2022 ، كما تؤجل فتح التحقيقات التى سيخضع لها قادة الجيش والحكومة وتحميلهم المسئولية عن الفشل الذريع عن توقع أو صد هجوم حماس فى 7 أكتوبر الماضي.
لذلك قد يقبل نتنياهو وحكومته المتطرفة بهدنة مؤقتة تستمر خلال شهر رمضان حتى لا يزيد حجم الضغوط الدولية عليه ، لكنه سيعمل جاهداعلى إفشال أى محاولات أو مبادرات للوقف الكامل لإطلاق النار، أو إعلان دولة فلسطينية والوصول إلى حلول سلمية لإحلال السلام الشامل فى المنطقة ، بل وسيحاولون تأجيج حدة الصراع وتوسيع نطاقه ، عن طريق فتح جبهات أخرى فى المنطقة، ومحاولة توريط الولايات المتحدة فى صدام مباشر مع إيران ، لكن الأخيرة يبدو وكأنها أتقنت لعبة شد الحبل مع أمريكا ، وتركت لأذرعها فى دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن أن يتحملوا نتائج المناوشات السياسية التى تجرى بينهما من وقت لآخر.
ولأن العام الحالى هو عام انتخابات الرئاسة الأمريكية ، فمن المستبعد أن تتوقف إدارة بايدن عن دعم إسرائيل ، بل من المتوقع أن يفتح الحزبان الجمهورى والديمقراطى مزادا حول إيهما سيكون أكثر دعما وأكثر سخاءً ، لأن دعم إسرائيل هو أقصر الطرق لكسب أصوات اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة.
قد تكون تهمة الإبادة الجماعية للفلسطينيين ، التى وجهتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية ، قد كشفت للعالم الوجه الحقيقى والقبيح لإسرائيل ، وفضحت الجرائم والمجازر التى ترتكبها يوميا ضد الأطفال والنساء والشيوخ فى غزة ، ووضعت كل من يساعد إسرائيل لارتكاب هذه الجرائم – وعلى رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى – فى حالة حرج ، إلا أن آلة الإعلام اليهودية الضخمة قادرة على قلب الحقائق وإظهار الذئب الإسرائيلى فى صورة الحمل الوديع والشعب البريء الذى يدافع عن حياته وعن دولته من الإرهابيين والجماعات الإرهابية المتوحشة كما يزعمون.
موعد انتهاء العدوان الإسرائيلى على غزة لايمكن تحديده ، لكن يبدو أنه مستمر طالما بقى نتنياهو وحكومته فى السلطة ، بل وسيستمرالصراع العربى الإسرائيلى إلى أن تدرك الإدراة الأمريكية والشعب الأمريكى أن استمرار الدعم الذى تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل يضر بصورتها ومصداقيتها قبل أن يضر بمصالحها. ولن يتوقف جيش الاحتلال عن عدوانه المستمر على الفلسطينيين إلا إذا توقفت الولايات المتحدة عن مده بالسلاح والعتاد ، وغيرت سياسة الكيل بمكيالين التى تتبعها عند الحديث عن الصراع العربى الإسرائيلى والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.