لدينا العديد من القصص الإنسانية المضيئة التى تعكس لحظات أمل وتحدٍ، وفى قلب هذه القصص تجسد التعاون المثمر بين «الجمهورية معاك» والجهات المعنية بالدولة لإنقاذ حياة الكثيرين، واحدة من بين هذه القصص الرائعة، التى تثبت كيف يمكن للأمل أن يتحقق حتى فى أصعب اللحظات هى قصة الطفلة مودة.
فى قلب محافظة البحيرة، وُلدت الطفلة مودة، وهى فى أمس الحاجة إلى الرعاية والاهتمام، لم تكن ولادتها كأى ولادة أخري؛ فقد كانت بداية رحلة معاناة طويلة لأسرتها.
منذ اللحظات الأولي، واجهت الطفلة صعوبة فى التنفس و»الرضاعة»، ما اضطر الأطباء إلى إدخالها إلى العناية المركزة وتم حجزها 44 يوماً، لم يكن السبب واضحًا فى البداية، إلا أن الفحوصات أظهرت أن مودة تعانى من ورم أو «حويصلة» فى حنجرتها، ما أثر بشكل كبير على قدرتها على البلع والتنفس بشكل طبيعي، كان الأطباء يشيرون إلى ضرورة إجراء جراحة عاجلة، لكن الأسرة لم تكن تملك المال الكافى لإتمامها.
كانت والدة مودة محمود محمد عبد العزيز، تعيش لحظات من القلق والحزن، لا تستطيع إغلاق جفنها، وهى ترى ابنتها الصغيرة فى الحضانة دون أن تتمكن من لمسها أو رعايتها، قالت الأم بصوتٍ يملؤه الأسى «كلما نظرت إلى مودة، كان قلبى ينفطر من الألم، كنت أشعر بالعجز لأننى لا أستطيع أن أقدم لها شيئًا يساعدها».
رغم حالة العجز التى كانت تعيشها الأسرة بسبب صعوبة الموقف، كان الزوج يعمل بالكاد ليؤمن احتياجات المنزل اليومية، ومع التكاليف المرتفعة للجراحة التى أوصى بها الطبيب – التى كانت تقدر بحوالى 20 ألف جنيه – بدت الأسرة فى موقفٍ حرج لان قدراتهم المالية كانت بعيدة عن تغطية نفقات الجراحة.
على الرغم من كل المعاناة، لم تفقد الأم الأمل، وقررت أن ترفع صوتها عبر جريدة «الجمهورية» نشرت استغاثتها فى صفحة «الجمهورية معاك»، على امل أن يصل صوتها إلى المسؤولين، ولحسن حظها كان لهذه الخطوة تأثير كبير.. وبعد ساعات قليلة فقط من نشر الاستغاثة، تلقت الأم اتصالًا من الاستغاثات الطبية برئاسة مجلس الوزراء، التى أكدت لها أنهم سيتابعون حالتها عن كثب وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير العلاج لمودة.
«لم أصدق أن هناك من سيستجيب لنا بهذه السرعة، استجابوا لنا فورًا، وأكدوا لنا أنهم سيتكفلون بكل شيء»، مازالت هذه الكلمات ترن فى اذنى والتى قالتها الأم بصوتٍ يرتجف من الفرحة، تم التنسيق مع مستشفيات جامعة طنطا، وتولت الجهود الطبية اللازمة لإنقاذ حياة مودة، وتم حجز الطفلة فى مستشفى طنطا، حيث خضعت لجراحة ناجحة لإزالة الورم من حنجرتها، وتكللت العملية بالنجاح بفضل العناية الطبية الدقيقة.
وكانت هذه بداية جديدة للمولودة مودة، التى بدأت تعود تدريجيًا إلى الحياة الطبيعية بعد الجراحة، تحسنت حالتها بشكل ملحوظ، وبدأت الطفلة تتنفس بسهولة، وأصبح بإمكانها الرضاعة بشكل طبيعى لأول مرة، وهو ما كان يبدو مستحيلاً قبل العملية حيث كانت تتغذى من خلال خراطيم طبية مخصصة لمثل هذه الحالات.
سعدت العائلة من أن صوتها وصل إلى من يهتم بحالتها، وعبرت الأم: «أنقذت هذه الجراحة حياة ابنتي، ووقف الجميع إلى جانبنا بفضل الله وكرمه»، واليوم وبعد ثلاث سنوات ونصف على تلك الجراحة التى غيرت حياة مودة، أرسلت الأم لنا صور نجلتها عبر الواتساب، الطفلة التى عرفناها وهى حديثة الولادة، أصبحت الآن بنوتة جميلة، تتكلم وتتعلم بشكل طبيعي، لا تعانى من أى شيء، وأصبحت مستعدة للالتحاق بروضة الأطفال العام المقبل إن شاء الله.
تقول الأم بفخر: «إنها قصة نجاح حقيقية، لم يكن ممكنًا تحقيقها دون فضل الله ودعم «الجمهورية» ومساعدة الدولة، «الجمهورية معاك» كانت حلقة وصل بيننا وبين المسؤولين، ووقفت إلى جانبنا وتابعت حالتها خطوة بخطوة حتى تماثلت مودة للشفاء التام».
قصة مودة هى مثال حى على كيفية تحول الأمل إلى واقع، قصتها بدأت بألم تثبت أن الأمل يمكن أن يولد من قلب المعاناة، وانتهت بنجاح وثمار رائعة، وكيف يمكن للإعلام أن يكون حلقة وصل حقيقية بين المرضى والجهات المعنية، بما يضمن لهم العلاج والرعاية التى يحتاجون إليها.