بقدوم شهر أكتوبر، تهفو النفوس إلى الذكرى الخالدة فى القلوب لنصر السادس من أكتوبر المجيد كعلامة فارقة فى تاريخ مصرنا العزيزة وأمتنا العربية بأسرها.
51 عاماً تمر هذه الأيام على الانتصار العظيم، الذى أعاد لنا الأرض والكرامة.. ويبقى دائماً عيداً جديداً متجدداً، يبعث دوماً الأمل والعزة والثقة والقدرة على مواجهة أعتى الأزمات والتحديات.
يأتى أكتوبر ذكرى النصر العظيم دائما فى وقته.. لا أقصد موعده على أجندة العام.. بل أقصد الوقت الذى تكون فيه مصرنا وأمتنا العربية فى أشد الحاجة إلى عظته وعبرته.. نسترجع من أحداثه الجسام التى قهرنا فيها اليأس والمستحيل، عندما حولنا الهزيمة إلى نصر.. وعندما استعدنا كرامة أمتنا وعزها ومجدها بشواهد نصر عظيم مؤزر بعون الله وصلابة جيش مصر العظيم صاحب الانتصارات الكبرى منذ فجر التاريخ وزمن أحمس والهكسوس وكل المعارك الكبيرة التى خاضها.. ليس حباً فى الحرب، ولكن دفاعاً عن الوطن من الطامعين والمعتدين والمتآمرين والأشرار.
تنوعت أشكال العدوان وتلونت، بدءاً بالغزاة الطامعين، ومروراً بالمستعمرين والمغتصبين الذين تقدمت مصر صفوف أمتها العربية لتدافع عن أرضهم المغتصبة، وحتى جحافل الجهل والتطرف والإرهاب.. وفى كل هذه المعارك قدم المصريون أعظم التضحيات من أجل أن يبقى الوطن عزيزاً حراً آمناً، يباهى بتضحيات وبطولات أبنائه الأمم ليستحق الجيش عن جدارة لقب خير أجناد الأرض.
>>>
مع احتفالنا هذا العام بذكرى النصر فى عامه الواحد والخمسين، مازالت تطل علينا التحديات ويحشد الأعداء قواهم الغاشمة عبر تلك الانتهاكات الإسرائيلية التى تهدد بانزلاق المنطقة للفوضي.
يأتى دائما موقف مصر الشقيقة الكبرى لأمتها العربية، الذى كان سباقاً فى مثل هذه الأيام قبل عام مضى وبعد عملية «طوفان الأقصي»، التى اتخذت منها اسرائيل ذريعة لتصفية القضية الفلسطينية.. وقد كان إعلان الرئيس السيسى منذ الوهلة الأولى رفض تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم فى غزة والضفة الغربية، هو الصخرة التى تكسرت عليها المؤامرة الاسرائيلية، وكانت عوناً وسنداً للفلسطينيين لكى يتمسكوا أكثر بأرضهم وعدم مغادرتها وتفضيل الموت تحت القصف الاسرائيلى الوحشي، الذى طال أكثر من 140 ألف فلسطينى ما بين شهيد وجريح.
لم تتوقف مصر يوماً عن تقديم الدعم الإنسانى والمساعدات عبر معبر رفح وعبر الإنزال الجوي، ما أعطى الفلسطينيين القدرة على الصمود والمواجهة، التى أفشلت أهداف الحرب الاسرائيلية وخيبة الأمل التى مُنى بها نتنياهو سفاح القرن وعصابته المجرمة.
يأتى موقف مصر، الذى يتسم بالاتزان والحكمة، والذى عبرت عنه خلال مشاركتها فى الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة ومن خلال الاجتماعات والمشاورات المكثفة لوزير الخارجية، ليؤكد هذا الثقل الدولى الذى تحظى به مصر باعتبارها رمانة الميزان فى المنطقة من خلال سعيها الدائم لحل القضية الفلسطينية ودعوتها باضطلاع مجلس الأمن والقوى المؤثرة بمسئولياتها، لوقف هذا التصعيد الخطير فى الشرق الأوسط.
>>>
بالتأكيد، ان صورة مصر الآن وهى واحة للأمن والأمان فى منطقتها المستعرة بالحروب والنزاعات، هى نتاج رؤى سياسية ثاقبة وعمل دءوب، حقق لها تنمية اقتصادية وحياة كريمة لشعبها، ترتكز إلى جيش قوى تم إعداده وتسليحه بأحدث القدرات العسكرية العالمية.
لا شك أن نصر أكتوبر العظيم كان اللبنة الأولى التى تمت الإضافة إليها عبر النصف قرن الأخير، لتصنع هذا البنيان الشامخ الذى يُحسب حسابه جيداً فى المنطقة والعالم، والذى يدفع أى طامع أو معتد بألا يفكر فى أن «يجرب» ولو لحظة واحدة مع مصر، التى تختلف كثيراً وجذرياً عن غيرها من دول المنطقة.
باختصار، ان احتفالنا بذكرى انتصارنا العظيم ليس مجرد سرد لبطولات وتضحيات وانتصارات.. ولكنه صار بمثابة «شاحن» للهمم ومقو للعزائم يروى فيها الأجداد والآباء للأجيال الجديدة الذى لم تعاصره، كيف استطاع المصريون أن يقهروا اليأس، كما قهروا الأعداء، الذين سقطت حصونهم المنيعة خلال ساعات معدودة عبروا خلالها من الهزيمة إلى النصر ثم إلى البنيان العظيم الذى يقف شامخاً الآن عبر المحافل الدولية يعبر بثقة واقتدار عن المواقف الحرة الشجاعة التى تعكس قيمة وقدرة مصر فى الحرب وفى السلام.