منذ اللحظة الاولى للعدوان الاسرائيلى على قطاع غزة، والموقف المصرى واضح جلي، لا يحتاج إلى تأويل أو تفسير؛ وهو رفض أى عدوان على المدنيين الأبرياء. موقف يتسق تماما مع مواقف مصر الراسخة والثابتة منذ بداية الصراع الفلسطيني– الاسرائيلي، والذى ينطلق من ضرورة إنهاء الاحتلال وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضى الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وإذا كان البيان الذى أصدرته مصر، يوم الجمعة الماضي، قد فند الإدعاءات والأكاذيب حول فتح معبر رفح لدخول المساعدات للفلسطينيين، بعبارات بليغة وواضحة ومهذبة، فإن مصر ليست فى موقف الدفاع عن نفسها، وليست فى حاجة لتفسير مواقفها، خاصة أنها كشفت منذ بداية الغزو، النوايا الخبيثة للاحتلال ومحاولات التهجير القسرى لسكان القطاع إلى مصر والأردن وتصفية القضية الفلسطينية، وتصدت بحزم وحسم لهذه المحاولات وفضحت نوايا الاحتلال ومن يعاونه أمام العالم كله.
بعد هجوم حماس فى 7 أكتوبر الماضى وما أعقبه من اعتداءات إسرائيلية على المدن الفلسطينية، أصدرت مصر بيانا دعت فيه إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر»، وفى 28 أكتوبر وقبيل الغزو البرى الاسرائيلى لغزة، أصدرت بيانا قالت فيه إن «مصر تحمل الحكومة الإسرائيلية مسئولية انتهاك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر مساء الجمعة 27 أكتوبر الماضي، والذى يطالب بالوقف الفورى لإطلاق النار وإنفاذ هدنة إنسانية تحفظ أرواح المدنيين، وتسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل فورى ودون انقطاع». وأعربت مصر عن «قلقها البالغ من التداعيات الخطيرة المحتملة للعملية العسكرية البرية، وما يتوقع أن ينجم عنها من تزايد فى أعداد الضحايا والمصابين من الأطفال والنساء والمدنيين العُزل». وجددت مصر مطالبتها للجانب الإسرائيلى «بتسهيل إجراءات النفاذ الآمن والكامل والمستدام للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، محذرة من أن عدم التعامل الفورى من المطالب الخاصة بالهدنة الإنسانية وتسهيل نفاذ المساعدات إلى القطاع، سيؤدى إلى كارثة إنسانية لا محالة، وزعزعة الأمن الإقليمى بشكل يمثل تهديداً لاستقرار المنطقة».
ومنذ اللحظة الأولى للغزو الاسرائيلى للقطاع، فتحت مصر معبر رفح من جانبها، وحشدت المساعدات الإنسانية، سواء التى قدمتها الحكومة والمجتمع المدنى والشعب المصري، أو التى جاءت من الدول الاخري، ونظمت عشرات الزيارات لمسئولين دوليين إلى المعبر وإلى مطار العريش للوقوف على آخر المستجدات من أرض الواقع.
وفى الوقت الذى كان فيه الموقف المصرى واضحا جليا ومتسقا مع القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة، ومساندا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كان الموقف الأمريكى على العكس تماما، وكان التناقض واضحا فى كل الإجراءات والقرارات التى اتخذتها إدارة الرئيس بايدن منذ بداية العدوان، حين أعلنت انحيازها الكامل لإسرائيل، وقدمت لجيش الاحتلال المال والذخيرة والسلاح اللازم لتكثيف عدوانه على المدنيين وقصف المستشفيات والمدارس وهدم المنازل على الأطفال والنساء والشيوخ، حتى سقط منهم أكثر من 28 ألف شهيد حتى الآن، ووقفت الإدارة الأمريكية منفردة أمام العالم كله فى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لتعارض أى قرار لوقف إطلاق النار وإنقاذ المدنيين الأبرياء.