موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية تاريخي.. ثابت وشريف «كلام القاهرة» واضح لم يتغير لا تصفية للقضية الفلسطينية ولا تهجير للفلسطينيين ولا توطين على حساب الأراضى المصرية فى سيناء.. وهو خط أحمر وأمن قومى لا يمكن تجاوزه.. ولا تهاون فى حمايته.. مصر منتبهة تماماً لما يحاك ويخطط.. فإسرائيل تريد استحالة الحياة فى غزة ومازالت مصر تطلق التحذيرات.. بدأتها بالتحذير من استمرار العدوان والتصعيد بما يؤدى إلى اتساع دائرة ونطاق الحرب وأيضاً التحذير من مخطط إسرائيل لشن هجوم برى على مدينة رفح الفلسطينية بما يهدد حياة 1.4 مليون نازح.
مصر تتحدث بقوة وشموخ وشرف ولا تخشى فى الحق لومة لائم.. ولم ولن تتخلى عن الحق الفلسطيني.. وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
لم ولن تتنازل مصر عن موقفها الحاسم والواضح تجاه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة الغربية.. فعلى مدار أكثر من 5 أشهر واجهت مصر مخطط إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان القطاع خارج أراضيهم ودفعهم إلى النزوح فى اتجاه الحدود المصرية.. حتى يتسنى لها تنفيذ مؤامرة الخلاص من الفلسطينيين وتوطينهم فى سيناء.. لكن الرد المصرى جاء قاطعاً وصافعاً.. أعلنت بوضوح أمام العالم أنها لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير سكان غزة.. وأن محاولات توطينهم فى سيناء هى قضية أمن قومى لا تهاون ولا تفريط فى حمايته مهما كان الثمن.. وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى انه لن يحدث ومحدش يقدر.
مصر منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان الصهيونى على قطاع غزة اطلقت التحذيرات تلو الأخري.. فقد حذرت من مغبة استمرار العدوان وحرب الإبادة التى من شأنها توسيع دائرة ونطاق الصراع بما ينذر بحرب شاملة فى المنطقة وقد بدت نتائج استمرار التصعيد والحرب التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة وفتحت جبهات كثيرة سواء من جنوب لبنان.. ثم اليمن.. من خلال ضربات جماعة الحوثي.. واضطرابات البحر الأحمر.. وتبادل الضربات بين الجانب الإسرائيلى والأمريكى والبريطانى وجماعة الحوثى وهو ما أثر على حركة الملاحة فى البحر الأحمر.. ثم جبهة العراق وأيضاً الجبهة السورية وهو الأمر الذى ينذر باشعال المنطقة فى ظل حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين التى دخلت شهرها السادس وسط صمت وعجز دولى عن ايقافها وضبابية الموقف الأمريكى الداعم للإجرام الإسرائيلى بالسلاح والمال والمقاتلين.. وأيضاً الدعم السياسى وافساد أى مساع لايقاف الحرب على غزة باستخدام «الفيتو».. وعرقلة كافة الجهود لانقاذ الفلسطينيين فى قطاع غزة.. بالإضافة إلى الدعم الغربى رغم الكارثة الإنسانية التى يعانيها الفلسطينيون ووصول أعداد الشهداء والمصابين إلى ما يزيد على 100 ألف.. الغالبية العظمى منهم من الأطفال والنساء وتمادى جيش الاحتلال فى تدمير وتخريب والقضاء على جميع مظاهر الحياة فى القطاع.. وتدمير الحجر وقتل البشر فالقصف لم يتوقف حتى مع حلول شهر رمضان.. ورغم الفشل الذريع والمستمر لنتنياهو وعصابته فى تحقيق أى هدف سواء القضاء على حماس أو الافراج وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية أو حتى حسم الحرب التى دخلت شهرها السادس.
حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع رئيس الوزراء الهولندى جاء قوياً وواضحاً ووضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.. وجدد التأكيد على حتمية الوقف الفورى لاطلاق النار وإنهاء إسرائيل لأعمالها العدائية.. واعتبار ذلك شرطاً أساسياً لإنهاء الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة وإنهاء مظاهر التصعيد والتوتر فى مختلف أنحاء الإقليم.
