حينما نطالع مكنون مهارات القرن الحادى والعشرين نجد أنها تمثل الإطار العام الذى يتطلبه سوق العمل على المستويين المحلى والدولي، حيث يصعب أن ترصد تقدمًا ملموسًا فى صناعة أو زراعة أو أى عمل تقنى بعيدًا عن شعور عميق بالمسئولية لدى من ينخرط فى الميدان، ومن ثم يصبح مؤهلاً لأن يواجه التحديات، أو المشكلات، أو العقبات ويعمل على حلها، كما نجد أن التعاون بات سمة غالبة فى إنجاز المهام، إذ تشاهد صورة العمل فى فريق بصورة منظمة مبهرة.
والتوحد تجاه تحقيق الهدف يخلق دافعًا لدى الفرد فى أن يطالع كل جديد فى مجاله، فما تفرزه التكنولوجيا المعلوماتية أضحى مثل النهر الجاري، ومن ثم يعد التجديد شرطًا لبلوغ عتبة التقدم والرقى والازدهار فى أى مجال من المجالات، وهذا بالطبع لا ينفك عن ممارسة وظيفية لأنماط التفكير المختلفة من سبر وابتكار وإبداع وتنظيم ونقد فى صورة فردية وجماعية، وهنا نرصد حالة متفردة من التواصل الفكرى والتواصل الفعال بين الأفراد والمجموعات، فالجميع يضع فى حسبانه ووجدانه أن الريادة والتنافسية مرهونة بجديد ما نقدمه من نتاج مميز.. وفى خضم السيطرة التقنية التى غزت مفردات الحياة بأكملها، نوقن أنه لا مناص عن امتلاك المهارات التقنية التى تسهم فى زيادة مقدرتنا على توظيف الأجهزة الرقمية، فقد باتت أدوات الذكاء الاصطناعى سلاحاً ذا حدين، فإما أن نوظفها بصورة إيجابية وآمنة تحقق الغايات المنشودة، وإما أن نعزز من استخداماتها السلبية التى تؤثر على كافة ممارساتنا الحياتية والتعليمية والعملية.. وهنا يتوجب أن نحدث توعية مقصودة لدى جيل أضحى يمتلك قوة العصر وسلاحه الفتاك، وهذه التوعية دون مواربة تقوم على تعضيد للنسق القيمى النبيل الذى يحيى فى وجدانه الأمانة والصدق والشرف والمحبة والتعايش السلمى والإيثار والتكافل والتعاون والترابط وغير ذلك مما يجعله إيجابيًا قادرًا على النهضة والبناء لديه أهداف واضحة لا يحيد عنها وفق تدفقات الهوى والجموح المخالف للمعتقد الوسطي، بما يحفظ علينا مقاصد شرعيتنا، ويحقق فلسفة الوجود التى من أجلها خلقنا.
وثمة ضرورة حيال تقبلنا لكل ما هو جديد خاصة الذى صار واقعًا لا بديل ولا منزع عنه، وهنا ندرك أهمية اكتساب مهارات المرونة والتكيف والتغيير، حيث إنها مهارات متفردة يتوجب أن يعى أهميتها الإنسان فى تلك الحقبة المليئة بزخم التغيرات والتقلبات والتموجات اللا متناهية، وهذا بالطبع يساعده فى تقبل كل ما يطرأ على الساحة من وظائف جديدة للتقنية، أو حداثة تستدعيها طبيعة العمل فى أى مجال ووفق طبيعة المرحلة.
وفى هذا الإطار علينا أن نعى ضرورة تبنى فلسفات تعليمية تتواكب مع مهارات السوق والتسويق خاصة المتقدمة منها فى مجالاتنا المختلفة، فالمتعلم الذى هو خريج الغد ينبغى أن يمتلك المرونة وخاصة فيما يتعلق بمهارات التفكير العليا، إذ يمكنه أن يدير مختلف المواقف ويتجاوز الصعاب التى قد تعترض طريقه، ومن ثم يستطيع تقبل ما نصفه بالطارئ أو غير المتوقع، فى مقابل أن يحدث نتائج مميزة فى ضوء ما يتخذه من قرارات فى المواقف الصعبة والمعتادة على السواء.
نود الإشارة إلى أن ما عرجنا إليه من مهارات سوقية تسويقية متقدمة، إنما تشكل جزءًا من مصفوفة كبري، لكن المراد من تناولها الوقوف على أهميتها فى صورتها الكلية التى يصعب أن نستعرضها فى هذا المقام، لكن تعالوا بنا نؤكد أن هذه المهارات تجعل من يكتسبها قادرًا على التحمل، فلا مجال للاستسلام لديه، ومن ثم يعمل بكامل طاقته أى بجد واجتهاد واستمرارية ومثابرة تجاه بلوغ الهدف، لذا نوسمه بالإيجابية.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.