كان ينتظرها المصريون بشغف.. ويتابعون خطوط انتاجها والجديد منها سنوياً.. كانت تخرج عليهم بماركات حديثة تتلاءم مع ظروفهم المادية وظلت توفى بالتزاماتها منذ بدء الانتاج عام 1960 وحتى توقفت لعوامل كثيرة أهمها دخول منافسين جدد السوق المصرية بإمكانيات أغرت المستهلكين.. وخطفت الكثير من الزبائن لوجود امكانيات لم يعتد عليها المهتمون بهذه الصناعة.. ولكن بعد توقف دام 15 عاماً كانت المفاجأة.
المفاجأة التى اثلجت صدور المصريين.. هى عودة شركة النصر للسيارات إلى الانتاج ثانية لتلبية احتياجات المواطنين وتوفير سيارات بمواصفات قياسية حديثة تتوافق مع الحداثة فى تكنولوجيا السيارات.. فقبل أيام فاجأنا رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى باخبار سارة ألا وهى توقيع عقد تأسيس شركة مساهمة بين شركة النصر للسيارات وشركتى «ترون تكنولوجي» السنغافورية التايوانية «أيور ترانزيت» «الاماراتية» لتصنيع أول مينى باص كهربائي.. ليس هذا فقط بل وعد بعودة قوية لاسطورة السيارات المصرية وطرح أول سيارة ملاكى مايو القادم.
واصفاً ذلك بالعيد والنصر لقلعة صناعية مهمة.. الحقيقة عودة شركة النصر انطلاقة جديدة فى صناعة كافة أنواع الطرازات للسيارات وإعادة الريادة للشركة التى كان يتهافت على انتاجها مئات الآلاف من المواطنين سنوياً وكنا نشاهد طرازاتها المتنوعة تجوب شوارع المحروسة.. وكانت لمتانتها ولرخصها تداعب أحلام الكثيرين وأنا واحد منهم.. خاصة كانت تتيح نظام التقسيط.
صراحة على مدى سنوات إنتاجها استطاعت شركة النصر تحقيق مكانة كبيرة فى الشرق الأوسط حيث كانت أيام الستينيات والسبعينيات بالذات قبلة المواطنين ومن أحلامهم.. وصار من المألوف رؤية تلك السيارات بطرازاتها المتنوعة مثل فلوريدا والفيورا والنصر 1100 و128 و124 و125 و127 وغيرها من الشراكة مع فيات الايطالية بطرازاتها المتنوعة وهى تجوب الشوارع إلى ان بدأت اجراءات التصفية للشركة فى نوفمبر 2009 لوصول مديونياتها إلى المليار جنيه وتقلص عدد العمالة المدربة من 10 آلاف عامل إلى 300 فقط الأمر الذى اضطرت فيه الحكومة إلى اصدار قرار بدمجها مع الشركة الهندسية لصناعة السيارات لإنشاء كيان متخصص فى صناعة السيارات الكهربائية.
مازالت اتذكر الاعلانات الكثيرة بالصحـــف ومنها اعلان لفت نظرى عام 1962 قرأته مصادفة قبل بضــــعة أيام مفاده فتح باب الحجـز للسيارة نصر سعة 1300 سى سى والنصر 2300 اعتبـــاراً من 24 مارس بمقدم 270 جنيــــه للأولـــى و504 جنيه للثانية و210 جنيه للنصر 1100 سى سى وان التسليم اعتباراً من 23 يوليو بنفس العام بمناسبة العيد العاشر للثورة 23 يوليو المباركة.. وان المطـروح 700 ســيارة من كـل طــــراز ولفـت نظـرى ايضــــاً ان الســــعر نقـــداً 700 و900 و1680 جنيهاً لكل طراز وهو بمقاييس هذا الزمان لا تساوى شيئاً ولكنها فى الأيام الخالية كانت تساوى الكثير.. لأن الرواتب وقتها كانت تتراوح للموظفين ما بين 4 جنيهات إلى 15 جنيهاً تقريباً، لذا كانت الاسعار تتناسب مع الأجور وايضاً كانت الشركات الموزعة تطرح السيارة بالتقسيط وبالمقدمات التى ذكرناها.