رغم الجهود المصرية المتفردة فى انفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء الفلسطينيين إلا ان الحل الوحيد لإنهاء الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة هو وقف اطلاق النار والعدوان الإسرائيلى وحرب الإبادة ضد الفلسطينيين.. فالمعاناة تتفاقم فى ظل استمرار القصف والقتل والتدمير والتخريب الممنهج والموجهة والمعروفة أهدافه.
الرئيس السيسى قال ان ما تمارسه سلطة الاحتلال الإسرائيلى إزاء المدنيين فى قطاع غزة يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولى والقانون الدولى الإنساني.. وهى حقيقة كشفت تناقض العالم.. وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين وما يحدث فى قطاع غزة من إجرام إسرائيلى اسقط شعارات الغرب بحقوق الإنسان والعدل والإنسانية.
حرب الإبادة التى تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين ليست فقط ضد الإنسانية واستهداف الحجر والبشر وتدمير المنشآت والمنازل والبنية التحتية والأساسية وتدمير كامل للمستشفيات والمدارس والجامعات والمخابز ومحطات المياه والكهرباء حتى إذا فكرنا فى هذه اللحظة إعادة إعمار غزة ستحتاج إلى أكثر من 90 مليار دولار كميزانية تقديرية.. وربما هناك المزيد من الدمار والخراب والاجهاز على ما تبقى فى غزة.
ما أريد أن أقوله ان الأمر ليس مجرد عدوان ولكن مخطط كامل ومؤامرة واضحة المعالم وأهداف خبيثة وشيطانية تسعى ثلة من الدول لتحقيقها.. الحرب الصهيونية ليست لمجرد رد فعل أو دفاع عن النفس ولكنها حرب إبادة وعقاب جماعى وراءه أهداف.. الهدف هو إخلاء غزة تماما من الحجر والبشر ان تكون فارغة بلا حياة.. يريدونها لتنفيذ مخطط كامل.. متفق عليه بين قوى الشر وهناك اصرار على تحقيقه.. فعلى مدار أكثر من خمسة أشهر لم يتوقف القتل ولم تتوقف الإبادة والتدمير رغم المحاولات والجهود المستمرة لوقف العدوان واطلاق النار فى ظل دعم أمريكي- غربى مطلق.. وتواطؤ واشنطن وكونها راعية المشروع الشيطانى والأهداف الخبيثة.. ومصالح سواء فى السيطرة على سواحل ومياه غزة والحديث عن وجود كنوز وثروات هائلة من الغاز أو الحديث عن قناة بن جوريون أو الممر الجديد الذى يربط الهند بتل أبيب أو محاولات الاضرار بمصالح الصين فى المنطقة ووأد أحلامها مبكرا فى طريق الحرير وضرب مصالح وابتزاز مصر والمحاولات الفاشلة باخراج قناة السويس من دائرة الأهمية العالمية كأهم شريان ملاحى عالمى أو تحقيق الأوهام والخزعبلات الصهيونية فى التوسع وإقامة إسرائيل الكبري.. والسيطرة على الشرق الأوسط.. وإعادة إنتاج مؤامرة الفوضى الخلاقة ولكن باخراج وآليات جديدة ومحاولات بائسة لتعطيل وافشال وضرب المشروع المصرى لتحقيق التقدم.. وتبوؤ المكانة المرموقة.. ثم أيضاً السيطرة على أهم مناطق العالم.. وايجاد تحالفات من شأنها الحفاظ على النظام العالمى القديم.. وضرب محاولات تشكيل نظام عالمى جديد أى أننا أمام مواجهات بين معسكرين بدت ملامحه على الساحة الأوكرانية حيث الصراع الأمريكي- الغربى من ناحية والروسي- الصينى من ناحية أخري.. وان كانت بكين لا تظهر ذلك بوضوح وبطبيعة الحال هناك قوى أخرى تحسب على المعسكرين.
