نادرا ما ندر ان تأتى الثقافة متناغمة مع امرين؛ الاول هو اتفاقها التام مع توجه الدولة – الرسمي- عندما اعلن رئيس جمهوريتنا الجديدة الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن موقف مصر الداعم – والثابت- لأهالينا واخواننا فى فلسطين ومؤخرًا فى لبنان، فقد أكدت السياسة المصرية دعم مصر المطلق لحقوق الشعب الفلسطينى ورفضنا الاعتداء على الإنسانية والأرض فى فلسطين ثم لبنان، والأمر الثانى الذى صادفت تطابقه مع الثقافة كان اتفاق الثقافة مع الوجدان العام للجمهور المصرى والحس الشعبى المؤيد أيضاً لفلسطين ولبنان، كم كانت المسافات بعيدة وشاسعة بين ما تقدمه الثقافة وما يتصدر توجيهات الدولة المصرية وأيضاً وما يموج به الوجدان الشعبي، حتى اننا كنا نستشعر انها لم تكن ثقافتنا المعبرة عن دولتنا وشعبنا فى معظم أحوالها، إنما ان يأتى مهرجان القاهرة الدولى السينمائى بهذا المعنى والمبنى المتطابقين والمتشابهين مع موقف مصر الرسمى والشعبى هذا أمر يستحق الاهتمام والملاحظة، فربما كان فى هذا المهرجان رسائل ودلالات تستحق الفحص والتبصر.
أولها؛ بدأ من إرجاء إقامة المهرجان فى العام الماضى نوفمبر 2023 بقرار من وزير الثقافة السابقة الفنانة الدكتورة نيفين الكيلانى لأن توقيته كان مواكباً لأحداث القتل «الاستشهاد» لأطفال ونساء وشيوخ وعجائز وشباب ورجال فلسطين «العزل»، وبالطبع كانت المهرجانات التى تنكر «استشهاد» هؤلاء الأبرياء وتصر على تنفيذ مجرياتها وإقامة فعالياتها خارج الحد الجغرافى والسياسى المصرى «قريبا أو بعيداً» تفتقد أهم مضامين الثقافة وهى القيم الإنسانية ومباديء العروبة، لكننا – والحمد لله- جاء قرار الإرجاء من وزيرة الثقافة موافقا لموقف الدولة المصرية وتوجه شعبها، وحزنت مصر على شهداء العروبة.
رغم ثقل ومكانة مهرجان القاهرة الدولى السينمائى الذى يمتد فى تاريخ المهرجانات ليتصدر مصاف زمرة الأوائل منذ «45» عاماً ورغم ان إتاحة المنافسة.
السينمائية عربياً وافريقيا ودولياً فى هذا المهرجان ما يعطى الفرصة الأكبر لهؤلاء الذين يسعون بجد وكد فى صناعة السينما والاستثمار فيها على مستوى الدوائر العربية والافريقية والإقليمية فجمهور مصر واع ويمتلك ذائقة فنية قلماً يجدها منتجو السينما ومستثمروها لدى شعوب بلدان أخري، فمصر قد صنعت السينما بعد فرنسا مباشرة بأيام معدودة من عرض فيلماً صامتاً للأخوين «لوميير» ديسمبر 1895 فى الصالون الهندى بمقهى «الجراند كافيه» بشارع كابوسين بباريس ، ولم تمر سوى أيام معدودات حتى عرضت مصر فيلمها الأول فى مقهى «زواني» بالإسكندرية فى يناير 1896 ثم فى 28 يناير 1896 فى سينما «سانتي»كان أول عرض سينمائى بالقاهرة، فالعرض السينمائى الثالث فى بورسعيد عام 1898.
افتتحت أول سينما لـ»لوميير» بالإسكندرية فى منتصف يناير 1897 وحصل على حق الامتياز «هنرى ديللوسترولوجو» ليقدم عروضه السينمائية بين بورصة طوسون وتياتروالهمبرا، ووصل إلى الإسكندرية المصور الأول لدار لوميير «بروميو» وقام بتصوير «ميدان القناصل» بالإسكندرية وميدان محمد على وهكذا كان أول تصوير سينمائى لبعض المناظر المصرية وتم عرضها بدار سينما لوميير، واعتبر 20 يونيو 1907 هو بداية الإنتاج السينمائى المصري.
حتى ظهور أول فيلم روائى فلم 1917 من إنتاج الشركة السينمائية الإيطالية – المصرية وهو فيلم «الشرف البدوي» وتلاه فيلم «الأزهار القاتلة»… وهنا كان بداية ظهور الإخراج والتمثيل المصرى من نصيب محمد كريم.
ومنذ هذا التاريخ وحتى 2017 قدمت السينما المصرية أكثر من أربعة آلاف فيلم هى الرصيد الحقيقى للدراما السينمائية ليست المصرية إنما العربية أيضاً «!».
ولأن القاعدة الذهبية فى الفن تقول؛ «يجب ان يستمر العرض».
وللحديث بقية