إذا أردت أن تطلع على قرار صدر من إحدى الجهات الرسمية أو قانون تم تغييره وتعديله فعليك أن تبحث فى الجريدة الرسمية والوقائع المصرية فهما الجريدتان المعنيتان بنشر كل ذلك والوقائع المصرية هى أول صحيفة مصرية وأول صحيفة عربية فى الشرق الاوسط، أسست عام 1828 بأمر من محمد على باشا حيث كانت تصدر باللغة التركية العثمانية فى البداية لتنشر بعد ذلك باللغة العربية وقد صدر عددها الأول، فى 3 ديسمبر والطريف أنه كان يتم توزيعها على موظفى الدولة وضباط الجيش وطلاب البعثات وذلك تقليداً لما كان يحدث فى أوروبا فى تلك الفترة من الزمن. وإذا كانت حالياً تعتبر مرجعاً للقرارات والقوانين المصرية حيث يتم حفظ جميع أعدادها بدار الوثائق المصرية فقد عرف الشعب المصرى أول جريدة قبلها عندما ظهرت فكرتها بجهد من الحملة الفرنسية وكانت تسمى جريدة بريد مصر وصدرت باللغة الفرنسية عام 1798 بأربع صفحات فقط، وكانت تحتوى على الحوادث اليومية بالإضافة لأنباء دواوينهم وأماكن أحكامهم وحفلات الجيش ومع جلاء الحملة الفرنسية واستقرار الأوضاع فى مصر بدأت فكرة وجود الصحافة وأنشأت مطبعة بولاق كأول مطبعة للحكومة المصرية وأنشأ محمد على جريدة الوقائع واعتبرها جريدة الحكومة الرسمية وأوصى بتوزيعها ونشرها على أعلى مستوى وذلك لإعجابه بالصحف الغربية ورغبته فى التعرف على أخبار الداخل والخارج. وقد فكر فى طريقة توسيع انتشارها فى مصر وعند جميع طبقات الشعب فاتجه إلى طلاب العلم الذين كانت لديهم مكانة كبيرة عند الحكومة فأصدر قراراً ان توزع عليهم بالمجان، وفى نفس الوقت الزم الموظفين الذين يتقاضون ألف قرش راتباً شهرياً بقراءتها وبعد أن اطمأن على توزيعها بدأ فى مرحلة جديدة وهى التركيز على إدارتها والعاملين بها من محررين ومترجمين والعمال كما فرض على موظفيه من الأجانب والوطنيين نشر المقالات الهامة بها. ولم يكن للجريدة ميعاد ثابت للإصدار فأحياناً كانت مرة واحدة وفى أوقات اخرى ثلاث مرات فى الأسبوع إلا أن العدد الثانى منها صدر بعد الاول بـ 14 يوماً . وقد طبعت الوقائع فى البداية بمطابع بولاق حتى العدد 535 الصادر فى 15 يونيه 1833 ثم فى مطبعة الوقائع بالقلعة لستة أعداد فقط لتعود مرة أخرى لمطبعة بولاق حتى عهد سعيد باشا. أما اسم الجريدة فقد كان يكتب فى رأس الصفحة الاولى على اليمين وعلى يسار الاسم رسم أصيص زرع لشجرة القطن وتغير فى العدد الثامن عشر ليحتل مكانه رمز الهرم ومن خلفه الشمس. وظلت الجريدة تنتقل من عهد لآخر حاملة بصمات كل وقت خاصة عندما تولى رئاسة تحريرها رفاعة الطهطاوى عام 1842 وكان له العديد من الإنجازات لعل اهمها اعتماد اللغة العربية كأساس للجريدة على أن تصبح التركية هى ترجمة للموضوعات فقط. وعندما تولى محمد سعيد باشا حكم مصر بدأ فى وضع قواعد لها وارتفع سعرها ليصبح 120 قرشاً فى السنة وليعين الشيخ أحمد عبدالرحيم المحرر الأول لها. وقد تولى الشيخ محمد عبده رئاسة الوقائع المصرية عام 1880 وأصبحت تصدر يومياً ما عدا يوم الجمعة واعتبر العصر الذهبى للجريدة تلك الفترة التى تولاها فيها محمد عبده حيث حرص على ان يكون أسلوب الكتابة فيها اللغة العربية الفصيحة كما ادخل لأول مرة فيها نظام الإعلان وأصبحت الجريدة مدرسة لها أساتذتها وتلاميذها فى كل فترة من الزمن وكان سعد زغلول من أبرز هؤلاء الذين تتلمذوا على يد محمد عبده وأصبح كاتباً وأديباً وسياسياً من أبرز زعماء مصر. وفى عام 1918 اصبح تحت كلمة الوقائع المصرية تاج داخله علم مصر وكتب تحته جريدة رسمية للحكومة المصرية وأصبحت التعليمات الخاصة بالاشتراكات ونشر الإعلانات فى الصفحة الأخيرة بدلاً من كتابتها على الجانبين الأيمن والأيسر قبل ذلك التاريخ. وفى فترة من الفترات عام 1912 كانت تصدر أعداد غير اعتيادية أيام الأحد والخميس علاوة على الاعداد الدورية والتى كانت تصدر بشكل اعتيادي. وهكذا انتقلت أول جريدة عرفها المصريون من عهد لآخر ومن إدارة لأخرى لتحكى تاريخ مصر مع الصحافة الورقية ومع القوانين والقرارات الرسمية.