نحن أمام إصرار أمريكي- صهيونى على تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين مهما كانت التكلفة حتى لو وصل الأمر إلى إبادة الشعب الفلسطيني.. لذلك لا تتعجب من الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل بالمال والسلاح الفتاك والمقاتلين من الضباط والجنود وقيادة عسكرية تدير الحرب وأساطيل وحاملات طائرات ومدمرات وغواصات نووية وصناعة الاضطرابات فى البحر الأحمر لضرب مصالح الآخرين.. فالحقيقة الساطعة أن أمريكا تتعامل مع الشعب الفلسطينى بلا رحمة أو قلب أو إنسانية ولا يغرنك أحاديث المساعدات والحزن على القتلى والنساء والأطفال ولا تفرق معها قانون دولى أو قانون دولى إنسانى فهى من اخترعت وكتبت هذه القوانين.. قانون المصالح هو من يحكم أمريكا فى سياساتها وهى سبب دمار وخراب العالم ومصدر الصراعات والحروب والحرائق وتدمير واسقاط الدول.. المهم ان تستفيد وتحقق أهدافها ومصالحها بل وزرعت مع بريطانيا إسرائيل فى المنطقة من أجل التخلص من صداع اليهود.. ومن أجل صناعة بؤرة سرطانية خبيثة تسعى لتبرير تدخلات أمريكية- غربية واضعاف الدول فى المنطقة.. وإسرائيل هى الابن السفاح والحرام الذى لا يستند على منطق أو حق أو قانون.. فهو ابن الخطيئة الذى ليس له حق فى أى شيء.. بل لا مبرر لوجوده فى الأساس ورغم ذلك يعربد ويرتكب الاجرام ويمارس الإبادة واغتصاب الأراضى والحقوق واحتلال أراضى الآخرين وهدم منازلهم والاستيطان على أرضهم يستند فى ذلك على حماية الأب غير الشرعى أو الأم الساقطة.
أن مصر الشريفة الواضحة صاحبة المواقف الشريفة حذرت ومازالت وآخرها الأربعاء الماضى وأمس الخميس من المخطط الإسرائيلى لجعل الحياة فى قطاع غزة مستحيلة.. وبالفعل هو أمر مقصود ومتعمد.. وإسرائيل تدرك تماما ما تفعل.. هى تريد غزة بلا فلسطينيين بلا حياة.. غزة جزء أساسى من المشروع الصهيو-أمريكى وشركاء من دول أخري.. ولعل الحديث عن الميناء المزعوم ربما هو حلقة جديدة من تفاصيل المؤامرة للسيطرة على المنطقة.
مصر تحذر وبقوة مرارا وتكراراً من مغبة إصرار إسرائيل على تنفيذ مخططها لشن عملية عسكرية برية فى مدينة رفح الفلسطينية وهو أمر خطير للغاية.. يهدد حياة 1.5 مليون نازح فلسطيني.. تتحمل إسرائيل حمايتهم كقوة وسلطة احتلال اغتصبت الأراضى الفلسطينية وفقا لقواعد القانون الدولي.
وحتى نفهم سياق المؤامرة وان إسرائيل تخطط لاستحالة الحياة فى غزة وقتل البشر وتدمير الحجر فى القطاع.. لك ان تتخيل ان الدول الداعمة للكيان الصهيونى قررت تعليق مساهماتها لوكالة «الأونروا» فى ظل المأساة والكارثة الإنسانية.. وسقوط أكثر من 100 ألف شهيد وجريح فلسطينى وحرب إبادة وتجويع وانتشار المجاعة وغياب سبل ومقومات الحياة.. وتعليق مساهمات بعض الدول فى «الأونروا» يتنافى مع كافة الأعراف والقيم الإنسانية.. ويمضى فى سياق ازدواجية المعايير فى التعامل مع حقوق الشعب الفلسطينى.. فلا يعقل ان تعاقب وكالة تتبع الأمم المتحدة لمجرد ان هناك اتهامات لبعض الموظفين العاملين بها فى ظل حاجة الفلسطينيين فى أتون الكارثة والمعاناة الإنسانية للدور الحصرى الذى تقوم به «الأونروا» فى استقبال وتوزيع المساعدات فى غزة.
