فكرت طويلاً فى هذا المقال واضمنه خطاباً موجهاً إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ دخوله البيت الأبيض قبل نحو أسبوعين.. واعتذر أننى اكتبه بنفس عنوان الكاتب الكبير عبدالرحمن الشرقاوى الذى كتب مقالاً مماثلاً للرئيس الأمريكى «هارى ترومان».. وجدت أن هذه الطريقة التى تصل إلى الشارع الأمريكى من خلال مقال موجه إلى رئيس أكبر دولة فى العالم.. وشجعنى أن الصحافة الأمريكية بها مساحة من الحرية وما تتيحه الصحافة المصرية من مساحة صريحة ووضوح.
.. يا سيدى الرئيس:
إن القضية الفلسطينية لها مساحة أساسية ومركزية فى ذهن كل مواطن عربى لأنه عاش على حقيقتها منذ تأسيس دولة إسرائيل فى 15 مايو 1948.. وكل مصرى حفظ القضية عن ظهر قلب لأن أبناء مصر وبسببها عاشوا مع أبناء فلسطين آلامها مع النكبة الأولى وعاشوا معها صراعاً طويلاً فى حروب 1956 التى عرفت بحرب السويس بعد تأميم القناة ونكسة 1967 التى يسميها الإعلام الأمريكى حرب الأيام الستة وحرب الاستنزاف التى على أثرها وبطلب إسرائيل قدم وزير خارجيتكم فى ذلك الوقت مبادرة «روجرز» والتى عرفت إعلامياً باسمه ووافق عليها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. وبعدها فشلت المبادرة.. ثم قامت حرب 1973 وحقق أبناء مصر انتصارهم ولأن مصر دولة سلام قبلت قرار مجلس الأمن بوقف الحرب بعد نحو 18 يوماً ودخل وزير خارجيتكم الراحل الذى أرى أنه أكفأ وزراء الخارجية فى الدهاء السياسى كسينجر وتم أول اتصال لوقف إطلاق النار ومباحثات الكيلو 101 وفك الاشتباك بعد «ثغرة» الدفرسوار.. وفى عام 77 قام الرئيس السادات بزيارته لإسرائيل ــ ظناً أن إسرائيل تصغى للسلام العادل ــ وتم توقيع أول معاهدة للسلام فى كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكى الراحل كارتر مع السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن.. ثم جاءت عملية طابا وعادت طابا لمصر بعد الانسحاب من سيناء كما جاء فى المعاهدة.
وجاء بعد ذلك انتفاضات فلسطينية كثيرة فى غزة ونابلس والقدس والخليل قبل اتفاقات أوسلو وعادت بعدها السلطة بعد مؤتمر مدريد للسلام فى عهد الرئيس جورج بوش الأب.. وبحسب اتفاقات السلام ظن الشارع العربى أن التعايش سيكون سهلاً لكن حكام إسرائيل على مدى التاريخ ينقضون العهد والوعد.. ودخلت القضية فى دهاليز كثيرة وكل عدة أعوام تحدث انتفاضة وهجوم إسرائيلى ودمار ونعود إلى مربع الخذلان للوعود والقرارات الأممية وجاءت عملية طوفان الأقصى ومئات الآلاف من الشهداء والمصابين على مدى 15 شهراً وفشلت البنادق والآلة العسكرية التى أمد بها الغرب لإسرائيل فى تحرير الأسري.. إن تصريحاتكم الأخيرة تؤجج الضمير المصرى والعربى وتعقد حل القضية.. لأنها تمس أولاً قضية العرب الأولى وثانياً تمس السيادة الوطنية وهذا ما لن يسمح به أحد.. إن ما طرحه الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الطريق الأفضل للسلام وشعب مصر بكل فئاته ومكوناته يقف وراءه مؤيداً ومعضداً لحماية أرض مصر من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وعلى الأرض الفلسطينية.
سيدى الرئيس:
إن الـ 110 ملايين مصرى الذين يعيشون على أرض الكنانة كلهم وراء رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى وهى لا تهجير للفلسطينيين ولا حل على حساب دول أخرى وأن الحل هو حل الدولتين.
وأؤكد لسيادتكم أننا جميعاً كمصريين نسعى للسلام والحل السلمى هو الأفضل.. وسيكتب التاريخ لكم فى حال الحل العادل الذى ينظر لحقوق الشعب الفلسطينى وأيضاً الشعب الإسرائيلى لأن حل الدولتين هو الذى سيجعل التاريخ يذكرك فى صفحاته ويقودك أن تكون داعية سلام وعدل وصاحب جوائز السلام العالمية.
هذه رسالة مواطن صحفى وفلاح مصرى عاش فى ريف مصر وقابل ٣ من رؤساء أمريكا آخرهم الرئيس جورج بوش وقبله الرئيسان كارتر ونيكسون.. مصر دولة سلام لكن شعب مصر إذا تحرك فلن يقف أمامه أحد فنحن شعب لديه وعى بقضايانا القومية ورؤيتنا فى حقوق شعب فلسطين واحترامنا لدفاعه عن تراب وطنه.. إن رسالة السلام تبدأ بإيقاف الحرب ومنح الفرص للإعمار وفتح مسار السلام العادل.
إن بيان الخارجية المصرية الخميس الماضى عبر ما يجيش بصدر كل مصرى فى الداخل والخارج.. وأرجو أن تراجع مقترحك سيدى الرئيس ترامب.