ولكن للأسف بعد دخول شركات منافسة لما تطرحه النصر للسيارات بدأ الاقبال يقل عليها خاصة فى الثمانينيات وبعد الانفتاح الاقتصادى الذى شهدته مصر حيث معه بدأت الرواتب والأجور تزداد وبدأت الأنظار تتجه نحو الطرازات التى تنتجها اليابان وفرنسا وكوريا وغيرها لأنها كانت تتماشى مع امكانيات شرائح كثيرة فى المجتمع المصرى ولأن الشركات المصنعة بدأت فى عمليات التحديث المواكبة للعصر وبأفكار جديدة وتقنيات أحدث مما أثر بالسلب على شركة النصر.
وعموماً تأتى هذه الخطوة الهامة فى إطار توجه الدولة نحو دعم الصناعة الوطنية وتوطين صناعة تكنولوجيا السيارات وتعظيم نسبة المكون المحلى فى المنتجات والالتزام بمعايير الجودة وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والعمل على مواكبة التطور العالمى وان كنت اتمنى زيادة المكون المحلى إلى 70٪ واتمنى كذلك ان تتجه الدولة إلى صناعة الموتور الذى هو قلب وعقل السيارة والذى بدونه لا وجود أصلاًَ للسيارة وهذا ما أقبلت عليه ونجحت فيه بعض الدول مثل ماليزيا وكوريا وتركيا وصارت لها مواتير خاصة بسياراتها بعد الاعتماد لفترات على المواتير اليابانية والايطالية والأمريكية والألمانية لأنها كانت السباقة والرائدة فى عالم السيارات.
الحقيقة.. لو تمكنا وهذا ليس بصعب المنال.. من تصنيع مواتير خاصة بنا سنتمكن من اللحاق بالركب العالمى فى مجال السيارات خاصة ونحن نمتلك الخبرات والكوادر البشرية وسنقلل من عمليات الاستيراد للمواتير أو الدخول فى شراكات مع الشركات المصنعة لها ليس هذا فقط وإنما الاهتمام بتصنيع مكونات وكماليات السيارات وتشجيع الشركات الخاصة المحلية للدخول فى هذا المجال لأن هذا سيوفر الملايين من العملات الاجنبية الصعبة فى الاستيراد وهذا سيجعلنا ندخل فى عمليات التصدير للخارج تماماً مثلما فعلنا ذلك وبجدارة فى صناعة المنسوجات والأقطان.
يقينى انه بالارادة السياسية وبالعقول المستنيرة وبالايادى المصرية المدربة سيتم اقتحام هذا السوق بقوة ويقينى ايضاً بأن شركة النصر ستخرج علينا بطرازات حديثة لا تقل عن غيرها من المنافسين وسنتفاجأ بسيارات رائعة قادرة على المنافسة تذكرنا بما كان يحدث من إقبال على اقتناء سيارات شركة النصر والحجز مسبقاً للحصول عليها وعودة الشركة إلى ريادتها وذكرياتها أيام زمان..فقد سبق ان اقتحمنا مجالات كثيرة ونجحنا فيها ويقينى ايضاً ان عودة الروح لشركة النصر للسيارات سيعقبها إعادة لصناعات ثقيلة اخرى مثل الحديد والصلب مثلما حدث لشركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى التى ننتظر افتتاح التطوير فيها قريباً.. لنخرج من نصر إلى نصر آخر.
.. وأخيراً:
> بدأ التهافت على عروض الجمعة السوداء أو البيضاء كما يحلو للبعض تسميتها.. فهل هناك رقابة؟! أتمني.
> بدء فتح باب التقدم للحج.. اللهم اكتبها لنا ولكل المشتاقين لزيارة بيت الله الحرام والمسجد النبوي.