للأسف الشديد ان ما يحدث فى قطاع غزة من حرب إبادة إسرائيلية ضد الفلسطينيين من قتل وحصار وتجويع وقنص للأطفال والنساء وقصف متواصل للمدنيين الأبرياء.. ثم ما يحدث فى قطاع غزة أمام العالم العاجز من خنق وتضييق واعتقالات واقتحامات وانتهاكات واطلاق العنان لعنف المستوطنين أو من خلال عمليات هدم المنازل وطرد أهلها والاقتحامات العسكرية ومصادرة أراضى الضفة.. لذلك فإن معاناة الشعب الفلسطينى لن تتوقف إلا بالاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة والعمل على تنفيذ حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية.. والحقيقة ان مصر من رسخت هذا المفهوم وبات عنواناً رئيسياً فى أحاديث قادة العالم وكبار المسئولين فيه.. والجميع يرى انه لا أمن ولا استقرار ولا سلام ولا قدرة على ضمان عدم تجدد الصراع إلا بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الحقيقة ان تحذيرات مصر منذ بداية العدوان الصهيونى على قطاع غزة تثبت استباقية الرؤية المصرية وجدواها.
> مصر تحذر من استمرار العدوان حتى لا يتسع نطاق ودائرة الصراع فى المنطقة بما ينذر بحرب شاملة.
وبالفعل ما حذرت منه مصر نراه واقعاً على الأرض.. ومازالت تحذر من استمرار العدوان حتى لا يتسع الصراع وتتحول الأمور إلى حرب شاملة فى المنطقة.
> مصر تحذر أيضاً من مخطط إسرائيلى لجعل الحياة فى غزة مستحيلة وأيضاً تحذر من شن عملية عسكرية أو هجوم برى على مدينة رفح الفلسطينية.. لذلك أرى ان الأمور تتصاعد وتزداد خطورة وتعقيداً وتنذر باتساع الصراع وربما الحرب الشاملة.. وإرادة إنهاء وايقاف العدوان على الفلسطينيين غير موجودة لدى أمريكا قبل إسرائيل.. بل ان استمرار حرب الإبادة (على هوا) واشنطن وتل أبيب وكافة بنود الاتفاق المشين ينفذ بالحرف والحديث عن وجود خلافات غير موجود.. والحديث عن وجود تعاطف حتى مع الأطفال الفلسطينيين غير موجود.
ما يحدث فى قطاع غزة على مدار أكثر من 5 أشهر هو شهادة وفاة للنظام العالمى القديم والقائم وتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير.. وان بقى اجرامه لكنه لم يعد قادراً على خداع الدول والشعوب بشعارات الديمقراطية والحرية والعدل وحقوق الإنسان والحيوان.. وهو نظام لا يبحث إلا عن مصالح قوى الشر الكبرى حتى لو كان المقابل أنهار.. من دماء الدول والشعوب الضعيفة.. بل ومحوها من الوجود.. نظام هو أشبه بالغابة ربما الغابة أكثر رحمة.. بل هو بيت الشيطان.. لذلك قضية الخلاص من هذا النظام ليست بالأمر السهل أو الهين بل هى حرب شرسة ودامية.. ومواجهة طاحنة ومدمرة وربما مهلكة.. هذا النظام العالمى القديم لن يتهاوى أو يسقط أو يستسلم بسهولة.. بل يحتاج تكلفة غير مسبوقة.. لكن المولى- عز وجل- قادر على أن يهلك الطغاة والظالمين.. إنها سنة الحياة.
لكن تبقى المواقف والشرف.. والحقيقة ان (مصر- السيسي) هى النموذج والقدوة صاحبة المواقف الشريفة والمشرفة الثابتة والواضحة دعمت ـ ومازالت ـ الأشقاء الفلسطينيين بكل ما تملك.. وتقدم الغالى والنفيس سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً وإنسانياً ودعماً متعدداً ومتنوعاً ومتفرداً.
يكفى ان يعلن رئيسها العظيم ان مصر لن تتوقف عن العمل من أجل الحقوق المشروعة للفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة.. وتبذل الآن جهوداً متواصلة من أجل انقاذ وإنهاء المعاناة والكارثة الإنسانية فى قطاع غزة بالوقف الفورى لإطلاق النار.
تحيا مصر